صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أبوحمور: اللغة العربية عامل وحدة وبقائها حيّة يؤكد أصالة الفكر

قال د. محمد أبوحمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي ووزير المالية الأسبق: إن اللغة العربية بما تكتنزه من تراث حضاري عظيم، ومن تطور وتفاعل مع الثقافات واللغات الأخرى عبر العصور وتأثيرها الواضح في بعض هذه اللغات، وبما تعنيه كرابط وأساس لوحدة الأمّة وبين الناطقين بالضاد، كل ذلك يشكل اليوم أركاناً راسخة لأصالة الفكر العربي في تجلياته المتنوعة، وما تعتمل فيه من قضايا وأبعاد ثقافية متصلة بواقع الإنسان العربي ومستقبل الأجيال.

وأضاف د. أبوحمور في ورقته العلمية “اللغة العربية والمفاهيم النهضوية” التي قدمها يوم الخميس 11/4/2019 في الجلسة الأولى للمؤتمر الدولي الثامن للغة العربية المنعقد في دبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبتنظيم من المجلس الدولي للغة العربية : “إن بقاء اللغة العربية لغة القرآن الكريم حيّةً دلالة على أن الأمّة ما تزال تمتلك عناصر البقاء والنماء والتقدم؛ مؤكداً دور المؤسسة الفكرية العربية ومسؤوليتها في رفد الثقافة والعمل النهضوي وتعزيز تلك العناصر وتقويتها وتجديد مكوناتها”.

وبيّن د. أبوحمور الدور الذي قام به منتدى الفكر العربي في خدمة اللغة العربية؛ مشيراً إلى أن المنتدى الذي بادر إلى تأسيسه سمو الأمير الحسن بن طلال مع نخبة من المفكرين العرب سنة 1981 بعد قمّة عمّان الاقتصادية، ويرأسه سموه منذ ذلك الحين، تقوم رسالته على إيجاد الأفكار والتصورات التي تبنى عليها المواقف العملية التي ترتبط بأولويات الوطن العربي وقضاياه المصيرية، وكذلك الإسهام في بلورة الفكر العربي المعاصر والتوعية بمضامينه، حتى يصبح المواطن دعامة لها وحتى يتحول من متلقٍ للأفكار إلى متفاعلٍ معها، وحتى يتسنى لصانع القرار أن يعتمد الأسلوب العملي في النظر إلى المشكلات وإيجاد المعالجات والحلول لها.

وأوضح د. أبوحمور أن عبارة “الانتماء والإنماء” التي يتخذها منتدى الفكر العربي شعاراً له منذ ما يزيد على 37 عاماً، تستثمر لغة المضامين في تأكيد أهمية الوعي الفردي والجمعي في المجتمع، وأن غياب الوعي يشبه مشكلة الأميّة الثقافية، ويحول دون تطوير قدرات أبناء الأمة وإبداعات فكرها، كما يعطل التواصل والحوار داخل المجتمع الواحد وبين المجتمعات العربية في الوطن والمهجر.

وأشار د. أبوحمور إلى عناية المنتدى بالربط بين أزمة الفكر وأزمة اللغة؛ مؤكداً أن مشروع النهضة الفكرية العربية الذي يتبناه المنتدى يولي اللغة العربية أهمية كبيرة بوصفها المظهر الحضاري الأكبر لأي مشروع نهضوي كما عبَّر عن ذلك سمو الأمير الحسن بن طلال، والذي بادر إلى الرعاية والمشاركة في الأنشطة التي قام بها المنتدى في هذا المجال، ودعوة سموه إلى إثراء اللغة العربية بالمصطلحات الحديثة من خلال الترجمة والتعريب والاتصال بمسيرة تقدم العلوم والتكنولوجيا في العالم، وإثراء المحتوى العربي في الشبكة العالمية “الإنترنت” من أجل أن تصبح العربية وسيلة من وسائل نقل المعلومات بالتقنيات الحديثة المتطورة، ولغة مُنتجة للعلم، وتوظيف أساليب جديدة في شرح مضامين القضايا العربية عبر تطوير استراتيجية للاتصال والتواصل والدبلوماسية العامة في عصر الاتصالات والمعلومات والمعرفة والحكمة، مع ما في ذلك من تحديات في فتح الباب على آفاق واسعة تتطلب تقوية وسائل المواجهة وأدوات الاتصال ومحتواه الفكري، وفي مقدمتها اللغة العربية.

وقال د. أبوحمور: “إن المواثيق العربية التي عمل المنتدى ولا يزال يعمل على إنجازها وإطلاقها، وهي الميثاق الاجتماعي 2012 والميثاق الاقتصادي 2015 وقريباً الميثاق الثقافي، ثم السياسي والبيئي والتربوي، تتضمن خلاصة الرؤية الاستراتيجية المشتركة للمستقبل ومقومات النهضة العربية الجديدة، وفق هياكل ثقافية نابعة من نسيج الذات والشخصية الحضارية للأمّة، وكجزء من تأكيد المشتركات إزاء تحديات استهداف مقدراتها من الثروات البشرية والمعنوية في العقول والثقافة والقيم، والمادية بما فيها الجغرافيا والثروات والموارد الطبيعية”.

وأضاف د. أبوحمور أن هذه المواثيق التي شارك في مناقشتها نخب كبيرة من المفكرين والمثقفين والشباب العرب، أكدت ضرورة الحفاظ على هوية الأمّة الثقافية ولغتها، والتعريف بقيم الحضارة العربية الإسلامية، كمحصلة ضرورية لتأطير دور الفكر العربي ومؤسساته في التفاعل مع المحيط والفكر في العالم، وفي السعي للصالح الإنساني العام. ونادت بإزالة الحواجز اللغوية داخل المجتمعات العربية وسد الفجوة التواصلية بين مكونات هذه المجتمعات التي تحول دون التفاعل الإبداعي بين العقول والأفكار المعبَّر عنها باللغة.

وأكد د. أبوحمور أن الدعوة في هذه المواثيق إلى النهوض باللغة العربية لا تقتصر على التوسع في الاستعمال والانتشار، وإنما أيضاً بتوافر اللغة العلمية للتعبير عن شتى مناحي الحياة، واستيعاب المصطلحات الحديثة، ودعم حركة التأليف والترجمة والنشر لما يتمثل في نتاجاتها من مظاهر الحيوية في المعرفة والفكر والثقافة والعلوم، مع تشجيع استخدام العربية الفصيحة بوصفها عامل وحدة وتفاهم بين أبناء الأمّة، وتفعيل قوانين حماية اللغة العربية، والاستمرار في وضع المعاجم العربية العامة والمتخصصة، الأحادية اللغة والثنائية، وبذل المزيد من جهود تيسير تعليم العربية ونشرها، وتنمية حاسة التذوق لجمالياتها البلاغية، ودعم مؤسسات التعريب وزيادة التعاون بين مجامع اللغة العربية ومراكز الفكر والدراسات والجامعات ووزارات التربية والتعليم وصناديق دعم الأبحاث والمشروعات العلمية.

يذكر أن المؤتمر الدولي للغة العربية يشهد في دورته الثامنة الحالية مشاركات واسعة من أكثر من 80 دولة، ويرأس الجمعية العمومية للمجلس الدولي للغة العربية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وترأس جامعة الدول العربية مجلس الإدارة المنتخب، وتضم عضويته المؤسسات والمنظمات الدولية والمجامع والاتحادات والجمعيات والمؤسسات الفكرية العلمية والثقافية والإعلامية المهتمة باللغة العربية، وتم مؤخراً توقيع مذكرة تفاهم بين منتدى الفكر العربي ومقره في عمّان و المجلس الدولي للغة العربية ومقره بيروت وانضم مؤخرا المنتدى لأعضاء الهيئة العامة للمجلس الدولي للغة العربية.

 

التعليقات مغلقة.