صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عَودة النفط العراقيّ

عودة النفط العراقيّ واستمرار تدفقه يُعيد الحياة الاقتصاديّة لقطاعات كثيرة كانت بأمس الحاجة إلى مثل هذه التدفقات والأجواء الاقتصاديّة الإيجابيّة في ظل الاحتقان والاستياء العام.

ها هو النفط العراقيَ يعود من جديد للمملكة بعد أن كان قد توقفت إمداداته منذ ما يُقارب ستة أعوام، ليكون بذلك عُنصراً هاماً ورئيسيّاً ضمن مكونات الطاقة في المملكة وبدائلها المُختلفة.

أهميةُ النفط العراقيّ وأن كانت كمياته مُتواضعة ولا تقارن بالشكل الذي كانت عليه في سنوات ما قبل ٢٠٠٣، إلا أن الاتفاق الأخير المبرم بين الحكومتين الأردنيّة والعراقيّة بإمداد المملكة بـ١٠ آلاف برميل من النفط الخام يوميّاً، يمثل بداية هامة لتعزيز أمن الطاقة في المملكة والعودة التدريجيّة للنفط العراقيّ لتكون حصته اكبر في هيكل إمدادات النفط للأردن الذي يعتمد اليوم على الأسواق العالميّة بِكافة تفاصيلها لتلبية احتياجاته من النفط وتحديداً من شركة أرامكو السعوديّة.

النفط العراقيّ هو نفط تفضيليّ بأسعاره كونه يقلّ عن سعر السوق بحوالي ١٨ دولار للبرميل مُقارنة عما عليه في الأسواق العالميّة، وهذا بحدّ ذاته قد يُساهم بتقليل كُلّف فاتورة استيراد النفط الخام بما يُقارب الـ٦٤ مليون دولار في العام، وقد يكون الأمر مَرشح للزيادة في حال ارتفاع كمية التصدير للمملكة في المرحلة المُقبلة.

بعودة النفط العراقيّ التفضيليّ للمملكة تعود الحياة من جديد لأسطول النقل الأردنيّ من الشاحنات التي توقفت عن العمل بتوقف إمدادات بعد الأعمال الإرهابيّة التي تعرض لها العراق في السنوات الأخيرة، وهذا أمر في غاية الأهمية فَهُناك أكثر من مئات الشاحنات التي كانت تتنقل يوميا بين البلدين حاملة للنفط العراقيّ، تعرضت أعمالها وأنشطتها للتوقف بالكامل بتوقف النفط العراقيّ، وبعودته المبدئيّة ستعود للعمل بالحدّ الأدنى أكثر من ٢٠٠ شاحنة ستقوم بنقل ١٠ آلاف برميل نفط خام يومياً من العراق للمملكة.

النفط العراقيّ عبر الشاحنات الاردنيّة هو خطوة اقتصاديّة أولى ضمن مشروع تعاون بين البلدين في مجال النفط ينتهي باستكمال الإجراءات التنفيذيّة للمشروع الاستراتيجيّ الذي يشكّل حلماً للعراقيين وهو مشروع أنبوب النفط الخام (البصرة-العقبة) الذي سيتم من خلاله تزويد المملكة بحوالي١٥٠ ألف برميل يوميّاً من النفط الخام وبناء خزانات بِسعة ٧ ملايين برميل، وإقامة ميناء لتصدير النفط العراقيّ في العقبة، وبِكُلفة تقديريّة للأنبوب بحوالي ٨ مليارات دولار، فيما يبلغ طول الأنبوب حوالي ١٣٥٠ كيلومترا (٣٥٠ كيلومترا من البصرة وحتى النجف ١٠٠٠ كيلومتر من النجف وحتى العقبة)، في حين أن السِعة التصديريّة للأنبوب تبلغ حوالي مليون برميل يوميّاً ويتيح “الفرصة لتزويد الأردن بكمية 150 ألف برميل من النفط الخام المار بأراضيه، ناهيك عن فوائد المشروع الأخرى للأردن، حيث سيتقاضى رسوم عبور عن خط النفط الذي يعد المنفذ الوحيد للنفط العراقيّ على البحر الأحمر خلال فترة المشروع وعمرها 25 عاما، كما يوفر المشروع فرص عمل للشركات.

الأهمية الأخرى لعودة النفط العراقيّ هي مصفاة البترول الأردنيّة، أحد أهم الأذرع الاقتصاديّة التنمويّة الاستراتيجيّة في الاقتصاد الأردنيّ، والتي تثبت يوما بعد يوم أن أهميتها لا يمكن لأيّة حكومة أو جهة ما التقليل من هذه الأهمية والدور الحاسم الذي تلعبه في تعزيز الاستقرار والأمان الاقتصاديّ للمملكة في كُلّ الأوقات وتحت كُلّ الظروف، فلولا وجود المصفاة ما كان للاتفاق النفطيّ بين البلدين أن يتم، حتى الأنبوب كان صعب التحقيق أو حتى الحديث عنه في حال عدم وجود مصفاة، وهُنا يعود الحديث من جديد عن أهمية المصفاة وقيام الحكومة بتوفير كافة أشكال الدعم لهذه المؤسسة الرياديّة في تعزيز أنشطتها من خلال السير قُدماً ببرنامج تسديد مديونيتها البالغة ٦٠٠ مليون دينار على الجهات الحكوميّة المُختلفة، وتوفير كُلّ سبل إنجاز مشروع التوسعة الرابع، وإزالة التشوهات والعقبات التي تقف دون نُمُوّ أعمال المصفاة التي هي الوحيدة المجهزة للتعامل اليوم مع النفط العراقيّ.

عودة النفط العراقيّ واستمرار تدفقه يُعيد الحياة الاقتصاديّة لقطاعات كثيرة كانت بأمس الحاجة إلى مثل هذه التدفقات والأجواء الاقتصاديّة الإيجابيّة في ظل الاحتقان والاستياء العام.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.