صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ماذا سنقدِّم لمؤتمر لندن؟

ما يحتاج إليه الأردن اليوم هو تقديم مجموعة من المشاريع الاستثمارية المُحدَّدة. وهنا، فإنَّ المأمول من وزارة الاستثمار، وهيئة الاستثمار، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الخارجية، أن يكونوا قد أعدّوا ملفاً كاملاً حول تلك المشاريع

يُعقَد في نهاية الشهر الجاري مؤتمرٌ في لندن لمناقشة أوجه دعم ومساندة الاقتصاد الأردني في ظل الظروف الإقليمية التي واجهها، وخاصة من بوابتيه الشرقية والشمالية؛ العراق وسورية.

المؤتمر منصة عالمية سيحضره العديد من المؤسَّسات الدولية، والجهات المانحة والاستثمارية، وأصدقاء الأردن في المجتمع الدولي.

هذه الفرصة التي تُعقَد للمرة الثانية في لندن، وعُقِدَت مرات سابقة في بعض الدول العربية مثل الكويت، يجب أن لا تضيع في عرض ما تحمله الأردن من أعباء ومن تحديات جراء ما شهده العراق وسورية من ظروف غير طبيعية، انعكست بشكل كبير على الاقتصاد الأردني، بل يجب أن نتقدَّم من هذه المنصة العالمية بخطة عمل واضحة، تشير إلى أننا نعلم تماماً ما الذي يحتاج إليه الأردن في ظروفه الصعبة الحالية التي تمخَّضت أساساً عن الأوضاع الإقليمية في الجارتين، بما في ذلك استقبال اللاجئين، من كلتا الدولتين، وتعطل طرق التجارة، وتوقف العديد من الصناعات التي كانت تخدم كلتا الدولتين، أو كانت تتمتع بطرق مجدية للتصدير عبرهما.

ما يحتاج إليه الأردن اليوم هو تقديم مجموعة من المشاريع الاستثمارية المُحدَّدة. وهنا، فإنَّ المأمول من وزارة الاستثمار، وهيئة الاستثمار، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الخارجية، أن يكونوا قد أعدّوا ملفاً كاملاً حول تلك المشاريع، وبطريقة مهنية وفنية عالية، وبدراسة مالية واضحة، وخاصة في مجال حجم الاستثمار، ومستوى العائد، ومجالات المنافع المرتبطة به. وسيكون من قبيل إضاعة الوقت الذهاب إلى لندن لنعرض مشكلاتنا التي بات الجميع يعرفها، وأنفقنا عليها من الدراسات من الوقت والمال، نحن والعديد من الهيئات الدولية، ما يكفي، ولعلنا الآن نكون قد أنفقنا شيئاً مماثلاً لتقديم ما يريده الأردن حقاً من المجتمع الدولي، ليعود إلى مسيرة نموه وتنميته التي فقدها منذ نحو ثماني سنوات.

الأمل أن نحمل إلى لندن حزمة واضحة من المشروعات التنموية، وبرامج التمويل الاستثماري، ومشاريع تنمية القدرات الشبابية، ومشاريع بناء قدرات الحكومة الذكية، ومشاريع صناديق تمويل متخصصة، لنقدِّم بياناً واضحاً لكلِّ من يريد أن يغتنمَ الفرصة.

لم نعد بحاجة إلى مساعدات مالية فقط، والتي قد تؤدي إلى المزيد من الإنفاق والمزيد من المديونية. نحتاج إلى من يقدم استثمارات تفضي إلى تشغيل الشباب، وتعزز النمو، وتخلق مشاريع تنموية في المحافظات، وخاصة خارج عمان، وتخلق فرص عمل مستمرة للفئات المختلفة.

هناك خطوات واضحة باتجاهات العراق، وهناك توجُّهات حميدة للحكومة في مجال  العودة إلى خلق مصالح تجارية واقتصادية وصناعية مشتركة مع العراق، والأمل أن يتحقَّق الأمر ذاته بالنسبة إلى سورية قريباً.

هذه التوجُّهات تدعم أن نذهب إلى لندن، بمشاريع محدَّدة في مجال البنية التحتية، والمناطق التنموية الاستثمارية المشتركة مع دول الجوار، ومشاريع دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المحافظات، ومشاريع صناديق رأسمال المغامر، لتبني مشاريع ريادية للشباب الأردني، إناثاً وذكوراً، ومشاريع كبرى من قبيل خطوط النقل المشتركة، وسكك الحديد المستقبلية مع سورية  والعراق، ومشاريع المدن المتخصصة بإعادة الإعمار للدولتين، وعلى حدودهما مع الأردن.

القائمة طويلة، ولكن المهم أن لا نذهب إلى لندن، لنتحدَّث عن مشكلاتنا، أو عن مؤشرات الاقتصاد، أو عن خسائرنا وتحدياتنا، فهي معروفة ومنشورة ومدروسة. علينا أن نذهب إلى لندن بالفرص المتاحة، وبما يمكننا أن نوفِّر للمجتمع الدولي من فرص، إن أراد أن يستغلها وأن ينتفع منها معنا. علينا أن نذهب إلى لندن لنقدِّم وجبة من إمكانات الاقتصاد الأردني وممكِّناته، لا أن نظهر كمن يطلب العون والدعم فحسب. اقتصادنا مملوءٌ بالفرص والإمكانات، وينقصنا التمويل اللازم والمجدي في العديد من المفاصل. اقتصادنا يمكنه أن يخلق مصالحة حيوية لمن يرغب في الاستثمار في إمكاناته، ولن تنفعنا المساعدات بقدر ما ستنفعنا الاستثمارات الكبرى المشتركة. أملي أن نجدَ في جعبة من سيذهب إلى لندن حزمة من الفرص والإمكانات والمشاريع التي تقول للمجتمعين اغتنموها حتى لا تضيع عليكم. قوَّتنا من قوَّة طرحنا، وقدرتنا على الإقناع تنبع من حصافة ما سيتم عرضه من مشاريع، وفرص. لندن منصة مهمة يجب أن لا نحوِّلها إلى سرد لقصص الماضي وشجونه، وإنما إلى نافذة على الأردن بفرصه وإمكاناته وقدراته وآفاق مستقبله الواعد للجميع.

 

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.