صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المَشهدُ الاقتصاديّ في ٢٠١٨

مع نهاية هذا العام المليء بالأحداث الاقتصاديّة الاستثنائيّة ارتفعت مُعدّلات البطالة إلى مُستويات غير مسبوقة على الإطلاق ١٨.٦بالمئة

تنتهي سنة ٢٠١٨ وفيها من الأحداثِ الاقتصاديّة التي جَعَلتها سنة استثنائيّة بامتياز، وأن كان لها امتدادات من الأعوام السابقة، لكن ما حَدَثَ فعلاً على أرض الواقع كان مُختلفاً عن سابقيه.

في هذه السنة كان هُناك حكومتين: حكومة المُلقي التي رحلت في منتصف العام، وحكومة الرزاز التي خَلَفتها، والمانع بين الحكومتين أنهما كانا يؤكدان في خِطابِهما الإعلاميّ على تراجع الرهن الخارجيّ للأردن، لكن المُحصلة الحقيقيّة، هو أن المِنح الخارجيّة ارتفعت في الموازنة إلى ٩٥٠ مليون دينار، وهو رقم كبير فعليّاً مُقارنة عما جرى تقديره في قانون الموازنة العامة والبالغة حينها ٧٧٧ مليون دينار، بمعنى أن المُساعدات جاءت أكثر من المُقدّر بكثير، ولولا تلك المُساعدات فعليّاً لكان الاقتصاد في وضع صعب للغاية.

سنة ٢٠١٨ استمرت الحُكومة بتنفيذ بنود اتفاق صندوق النقد الدوليّ الذي دَخَلَ عامه الثاني، وهذه الإجراءات تهدف لتحصيل ٥٢٠ مليون دينار، وشملت رفع النسب الضَريبيّة على عدد من السِلع والخدمات، لكن للأسف نتيجة بقاء مُعدّلات النمو على حالتها المُتباطئة، كانت المُحصلة للإيرادات العامة فيها تراجع بِمقدار حوالي ٧٠٠ مليون دينار عما هو مُقدّر في موازنة ٢٠١٨.

إلا أن تطورات المشهد الاقتصاديّ في عام ٢٠١٨ تجلت بِمُظاهرات أيار الماضي على الدوار الرابع والتي قادتها في البدايات الأولى النقابات المهنيّة لِتنضم إليها بعد ذلك أطياف وفعاليّات مُختلفة من المجتمع شَكّلت ولأول مرة في تاريخ الأردن تحولاَ جذريّا في شكل المُظاهرات والتي طالبت برحيل حُكومة المُلقي التي كانت تقدمت بمشروع قانون جديد لضريبة الدخل لمجلس النوّاب، اشعل فتيل الاحتقان الشعبيّ على كافة مُستوياته مما أدى في النهاية إلى رحيل حُكومة المُلقي لتخلفها حكومة الرزاز التي كان سقف التوقعات الشعبيّة بها عاليا جداً، لكنه اصطدم بواقع التشكّيل الحكوميّ الذي رأى الشّارع فيه تحدّياً لرغباته وتطلعاته التي كانت ممثلة باحتجاجات الرابع.

أولى تحدّيات حُكومة الرزاز الجديدة هو سحب قانون مشروع قانون الضَريبة السابق وإعداد اخر جديد، والمُهمة لم تكّن سهلة على الإطلاق، فالشّارع في حالة رفض تام لقانون الضَريبة في ظل الأوضاع الراهنة، وفعلاً بدأت المهمة الصعبة في إدارة الحِوار حول شكّل القانون الجديد، ونستطيع القول أن الحُكومة بالتعاون مع مجلس النوّاب نجحوا بإقرار شكلٍ جديد لقانون الضريبة بعد سلسلة مطولة من المُحادثات مع كافة الجهات المعنيّة في البلاد، لكن يبقى التحديّ الأكبر هو الوصول إلى الأهداف التي يتطلع إليها رأس السياسة الاقتصاديّة من القانون في سنة ٢٠١٩ .

مع كُلّ الأحداث السابقة بقيت مُعدّلات النمو الاقتصاديّ على حالتها دون أيّ تطور ٢.١ بالمئة، وهي مُعدّلات نمو بطيئة لا تلبس الحدّ الأدنى من مُتطلبات التنميّة، ولا ننسى أن أسعار النفط العالميّة بقيت على اتجاهها المُتراجع، ورغم ذلك لمّ تحسن الحُكومات توظيف هذا الانخفاض في أطفاء خسائر شركة الكهرباء من جهة، وانعكاس ذلك على الأمن المعيشيّ للمواطنين من جهة أخرى.

حتى افتتاح معبر طريبيل الحدوديّ مع العراق في شهر نيسان الماضيّ لمّ يأتي بجديد على نمو الصادرات الوطنيّة التي بقيت هي الأخرى في مستوياتها المُتواضع نتيجة القيود الماليّة التي فُرضت على السِلع الاردنيّة، ورغم الوعود المُتكررة للمسؤولين العراقيين لمعالجة الأمر إلا أن النتائج على ما هي عليه، ويأمل القطاع الخاص أن تشهد السنة الجديدة انفراجاً حقيقيّا في هذا الأمر.

أما القضية الأكثر قلقاً على صعيد الوضع الماليّ هو المديونيّة التي بقيت على مستوياتها المُرتفعة ولم يطرأ عليها أيّ تغيير واستقرت عند مستوى ٢٨.٤ مليار دينار، أو ما تشكّل ما نسبته ٩٦ بالمئة من الناتج المحليّ الإجماليّ، وهي نسب مُقلقة تستنزف موارد الدولة وتحدّ من قدرتها على مواجهة تحدّيات وأعباء التنمية.

مع نهاية هذا العام المليء بالأحداث الاقتصاديّة الاستثنائيّة ارتفعت مُعدّلات البطالة إلى مُستويات غير مسبوقة على الإطلاق ١٨.٦بالمئة، وهي مُعدّلات تُدلّل على أن التحديّ الأكبر في العام المقبل هو تنامي إعداد المُتعطلين عن العمل.

Salamah[email protected]

 

التعليقات مغلقة.