صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قمة إحتواء الخلافات العربية

تعكس هشاشة النظام العربي الرسمي

عقدت القمة العربية ال(30) في تونس العاصمة (31/3)، في ظل أوضاع عربية صعبة وعلاقات عربية – عربية يسودها الخلافات والصراع والتنافس وسياسات المحاور ونظام عربي رسمي في أسوأ حالاته ، ولم يعد التضامن العربي يعني شيئا ، كل دولة عربية لها أولوياتها الخاصة تسعى لتحقيقها ولو بالتحالف مع الشيطان دون مراعاة لمصالح الدول الأخرى ، وكل نظام سياسي عربي يسعى للحفاظ على نفسه ورأسه .
وكذلك عقدت في ظل أوضاع أصبحت فيه المنطقة العربية ساحة للصراع الإقليمي والدولي . وأيضا في ظل صراع دولي أمريكي – روسي في المنطقة ، تسعى من خلاله الولايات المتحدة لإعادة ترتيب وهيكلة الأوضاع الإقليمية وتصفية القضية الفلسطينية (صفقة القرن) بما يخدم مصالحها ومصالح أمن إسرائيل ومحاولة دمج إسرائيل في منظومة الأمن الإقليمي ، يقابله جهود روسية تدخلية في المنطقة (في سوريا) في محاولة لإعادة دورها الدولي وتعديل النظام الدولي الأحادي القطبية الى نظام متعدد الأقطاب .
وتمكنت الدبلوماسية التونسية من إحتواء الخلافات العربية – العربية وسياسة المحاور التي كانت واضحة في هذه القمة، وأرضت كل الأطراف من خلال تضمين البيان الختامي بما تريده كل الأطراف . وأبرز ما تضمنه البيان :
– تأكيد الإلتزام بمبادرة السلام العربية عام 2002، ومركزية قضية فلسطين ، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وبطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
– رفض جميع الخطوات والإجراءات الأحادية التي تتخذها إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، لتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم، والوضع الديموغرافي والطابع الروحي والتاريخي في القدس الشرقية، وتأكيد الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. وإعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية السلطة القانونية الوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه .
– إعتبار الإعلان الامريكي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة ، إعلانا باطلا شكلا وموضوعا، ويعكس حالة من الخروج على القانون الدولي.
– رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعمها وتسليحها للميليشيات الإرهابية في عدد من الدول العربية، ومطالبة إيران بسحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة التابعة لها من كافة الدول العربية.
– التأكيد على الحل السياسي للأزمات في سوريا واليمن وليبيا.
ويلاحظ إفتقار البيان الختامي لإجراءات عربية فعلية على الأرض لمواجهة السياسة الأمريكية المتغطرسة والمستهترة بالدول العربية، حيث خلى من أي إجراءات عقابية ضد القرارات الأمريكية ومن يلتزم بها ، وهو ما يعكس أن النظام العربي الرسمي نظام هش ومتداعٍ ولا يستطيع اتخاذ خطوات عملية. فالإنسان العربي كان يتوقع صدور قرارات تعكس حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها الأمن القومي العربي ، وخاصة الجهود الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية فيما يسمى صفقة القرن، وضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية الخاصة بالنزاع العربي الإسرائيلي .
وقد حققت الدبلوماسية الأردنية من هذه القمة مكاسب معنوية وسياسية تتمثل بالحصول على دعم عربي للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. لكن الحقيقة المرة أن قرار الدعم العربي سيبقى معنويا غير مؤثر فعليا ، لأن الجهة التي تملك قرار المساس بالوصاية الهاشمية على الأرض هي إسرائيل المحتلة للقدس والمدعومة بشكل مطلق من الإدارة الأمريكية ، كما أن الحقيقة الأخرى تتمثل بأن الصراع لم يعد مع إسرائيل وإنما مباشرة مع الولايات المتحدة ، وأن الإدارة الأمريكية الحالية متهورة وماضية في تنفيذ بنود صفقة القرن على أرض الواقع رغما عن إرادة كل الدول العربية . لكن عندما يجد الجد سيبقى الأردن وحيدا مكشوفا وسيكون البلد العربي الوحيد الذي سيدفع ثمن صفقة القرن من أمنه وإستقراره وهويته .

التعليقات مغلقة.