صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خواطر و تحليل درامي عن فيلم في شقة مصر الجديدة الجزء الثاني

في شقة مصر الجديدة حدد القدر مصير خمسة اشخاص تجمعهم الحياة حول بطلة رئيسية لا نراها في العمل سوى لبضعة دقائق، و لعل هذا سر نجاح العمل بصورة رئيسية…الغموض الذي يكتنف هذه الشخصية مما ساهم بخلق مناخ روائي درامي تشويقي ساحر جدا حيث شكلت هذه الشخصية حياة ثلاثة اشخاص بصورة جوهرية من دون ان تتواجد شخصيا بالعمل كثيرا ما عدا في بعض المشاهد الافتتاحية.. من دون ان تتدخل بدينماكية الاحداث الدرامية و لا حتى ببنية الذروة او الclimax للفيلم ىالرغم من انها الوقود الاساسي لتفاعل الاحداث في الفيلم…فسفر نجوى الى مصر من المنيا للبحث عنها كالذي يدفع حجر الدومينو في اول صف دومينو طويل فتقع الاحجار على بعضها واحد تلو الآخرى…فما ان داست شقة الابلة تهاني حتى ابتدات الاحداث المتتالية بالتعاقب بصورة مثيرة جدا…

حالة الارتباط بين التلميذة و المدرسة هي اولى حالات الحب التي يجب ان نتوقف عندها. فهذه حالة حب طاهرة من تلميذة لطالما نظرت الى مدرستها بوقار لانها مثلها الاعلى بالحياة… فزرعت الابلة تهاني حب الموسيقى في قلب مجموعة من التلميذات بصورة بسيطة و ذكية جدا حيث استطاعت باسلوبها كمربية صف ناجحة النزول الى مستوى تفكير الطلاب البسيط و مخاطبتهم عن الحب و عن كواليس الاغنية بين ليلى مراد و انور وجدي…و لكن مع الاسف لم تلاقي مجهوداتها اي تقدير عند ادارة المدرسة اطلاقا، بالرغم من اننا لم نفهم كافة التفاصيل باولى المشاهد و لكن راينا عملية استغناء عن خدمات لهذه المدرسة مما تسبب بحالة حزن شديدة عند طلابها و بالاخص عند نجوى…و بالرغم من هذا الواقع بقي الطلاب على وفاء تام على ما علمتهم اياه تهاني يواظبون على تعلم الموسيقى في المدرسة الى ان كبروا و اصبحوا في الصفوف الثانوية و هذا جلي و واضح من خلال الحديث الذي دار بين الطالبات و هن بطريق سفرهن بالقطار فنرى كم لهذه المدرسة تاثير بحياتهن بشهاداتهم الشخصية… فحتى تثنى احدا الطالبات على وفاء نجوى بتواصلها مع تهاني عبر هذه السنين الطويلة… اعجبني جدا كيف بلور المخرج الراحل محمد خان نقاء قلب نجوى و اخلاصها بالحفاظ على صداقة المراسلة التي جمعتها بتهاني… فعملية تبادل الاهداءات الغنائية في برنامج ما يطلبه المستمعون خدم النص الروائي للفيلم جدا من اول الفيلم لآخره فحافظ على جوهر العلاقة التي تمحورت حول الموسيقى بين نجوى و تهاني… فاستمرارية هذه الخاصية ساهمت باستمرار ثيمة theme العمل و ثباتها طوال العمل… الطالبة التي تعلقت بمدرسة الموسيقة و سافرت مسافات طويلة لتبحث عنها حينما قطعت اخبارها عنها… و بقي تبادل الاغاني بينهم يحافظ على النكهة التي ميزت علاقتهم بصورة جوهرية… ما اروع هذه العناصر التي ساهمت بانجاح هذا العمل روائيا و نصيا… اما بالنسبة للنقد ان كان له مكان هنا فلاحظت ان المخرج لم يعطينا الابعاد الكاملة لشخصية نجوى… فهذه الطالبة التي تواصل التزامها بالموسيقى لا نراها الا مرة واحدة تعزف البيانو، و كانت حتى محاولة خجولة جدا… لا نراها تمارس اي نشاط موسيقى طوال الفيلم سوى تبادل الاغاني مع مدرستها… في حقيقة الأمر بالنسبة الى طالبة تعلقت كثيرا بمدرستها كان لا بد ان تدفعها ميولها الموسيقية لتعلم آلة موسيقية… و لكن بقيا هذا البعد من شخصية نجوى غير مكتمل في الفيلم و لم نراه يعالج باسلوب انضج مما كان عليه…

هذا الحب المثالي للأبلة تهاني دفع نجوى الى صنع عمل جريئ جدا، فتركت زميلاتها في رحلتهم في القاهرة و اتبعت ما يمليه عليها حبها لمدرستها…. ان تدهب بحثا ورائها لتعلم سر انقطاع اخبارها عنها… و لكي تسئلها بامر العريس الذي تقدم لها… و لكن كانت لا تعلم بقرارة نفسها ان قدرها كان يجمع دربها بدرب يحي الذي سكن شقة تهاني… و هنا تتقاطع الشخصيات و دروبها بعبقرية مثالية و راقية في هذه السيمفونية الدرامية الراقية في شقة مصر الجديدة… فحينما قرعت جرس الشقة فاتها قطار عودتها الى المنيا… لان قطار الحب كان ينتظرها في القاهرة…يتبع

التعليقات مغلقة.