صحيفة الكترونية اردنية شاملة

السيول تعيد جثمان جندي عراقي مفقود بعد 37 عاماً

تبدو قصة الجندي عبد الأمير الحاج علي الجادري الذي فقد في الحرب التي اندلعت بين العراق وإيران عام 1980، وانتهت بعد ثماني سنوات، أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. فبعد 37 عاماً على اختفائه، حملت السيول الآتية من إيران جثمانه وإعادته إلى أهله.

وولد عبد الأمير في محافظة ذي قار عام 1952، وأنهى خدمته الإلزامية في الجيش وسُرح منه قبل نحو ثلاث سنوات من اندلاع الحرب، إلا أن المنظمات التابعة لحزب {البعث} الحاكم آنذاك لم تتركه وشأنه يمارس مهنة النجارة لإعالة أسرته، وظلت تطارده للالتحاق بأفواج {الجيش الشعبي} التي كانت تحمل صفة التطوع الظاهري لمن يرغبون في الذهاب إلى الحرب، لكنها في الواقع، كانت ذات طبيعة {قسرية} خالصة تدفع آلاف مثل عبد الأمير إلى جحيم جبهات الحرب. والمفارقة أن الإيرانيين عاملوهم باعتبارهم ميليشيا تابعة لحزب {البعث} ونظام صدام حسين.

سيق عبد الأمير الجادري ضمن أفراد المهمات الخاصة في {الجيش الشعبي} إلى جبهة القتال في معركة الشوش – ديزفول على الجانب الإيراني في مارس (آذار) 1982، ففُقد في المعركة.

ويقول حيدر الجادري الذي ولد قبل سنتين من فقدان والده: {تحدث خالي الذي رافق أبي في الحرب عن تفاصيل فقدانه، وظلت أمي متمسكة بأمل عودته حياً حتى يوم استلام جثمانه}. وأضاف لـ{الشرق الأوسط} أن أمه {واجهت بعد فقدان أبي مشقات عسيرة وذاقت الأمرين في تربية أربعة أطفال وإعالتهم، أنا وثلاث شقيقات، رغم المساعدة التي قدمها أخوالي لها. شخصياً يئست من عودة والدي بعد 2003، فبنيت قبراً رمزياً له، وكانت أمي لا تقبل بذلك}.

كانت الأم تتمسك بأمل عودة زوجها، خصوصاً أنها {كانت تسمع الكثير عن أشخاص عادوا بعد سنوات طويلة، وكنا نسمع عن أسرى ومعتقلين في سجن قزوين الرهيب الذي يقع شمال غرب طهران}.

غير أن الأمل تبدد مع موجة السيول الأخيرة، حين {وجدت السلطات المحلية في قضاء المشرح بمحافظة ميسان جثمان أبي، ملابسه العسكرية التي تلف هيكله العظمي، ساعة، و70 فلساً من العملة الشائعة في ذلك الوقت، والقرص المعدني الذي كان يكتب الجنود أسمائهم عليهم تحسباً للحظة الوفاة}.

ويواصل: {استطاعت الجهات التي وجدت جثمان والدي، وقد جرفته السيول إلى قضاء المشرح بمحافظة ميسان القريبة، أن تعرف من خلال قرص التعريف اسم والدي. وعن طريق إعلانات متواصلة على مواقع التواصل، تمكنا من الوصول إلى المكان الذي وضع فيه الجثمان وقمنا بنقله إلى منزلنا في ناحية الفجر في ذي قار ثم تشييعه إلى مثواه الأخير في محافظة النجف}.

وإذا كانت السيول قد حملت جثمان الجادري إلى أسرته التي تمكنت أخيرا من التأكد من مصير فقيدها، فإن عشرات الأسر العراقية مازالت تجهل مصير الكثير من أبنائها ممن فقدوا في الحرب مع إيران، أو ممن قامت إيران باختطافهم بعد انتهاء الحرب. ومازالت إيران ترفض الكشف عن مصير عشرات، وربما مئات، الأسرى والمفقودين الذين يعتقد أنهم لا يزالون يقبعون في سجونها.

يُشار إلى أن السلطات العراقية اتخذت قراراً باعتبار جميع المفقودين في الحرب مع إيران أمواتاً وخصصت لأسرهم وورثتهم رواتب تقاعدية متواضعة.

التعليقات مغلقة.