صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حَصِيلة مُبادرة لندن

عنوان إيجابيّ خرجت به مبادرة لندن وهو عندما ترى الدول جميعها تؤكد دعمها للأردن حتى المتخاصمة منها

كما قُلنا سابقاً، مؤتمر مُبادرة الذي عُقد الأسبوع الماضي لِدعم الاقتصاد الأردنيّ هو بالمُحصِلة الرئيسيّة رِسالة سياسيّة للدول الصديقة والكبرى وللمجتمع الدولي، للاستمرار بدِعم الأردن والتأكيد على دوره الإقليميّ وتقديرا للمسؤوليات التي تحمّلها نتيجة تداعيات المِنطقة والتي أثرت عليه من كافة النواحيّ خاصة الاقتصاديّة منها.

لكن من المُحصلة السياسيّة هُناك دعم اقتصاديّ واضح للاقتصاد الوطنيّ تمثل في تَعُهدات دوليّة بتقديم المِنح والقروض والتسهيلات للحكومة خلال المرحلة المُقبلة.

مُبادرة لندن قدمت للأردن برنامج مُساعدات على مدى السنوات الخمس المُقبلة بقيمة ١.١٧٠ مليار دولار قروض وضمانات، يُقابلها كذلك مليار دولار مِنح مُباشرة للاقتصاد وتمويل مَشاريع مُختلفة، تَمَثلت بتوزيعات المُساعدات كما يلي:

بنك الاستثمار الأوروبيّ: ٦٤٠ مليون دولار قروض و٥٦ مليون دولار مِنح.

بريطانيا: ٨٤٠ مليون دولار منح على ٥سنوات، و١٤٠ مليون دولار قروض، و٢٥٠ مليون دولار كفالات لقروض.

اليابان: ١٠٠ مليون دولار منحه، و٣٠٠ مليون دولار قروض.

هذه الأموال تُساعد جزئيّا في تمويل احتياجات الخزينة للسنوات المُقبلة في تلبية خدمة الدين واستبدال الديون ذات الفوائد المرتفعة بأخرى ذات فائدة اقل خاصة فيما يتعلق بالدين الداخليّ ذي الفائدة الكبيرة الذي ت\يصل في بعض الأحيان إلى ٨ بالمئة، لكن نجاح هذا الأمر مُناط بِخطة حكوميّة مُتكاملة لِمُعالجة المديونيّة كاستراتيجيّة وطنيّة وليس كإجراء وقتيّ مِثلما حدث في صفقة نادي باريس عندما  اشترت الحكومة ٣.١ مليار دولار من ديونها الخارجية الدوليّة بقيمة ١.٦ مليار دينار، هي كُلّ عوائد التخاصيّة، وبعد شهور قليلة عاد منحنى المديونيّة إلى الارتفاع الجنونيّ بشكل غير مسبوق، أدى في المُحصلة إلى وصولها إلى مُستويات غير مسبوقة على الإطلاق وغير آمنة والتي هي عليها الآن.

الدعم الماليّ المُباشر في لندن قدم من ثلاث دول هي بريطانيا وفرنسا واليابان ومؤسسة اقتصاديّة كبرى هي بنك الاستثمار الأوروبيّ، في حين غاب الدعم الماليّ العربيّ المُباشر الذي لم يغب وزراءه عن المُشاركة بالمؤتمر، وكانت كلماتهم كُلّها  إيجابيّة للغاية خاصة من وزير المالية السعوديّ الذي قال في احدى جلسات المُؤتمر :”نحن الأردن”، في إشارة واضحة لتميز العلاقة بين البلدين، كذلك وزير الماليّة الكويتيّ الذي أكد هو الآخر حرص بلاده على تنمية علاقاتها مع الأردن في كافة المجالات، ولعل غيابهم عن إعلان دعم ماليّ مُباشر للأردن مثل باقي الدول يأتي ضمن سياسات وتفاهمات تاريخيّة مُتفق عليها.

قد يقول البعض أن قروض مؤتمر لندن سَتُساهم في زيادة أعباء المديونيّة، لأنها فتحت باب الاقتراض على مصراعيه، وقد يكون هذا الراي فيه من الصواب اذا لم تواصل الحكومة سياسات ضبط المديونيّة وتقليل الإنفاق ومواصلة الإصلاحات كما تحدثنا سابقا.

لكن على الجميع أن يعرف أن الوضع الاقتصادي للخزينة قبل مؤتمر مُبادرة لندن كان صعب من ناحية الحصول على قروض ميسرة بأسعار فائدة مُنخفضة، وتصنيفه الائتماني عند مستوى BB+، وهو ما يعني أن الأردن اذا ما أراد الحصول على قروض خارجيّة فان درجة مخاطره مُرتفعة وستكون الفائدة مُرتفعة، اما الآن بعد مبادرة لندن فقد وفرت له غطاء سياسيّ كبير عند الدول المانحة، ودعم اقتصاديّ إيجابيّ لدى مؤسسات التمويل الدوليّة للحصول على قروض ميسرة.

لكن الأمر لم يقتصر على القروض فقط، فمبادرة لندن وفرت مليار دولار منحا مباشرة للخزينة والمشاريع وهذا رقم يعادل ٢٠٠ مليون دولار في السنة، ويقارب المنحة المقدمة للمملكة من إعلان مكة لنفس الفترة وهي خمس سنوات، وهذه المنح خارج إطار المساعدات السنويّ للدول المانحة ضمن تقديرات قانون الموازنة العامة، بمعنى أنها منحاً إضافيّة.

هذا يقودنا إلى نتيجة مُهمة خرج بها مؤتمر مبادرة لندن، وهي الاعتراف الدوليّ بإن أزمة الأردن الاقتصاديّة جزءا كبيراً منها خارجيّ بسبب تدهور أوضاع الإقليم الأمنيّة والتي انعكست على كافة القطاعات في المملكة بشقيها العام والخاص، حتى صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين تواجدا بقوة قي المبادرة، أكدا على أهمية قيام المجتمع الدوليّ بدعم الاقتصاد الأردنيّ من خلال المنح المباشرة للخزينة وليس القروض وهو ما يلقي بمسؤوليات عالية على الحكومة لتوظيف على التطور الإيجابيّ للحصول على منح مباشرة قدر الإمكان.

أخيرا، عنوان إيجابيّ خرجت به مبادرة لندن وهو عندما ترى الدول جميعها تؤكد دعمها للأردن حتى المتخاصمة منها، فشيء جميل أن ترى موقفا موحدا لوزيري الخارجيّة المصريّ والتركيّ لدعم الأردن والتي جمعتهما على منصة واحدة.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.