صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اقتصاديّا … حكومة الرزاز في عام

ليس من السهل على أي مُراقب رصد أعمال حكومة الرزاز الاقتصاديّة خلال العام الذي مضى من عمرها، فجزءٌ كبير من الأنشطة والأعمال التي قامت بها هي امتداد لِحُكومة الملقي.

حتى الإحصاءات المُتعلقة بأنشطة القطاعات التنمويّة المُختلفة لا يمكن أيضا أن نوجّهها كحصيلة نهائيّة لحكومة الرزاز، لأنها امتدادات لسياسات رسميّة سابقة.

لكن باستطاعة المراقبين للأداء الحكوميّ إلقاء بعض الضوء على عدد من المؤشرات العامة أو بعض المفاصل الرئيسيّة التي أعطت شكلاً وهوية لحكومة الرزاز.

حكومة الرزاز نجحت خارجيّاً بشكل كبير في علاقاتها مع صندوق  النقد الدوليّ واستمرار دعم المؤسسة الدوليّة للاقتصاد الوطنيّ الذي يُعاني من مشاكل وتحدّيات مُزمنة، ومفتاح هذه الاستمراريّة كان من خلال إقرار قانون ضَريبة الدخل الذي آثار جدلاً واسعاً في الشّارع أدى في محصلته الأوليّة إلى اِستقالة حكومة الملقي بعد عدم تمكّنها من إقراره، وما قامت به حكومة الرزاز في هذا الأمر هو أنها بدأت حواراً موسعاً مع كافة أطياف الشّارع ساعدها في ذلك ما قام به محلس النواب من دور مهم مساند في عملية الحوار أفضت في النهاية إلى إقراره ليستعيد الأردن حضوره لدى المانحين الذين اشترط غالبيتهم إقرار هذا القانون لاستئناف تقديم المساعدات للأردن.

لكن ما يعتبره البعض هو نجاح للأردن مع صندوق النقد الدوليّ والاستمرار في تنفيذ الاتفاق المشترك بينهما هو بحدّ ذاته فشل شعبيّ لما للاتفاق الأخير مع الصندوق وإقرار قانون الضريبة من تداعيات سلبية مُباشرة على النُمُوّ الاقتصاديّ من جهة والأمن المعيشيّ للمواطنين من جهة أخرى، فالإجراءات التي نُفذت في الفترة الماضيّة كان لها صدى سلبيّ عند فئات عديدة من المواطنين، ناهيك عنن تذمر واضح من القطاع الخاص والذي مازال يئن تحت ضغوطات التباطؤ الاقتصاديّ في المملكة.

هذا النجاح الخارجيّ للحكومة مع صندوق النقد الدوليّ والمانحين يُقابله فشل حكوميّ واضح في استعادة ثِقة الشّارع بالسياسات الاقتصاديّة المُختلقة، فحكومة الرزاز جاءت بنفس وتيرة العمل للحكومات السابقة ولمّ تُبادر في تقديم خارطة عمل واضحة تُعيد بناء جدار الثِقة المعدوم بين الشّارع والحكومة، فمنذ اليوم الأول لتشكيلها والشّارع في حالة استياء عام منها ومن تشكيلتها التي جاءت مُخالفة لِكُلّ التوقعات لِكان تكون أكثر شموليّة وبوجوه جديدة وبرنامج عمل جديد يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة وتحدّياتها المُختلفة، كُلّ هذه الأمور جعلت نظرة الشّارع تجاه حكومة الرزاز لا تختلف عن أيّة حكومة أخرى، فالقضايا الرئيسيّة التي تهم الشّارع في الشأن الاقتصاديّ لم تجدّ حلولاً عمليّة، لا بل اتهمت الحكومة بانها تمارس من خلال شخص الرئيس شعبويّة خارج  منطق العقل.

فسياسات التعيينات التي اتبعتها حكومة الرزاز ساهمت في تأجيج الشّارع بعد اتهام الحكومة بمخالفة تعهّداتها بتحقيق العدالة والشفافيّة لدرجة أن الملك تدخل في بعض الأحيان بعد أن أثارت تعيينات استياء عام في الشّارع.

حتى مسألة تسعيرة المشتقات النفطيّة واِستبدال الضريبة المفروضة بضريبة أخرى مقطوعة أكدت للشّارع العام والمراقبين النظرة الجبائيّة التي تتعاطى بها الحكومة في سياساتها وإجراءاتها مع المواطنين والقطاع الخاص، وان هذه أي السياسيّة الجبائيّة هي الألويّة للحكومة للمحافظة على ديمومة إيرادات الخزينة بغض النظر عن الأعباء التي تحمّلها ويتحمّلها المواطن من تداعيات الفشل الرسميّ في إدارة الاقتصاد الوطنيّ.

ولا نغفل أبداً عن الفشل الحكوميّ في عمليات جذب الاستثمار والجمود الحاصل في هذه العمليّة والشكاوى التي لا تنقطع من المستثمرين ورجال الأعمال عن المعيقات التي تحول دون تنمية أعمالهم وأنشطتهم الاقتصاديّة ولغاية اليوم يتم التعامل معها بالقطعة وفق نظام الفزعة البعيد كُلّ البعد عن العمل المؤسسيّ.

طبعا هُنا بعض المؤشرات الاقتصاديّة التي استمرت في النُمُوّ مثل عائدات السياحة والحوالات والصادرات بنسب طفيفة، لكن المسألة باتت أعمق من ذلك بكثير، فالدعم الدوليّ الذي يتلقاه الأردن في العالم لا يتناسب أبداً مع حجم الإنجازات الداخليّة، ونقولها بصراحة، انه لولا الدعم الدوليّ والمساعدات الماليّة التي تقدم للمملكة لكان الوضع الاقتصاديّ في خبر كان، فالوضع الداخليّ الاقتصاديّ وحركة القطاعات الاقتصاديّة المُختلفة مازال السلام يحوم حولها وتحتاج فعلاً إلى خارطة طريق تتضافر كافة الجهات والمؤسسات الدستوريّة لحلها والخروج من النفق المظلم.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.