صحيفة الكترونية اردنية شاملة

من العقبة الى عمان وحكاية باريس وصومال !

انهم بضع عشرات من شباب العقبة ، يقطعون الطريق الطويل سيراً على اقدامهم ، يسيرون بصمت ولا يسمعون سوى صوت رياح الصحراء لكنهم بخطواتهم التي تهز الارض يُسمعون كل من هم على الكراسي في عمان بان كفى ، ويكفي هذا التخبط في السياسات التي ستعمم حالة ( باريس وصومال ) في البلاد

٨ عاما ً على ميلاد سلطة العقبة الاقتصادية ، كنت واحداً من الشهود الذين حضروا حفل إعلانها ، كان المشهد على غير العادة في مثل هذه الاحتفالات  ، جلس الحضور امام مسرح ، وكشافات اضواء قوية ، وشريط فيديو لما ستكون عليه العقبة في ٢٠ عاماً  ، وأخيراً ( برزنتيشن ) لزف البشرى للأردنيين ، العقبة ستتحول الى “محرك تنموي يحقق النو والازدهار للبلاد كلها بتحويلها الى مقصد سياحي عالمي يحقق الازدهار للمجتمع الأردني والمحلي في إطار من التنمية المستدامة ” والوعد الأكبر كان بخلق ٧٠ الى ٨٠ الف فرصة عمل للأردنيين خلال ١٠ سنوات  وان الاستثمارات الاجنبية ستتدفق على العقبة ( ٧ مليارات ) في السنوات الاولى ٥٠٪‏للسياحة و ٣٠٪‏ للخدمات ١٣٪‏  للصناعات الثقيلة و ٧٪‏ للصناعات الخفيفة .
 هذه الوعود تبخرت مثلما تبخرت لوحة الإعلان الشهيرة التى زرعت ، في تلك الفترة ، على أطراف الطريق بين عمان والبحر الميت اثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي ، وفيها صورة تظهر رمال العقبة وقد تحولت الى رمال منثورة بلون التبر اي الذهب  !.
 لقد ملأوا سماء العقبة والوطن بالآمال الوردية وبان ( الاردنيين سيشدون الركاب ، بطوابير مؤلفة من الرجال والنساء ، الى العقبة من اجل العمل تحت مظلة سلطتها الحرة من الضرائب مع الوفرة في الفرص والميزات  ) واذا بالمسيرة الراجلة لشباب العقبة المتوجهة الى عمان ،  في ظروف جوية قاسية ، وبعد ١٨ عاما ً ، تضع النقطة الاخيرة على حكاية خرافية  بازار الأحلام والوعود ( الهُملالية ) التي  اغرق الليبراليون الجدد البلاد بها  .
 كل ما أنجز في العقبة ، انشاء كيان لامركزي في ظل الدولة ، اسمها سلطة ، تسمح بوظائف منتقاة ورواتب عالية جدا واُخرى باجور قليلة  للمنتفعين من واسطات المتنفذين في العاصمة  ( استحدثت ٢٨مديرية ، ٤ وحدات تنظيمية  تتبع لمناصب ومفوضين ، وظائف فيها من الميزات التي لا يحصل عليها أقرانهم  في عمان . ).
   ———————–
 ما يشار اليها على انها منجزات في تقارير السلطة من فنادق ومواقع سياحية وشركات وموانئ واسكانات وغيرها ، هي بالفعل تطور ونمو  غيرت من شكل مدينة العقبة خلال ال ١٨ عاما الماضية . لكن السؤال : هل هي العقبة فقط المدينة الاردنية التي تغيرت وتطورت في هذه السنوات ؟.
 ماذا عن عمان ؟ وعن منطقة البحر الميت ؟ وغيرهما من المدن الاردنية .
    لقد بنى  القطاع الأردني الخاص  في عمان ، من الفنادق ما يفوق ما بُني في العقبة في الشكل والمضمون ، وأنشئت إسكانات ونمت احياء وتوسعت بسواعد الاردنيين واموالهم ما يبني ٤ مدن مثل العقبة . وباستثناء مشاريع الليبراليين التي تحولت الى اطلال وأبراج خالية من السكان على الدوار السادس والعبدلي والقرية الملكية ، فان إنجازات الاردنيين في عمان وغيرها اعظم الف مرة من مشاريع المنطقة الخاصة في العقبة . ولو ان الحكومات استندت في تنمية العقبة على القطاع الخاص وعلى الاردنيين وقدمت الإغراءات لهم للاستثمار والبناء فيها ( كما فعلت للمستثمرين الأجانب ) لكانت العقبة ( بدون سلطة ) اكبر بكثير مما هي عليه اليوم ، اكبر وأفضل لفرص العمل والسكن . ( مع التنويه بان المشاريع الاجمل التي أقيمت في العقبة اقامها القطاع الخاص الأردني فيما فشل العديد من مشاريع ما يسمى بالاستثمار الخارجي والأجنبي ).
 ——————
      عندما بيع ميناء العقبة ، أقيم حفل على سفح احد جبالها لعرض أهداف ومزايا الصفقة التي ستضع العقبة على خريطة الاقتصاد العالمي وتجعل منها منافسا لدبي ، كنت مدعوا وجلست الى جانب احد نواب العقبة السابقين ، سألته : كيف اصبح حال العقبة واهلها بعد ٧ سنوات من وجود السلطة ؟. أجابني والحزن يغمر وجهه : لا يغرنك مشهد( تالا بيه ) او بعض فنادق العقبة فالحال هنا ” باريس وصومال ” لا شئ يذكر تغير على حياة العقباوية او قل غالبية اهل العقبة .
   —————–
   انهم بضع عشرات من شباب العقبة ، يقطعون الطريق الطويل سيراً على اقدامهم ، يسيرون بصمت ولا يسمعون سوى صوت رياح الصحراء لكنهم  بخطواتهم التي تهز الارض يُسمعون كل من هم على الكراسي في عمان بان كفى ، ويكفي هذا التخبط في السياسات التي ستعمم حالة ( باريس وصومال ) في البلاد ، فالاردن بخير وهو وطن الخير ان عدتم به من جديد الى شعار ” الانسان أغلى ما نملك ” لكن  ليس بجباية الضرائب التي ترغمون بها الاردنيين على دفع ثمن اخطاء الليبراليين الجدد الذين باعوا موارد الاقتصاد الوطني وأغرقوه بالمديونية  ، انما بتغيير النهج  وتمكين ابنائه ، خاصة الشباب منهم ، من المشاركة  في فرص بناء حاضرهم ومستقبلهم .

التعليقات مغلقة.