صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المُعاملة بالمِثْل لِحماية الصِناعة الوطنيّة

الصِناعة الوطنيّة بأمس الحاجة اليوم إلى استمرار المراجعة الحكوميّة لعلاقاتها الاقتصاديّة مع مُختلف دول العالم من حيث التأكد من وجود أجواء منافسة سليمة

تأخرت الحُكومة كثيراً في تطبيق مَبدأ المُعاملة بالمِثْل على صادِرات الدول التي فَرضت الكثير من العَقَبات أمام الصادِرات الوطنيّة التي تُعاني اليوم من كم كبير من التحدّيات الداخليّة والخارجيّة التي حدّت من قُدرتِها على النُمُوّ.

الصِناعات الأردنيّة التي اجتازت أكثر من ١٢٠ سوقاً تُعاني من مشهد داخليّ صَعب نتيجة الالتزام الدقيق للأردن باتفاقيات التِجارة الحرّة التي أبرمتها خلال العقدين الأخيرين، وأكاد اجزم من خلال مُتابعتي واتصالي مع القطاع الخاص أن الأردن يكاد يكون الدولة الوحيدة في العالم أو في المنطقة تحديداً التي تنفذ اتفاقياتها الاقتصاديّة الحرّة بِكُلّ بُنودها وحذافيرها دون أيّة تجاوزات، وهو الدولة الوحيدة المُستمرة بالتنفيذ وهي ترى الأطراف الأخرى تضع من العقبات التي تحدّ من صادرات المملكة إلى تلك الدول.

ابرز العقبات التي تقف أمام المُنتجات الوطنيّة المصدّرة هي الإجراءات الإداريّة والعقبات المُختلفة التي تضعها دول الجوار وغيرها من الدول على السِلع الأردنيّة حماية لِمُنتجاتها الوطنيّة المثيلة للمنتج الأردنيّ، فاليوم العالم في تسابق مَحموم لحماية صناعاته الوطنيّة لإدراكه التام أن حلّ المُشكلات الاقتصاديّة في الدول لا يكّمن إلا من خلال التنميّة الصناعيّة والنهوض بأوضاع الصناعيين وتقديم كافة أشكال الدعم لهم، لأنهم في هذه الحالة سيكون بمقدور الحُكومات أن تواجه مشاكل البطالة والتشغيل وجذب العملات الأجنبيّة وتعزيز الاستقرار الاقتصاديّ، فلا تنميّة ولا نُمُوّ دون النهوض بالقطاع الصناعيّ.

أشكال الدعم في الجوار مُتعددة، منها ما هو ماليّ مُباشر للصناعات الوطنيّة في تلك الدول خاصة الصناعات التصديريّة، حيث يتم تقديم دعم ماليّ سنويّ لِكُلّ منشأة صناعيّة تُساهم بالتصدير.

ومنها ما هو دعم غير مباشر من خلال تخفيض كُلّف الطاقة والنقل والتأمينات إذا ما التزمت المُنشأة الصناعيّة بتشغيل عاملين محليين.

في الأردن القطاع الصناعيّ يعاني اليوم من عقبات داخليّة تحول دون قدرته على المنافسة في الأسواق الداخليّة نتيجة لحالات الإغراق التي تشهدها الأسواق المحليّة من بعض المنتجات الأجنبيّة، ويعاني أيضا من تحدّيات في منافسة السلع الأجنبيّة في الأسواق الخارجيّة نتيجة ارتفاع كُلّف الإنتاج لديه مثل الطاقة والنقل التمويل والعمالة، كُلّها عوامل أساسيّة تحدّ من قدرة الاقتصاد الوطنيّ على المنافسة الخارجيّة.

الحُكومة بدأت مؤخراً بمراجعة بعض الاتفاقيات والعلاقات مع دول الجوار وبعض الدول التي كانت قد أبرمت معها في وقت سابق اتفاقيات اقتصاديّة حرّة، وكانت النتيجة أنها ألغت بعضها مثلما هو الحال بالاتفاقية التركيّة، وطبّقت مبدأ المعاملة بالمثل مع سوريّا التي كانت في شهر تشرين أول الماضي أوقف الاستيراد من الأردن بقائمة سلعيّة كبيرة، ولم تسفر المحادثات خلال الشهور الستة التي أعقبت القرار عن أي اِنفراج اقتصاديّ في المُفاوضات، مما اضطر الحكومة لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وأن كان مُتأخرا بعد أن غزت المنتجات السوريّة الأسواق المحليّة  بِكُلّف زهيدة أثرت سلباً على المنتج الصناعيّ الوطنيّ.

الصِناعة الوطنيّة بأمس الحاجة اليوم إلى استمرار المراجعة الحكوميّة لعلاقاتها الاقتصاديّة مع مُختلف دول العالم من حيث التأكد من وجود أجواء منافسة سليمة، وفِي حال اكتشافها، فأن المصلحة الوطنيّة تقتضي تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل الذي تطبقه الدول الغنية والفقيرة على حدٍ سواء.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.