صحيفة الكترونية اردنية شاملة

توفر الإرادة السياسية لإصلاح التعليم العالي

شكل التعليم العالي خلال العقود الماضية رافعة أساسية للتقدم والتنمية المستدامة في الأردن ، وكان من القطاعات الناجحة التي تميز بها الأردن في الإقليم، لكن خلال السنوات الماضية واجه هذا القطاع تحديات جدية ، دفعت رأس الدولة جلالة الملك للإعتراف بالورقة النقاشية السابعة بوجود أزمة في هذا القطاع المهم في بناء الدولة وتحديثها ، ودعت الورقة الى البدء فورا بإصلاح التعليم العالي ومواجهة التحديات والمصاعب التي تواجهه، حيث لا يمكن الإنتظار والتأجيل ، مع الإشارة الى أن هناك عجز واضح في تحويل الرؤى والإستراتيجيات وعشرات الدراسات الى سياسة عملية قابلة للتطبيق وتتماشى مع الواقع الأردني ، لأن التنظير لإصلاح التعليم العالي يختلف تماما عن تجسيد ذلك على أرض الواقع .
وتعتبر دعوة جلالة الملك لإصلاح التعليم العالي بمثابة إرادة سياسية للقيام بهذه المهمة ، ويتطلب تنفيذها وجود قيادة حكومية وتربوية وأكاديمية متميزة وجريئة ولديها الخبرة والتجربة والإرادة ، وهي الآن متوفرة بإسناد هذه المهمة لمعالي الدكتور وليد المعاني المشهود له في الأوساط الأكاديمية والحكومية بالنزاهة وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .
ومن المؤكد بأن الوزير سيواجه مقاومة شديدة وتحديات كبيرة لتنفيذ رؤيته الإصلاحية من لوبيات التعليم العالي والجامعات الخاصة ومن مؤسسات سيادية ومن البرلمان وجهات إجتماعية متنفذة وحملات مواقع التواصل الإجتماعي ، إلا أننا نثق بإمكانات الوزير وإصراره وعناده للسير قدما في إنقاذ التعليم العالي ووضعه على الطريق الصحيح .
فقد شهدت السنوات الأخيرة تدخلات متعددة المستويات من جهات (سيادية وأمنية وحكومية ونيابية ) في أوضاع الجامعات وأثرت سلبا على عملها واستقلاليتها ، وألحق الضرر بكفاءة الأداء الأكاديمي والإداري ، وأدت الى صعود بعض القيادات الأكاديمية الضعيفة وغير المؤهلة، مما ساهم في تراجع نوعية المخرجات وهدر موارد الجامعات وحدوث صراعات بين القيادات الأكاديمية داخل كل جامعة .
ولمعالجة ذلك يتطلب العمل على ترسيخ الإستقلالية النسبية للجامعات أكاديميا وماليا وإداريا ، من خلال :
1. تفعيل دور مجالس الأمناء التي تعاني من إشكالية الصلاحيات وعدم وضوح المعايير بإختيار رؤساء وأعضاء المجالس . وهذا يتطلب إيجاد آلية جديدة في إختيار هؤلاء من ذوي الخبرة والكفاءة وليس بهدف التنفيع والواسطة ، مع الإشارة الى المشكلات التي ظهرت في تشكيل مجالس الأمناء الأخيرة وكثرة التدخلات وفرض عدد من الأسماء غير المؤهلة وبعضهم لا يحمل الشهادات الجامعية المناسبة ،مما إضطرهم للتراجع عن بعض الأسماء وتعيين أخرين . علما بأن دور مجالس الأمناء مهم جدا وهو مكلف بالإشراف والرقابة ومتابعة نشاطات الجامعة المختلفة وتقييم أداء رئيس الجامعة والتنسيب بمرشحين لرئاسة الجامعة .
2. إيجاد آلية جديدة في إختيار رؤساء الجامعات ،حيث أن شخصية الرئيس الإدارية والأكاديمية تلعب دورا في نجاح الجامعة التي يديرها ، إذ أن مشكلة التراجع في الأداء تعود لأسباب إدارية بالدرجة الأولى .

والله من وراء القصد

التعليقات مغلقة.