صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ملاحظات على فواتيركم

أحسن النواب الذي أثاروا مسألة نظام الدفع المسمى “فواتيركم” و الذي تبين أنه مملوك لشركة مدفوعاتكم التي لا تزال تدور حولها الكثير من علامات الاستفهام الخاصة بتأسيسها و شركائها و طريقة عملها و مبرراتها.
بداية، لم تعد وسائل الدفع اليدوية مقبولة في هذا الزمن، بل لا بد من تمكين الدافعين من الدفع الكترونيا عبر تطبيقات البنوك أسوة بغيرنا من الدول التي وفرت هذه الخدمة منذ عشرات السنين. ولن أخوض في حسابات الشركة وأرباحها و علاقتها مع الحكومة أو البنك المركزي و ما توفره على الحكومة من نفقات إن صح الادعاء، فهذا أمر لا يعنيني كمستهلك، انما ما يعنيني كمستهلك منطقية الخدمة وقانونيتها و في ذلك أرغب بتقديم أربع ملاحظات.
أولا، لا بد من معرفة كيفية تأسيس الشركة ومن هم الشركاء الحقيقين و الحكمة من اجبار الأردنيين على الدفع عن طريقهم حصرا و بمقابل. ولماذا تم تأسيس الشركة أصلا كوسيط ثاني لعمليات الدفع الالكتروني بالإضافة للبنوك التي تكفي لإتمام عملية الدفع. أما الادعاء أن القرار التفسيري رقم 2/2015 لا يجيز للنواب طلب وثائق أو الاستفسار عن أسماء أشخاص فان هذا القرار التفسيري -و كما أكد القرار نفسه- يخص السؤال و ليس الاستجواب الذي يحق للنواب أن يوجهوه للحكومة و يطلبوا وثائق و معلومات تخص الشأن العام، و هذا ما نصت عليه المادة 136 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
ثانيا: لا بد من معرفة مدى التزام الشركة المذكورة بمسائل الخصوصية و كيفية قيامها بذلك و مدى تحقيقها لمتطلبات نظام الدفع والتحويل الالكتروني للأموال رقم 111 لسنة 2017 و هذا على سبيل المثال و ليس الحصر.
ثانيا، تشوب الخدمة التي تقدم باسم فواتيركم شائبة قانونية مهمة و هي مسألة مخالفة الشركة لقانون المنافسة رقم 33/ و 2004 و بالأخص المادتين 5 و 6 منه ذلك كونها شركة لها وضع مهيمن في السوق او في جزء هام منه و تقوم باحتكار خدمة معينة و هي خدمات الدفع الالكتروني و بذات الوقت تقوم بتعليق بيع سلعة او تقديم خدمة بشراء سلعة اخرى أو بشراء كمية محددة أو بطلب تقديم خدمة اخرى على استعمال نظام فواتيركم مما يشكل مخالفة صريحة للقانون المذكور. وعليه، لا بد من تفسير اجبار الأردنيين والمقيمين على استعمال هذا النظام خاصة أن نظام الدفع والتحويل الالكتروني للأموال المذكور يسمح للبنوك بتقديم خدمة الدفع الالكتروني على ضوء قانون البنوك النافذ. فلماذا نجعل الوسيط الواحد وسيطين وبدون مبرر منطقي و بمقابل؟
ثالثا: و من ناحية واقعية، فان إقرار نظام الدفع الاجباري بواسطة فواتيركم و الذي يتقاضى عمولة عن كل عملية دفع هو نظام شاذ عن أنظمة الدفع العالمية. فالدول المتقدمة الاوربية والامريكية والعربية (كالإمارات العربية المتحدة) تمكن دافعي الفواتير من القيام بذلك من خلال تطبيقات بنوكهم دون أي عمولة بتاتا و دون أي وسيط. مما يغدو قول الشركة بأن خدمتهم هي الامر الطبيعي والقاعدة العامة في الدفع الالكتروني قولا باطلا و تكون موافقة الحكومة على استنساخ نظام دفع لا يحاكي المعايير الطبيعية و العالمية أمر معيب.
رابعا، لغايات الانصاف، فان ملكية معالي الدكتور طارق الحموري وزير الصناعة و التجارة لأسهم في الشركة لا يخالف القانون و لا يتعارض مع الدستور و خاصة المادة 44 منه، و ذلك للأسباب التالية: أولا، ان ملكية الأسهم في الشركات المساهمة (الخاصة أو العامة) أو ملكية حصص شريك موصي في شركات التوصية البسيطة لا يعد أعمالا تجارية بماهيتها الذاتية و ذلك لأن الشريك فيها لا يتحمل الخسارة بأمواله الشخصية و لا يقوم بالعمل التجاري باسمه و حسابه و لا يدير أعمال الشركة و لا يتدخل في اداراتها. أما لو كان الوزير شريكا في شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة بصفته شريك متضامن أو عضو مجلس إدارة في شركة مساهمة عامة أو خاصة فهنا تكون المخالفة. و هذا كله لا يتوافر بحالة الدكتور طارق الحموري. ثانيا، لا يتقاضى الدكتور الحموري راتبا من شركة مدفوعاتكم . ثالثا: لم يقم الوزير الحموري بشراء الاسهم في شركة مدفوعاتكم اثناء وزارته. رابعا، بفرض اعتبار أن مساهمة الوزير الحموري عملا ماليا، فانه لم يقم بهذا العمل المالي اثناء وزارته بل حدث فعل المساهمة قبل وزارته و لقد جاءت المادة 44 مانعة لقيام الوزراء بالأعمال المالية اثناء توليهم الوزارة وليس قبلها مما يجعل مساهمته بشركة مدفوعاتكم متسقا و المادة 44 من الدستور.
و ختاما، فالمنتظر من مجلس النواب و الحكومة و الصحافة أخذ موضوع الشركة المذكورة بأقصى أشكال الجدية لتفسير وجودها غير الضروري أصلا و معالجة الشبهات القانونية التي تشوب الشركة و عملها.

التعليقات مغلقة.