صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صندوق الاستثمار الأردني

منذ نحو ثلاث سنوات صدر القانون رقم (16) لعام 2016 تحت مسمّى “قانون صندوق الاستثمار الأردني”، والذي استهدف أساساً تنشيط الاستثمار في المشاريع الكبرى بمساهمة مباشرة من الدولة عبر هذا الصندوق السيادي، وبمشاريع استثمارية في مجال البنية التحتية، وخاصة الطرق، والطاقة، والتنمية السياحية، حيث أشار القانون إلى مشاريع السكة الحديدية الوطنية، ومشروع أنبوب النفط، ومشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية، والمشروع السياحي الحيوي في العقبة “المطل”، ويبقى الباب مفتوحاً للصندوق للدخول في استثمارات نوعية في القطاعات المختلفة بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي بعد أخذ موافقة مجلس الوزراء. وقد تمخَّض عن ذلك، حسب المعلومات المتاحة، شركة واحدة حتى اليوم، هي شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار والمملوكة للصندوق الاستثماري السعودي بنسبة 90% و10% للبنوك.

وخلافاً لذلك ما زال هذا المشروع الوطني الحيوي دون تفعيل مناسب، ولعلَّ الأمر يتعلَّق بعدم تشكيل إدارة مختصة للصندوق، وعدم وجود خطة عمل أو إطار عمل استثماري للصندوق، وهو ما كان يجب على الحكومات المتعاقبة أن تبدأ به فور إقرار الصنودق عام 2016. 

وقد تعاقب على ذلك حتى الآن ثلاث حكومات. بيد أنَّ التوجُّه الذي تنتهجه الحكومة الحالية في التحوُّل نحو مشروع النهضة الذي يستهدف تحريك عجلة الاقتصاد، ونحو إعادة هيكلة هيئة الاستثمار، إضافة إلى الاهتمام المباشرة بإعادة هيكلة مفهوم الشراكة مع القطاع الخاص، رغبة في فتح النوافذ الاستثمارية أمام الاستثمار الخارجي المباشر، وتحريك مياه الاستثمار والتنمية في البلاد، ذلك كله يدعو إلى إحياء فكرة الصندوق، والاستفادة بشكل حيوي من هذا المشروع الوطني المحوري، ولعلَّ المطلب الأساس هو الإقرار بأهمية وجود إدارة رشيقة، غير بيروقراطية، لهذا الصندوق تبدأ بالتفكير خارج الصندوق، والعمل على رسم خارطة استثمارية متكاملة لعمله، وفق دراسة وخطة عمل تقوم على الفكر الاستثمار التجاري Business Plan، ودراسات جدوى مالية واقتصادية مستوفية للمشاريع المزمع الدخول بها، وجميعها مشاريع حيوية مطلوبة. والحقيقة أنَّ هناك اهتماماً كبيراً في المشاريع المدرجة ضمن قانون الصندوق، ليس فقط في المنطقة بل وفي الخارج أيضاً.

وهي مشاريع تهتم بها الصناديق السيادية حول العالم والتي تصل إلى نحو 79 صندوقاً سيادياً، تتجاوز ثروتها 8 تريليون دولار اليوم، وتستحوذ أربع صناديق سيادية عربية نحو 33% من إجمالي ثروة تلك الصناديق. تفعيل الصندوق السيادي الأردني فرصة كبيرة، وخطوة مهمة للغاية في تحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق أهداف الحكومة في مشاريع حيوية بالتعاون مع القطاع الخاص المحلي والدولي. 

قناعتي أنَّ هناك حاجة ماسة لتسمية إدارة أو خلية عمل مصغَّرة في الرئاسة للبدء بتحريك عجلة العمل في الصندوق، وهناك العديد من الجهات التي يمكن اللجوء إليها لتمويل الدراسات الفنية والمالية المختلفة المطلوبة لكي يتمكَّن الصندوق من تحقيق أهدافه والانطلاق نحو آفاق الاستثمار العالمية ونحو جذب انتباه الصناديق السيادية الدولية، فبرنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID المخصص للأردن مثلاً يمكنه بالتأكيد أن يقدِّم الدعم المالي والفني لوضع خطة عمل الصندوق التجارية والمهنية، وكذلك تمويل بعض دراسات الجدوى للمشاريع الحيوية المستهدفة، كما أنَّ مؤسسة التمويل الدولية IFC، التابعة للبنك الدولي، أو البنك الدولي للبناء والتعمير نفسه، لديهما اهتمام بلا شكٍّ في الدخول بعمليات تمويل أو تقديم الدعم الفني للدراسات المطلوب لبعض المشاريع، والتي يمكن تمويلها من خلالهما، وقد ترى مؤسسة التمويل الدولية اهتماماً في الاستثمار أو تمويل بعض المشاريع التي تخدم قطاعات الطاقة، والنقل، والسياحة. طالما أنَّ الحكومة جادة ومهتمة فعلاً في هيكلة الاستثمار وأداوته في البلاد، فإنَّ تفعيل وتحريك عجلة عمل الصندوق يجب أن يكون ضمن تلك الخطة، ويمكن اعتبار ذلك ضمن الاهتمام بإعادة النظر بعمل هيئة الاستثمار، وقانون الشراكة مع القطاع الخاص، وكل ما يتعلَّق بالهيئات القائمة على الاستثمار في البلاد. 

تحريك عمل الصندوق والبدء بإطلاق مشاريع مرتبطة به قضية ذات أهمية خاصة، وهي أهم سبل جذب استثمارات سيادية خارجية كبرى من المنطقة، ومن الدول التي لديها أكبر صناديق سيادية في العالم مثل، النرويج، وهي صاحبة أكبر صندوق سيادي عالمي، والصين التي تأتي في المرتبة الثانية عالمياً، وكذلك سنغافورة، وهونغ كونغ وكلتاهما على قائمة أهم الصناديق السيادية عالمياً. 

التعليقات مغلقة.