صحيفة الكترونية اردنية شاملة

إعصار من الشائعات

للأسف.. في زمن التسارع الإعلاميّ عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ المُختلفة يكون الاقتصاد هو الضحية الأولى لحرب الشائعات وتضليل الرأي العام وخلق الفبركات متزامناً مع حالة تراجع الأخلاقيّات والمبادئ في التعامل مع القضايا المختلفة بروح المسؤولية والوطنيّة

صحيح أن هناك حالة استياء شعبيّ عام من الحُكومة ليس بسبب فقط أزمة المُعلمين، وإنّما نتيجة تراكم تردي الأوضاع الاقتصاديّة بشكل عام، وارتفاع كُلّف المعيشة بشكل خاص، وهذا الشعور أمر طبيعيّ في ظل الأجواء الراهنة وعدم الوصول إلى أهداف تنمويّة كانت الحُكومات على الدوام تتحدث عنها، بأنها ستكون في متناول أيدي المواطنين الذين سيتلمسون الآثار الإيجابيّة للإجراءات والسياسات المُختلفة خلال فترات معينة ومحددة اكد عليها مسؤولي الحكومة أنفسهم، والنتيجة أنها لم تتحقّق للأسف.

في ظل ذلك، الأجواء المشحونة توفر الأرضيّة الخصبة للشائعات الهدّامة التي تنخر في منجزات الوطن وتهدم كُلّ ما هو جميل.

ولا نبالغ أن وصفنا ما يتعرض له الوطن من شائعات بأنه أسوأ من الزلازل والأعاصير التي تضرب كُلّ شيء عند حدوثها مع فارق أن الشائعات الهدّامة تضرب كُلّ ما هو حقيقي وجميل وتغتال الإنجاز وتحطم المعنويات وتثير الفتن والأكاذيب، وتهدّم المنجزات الاقتصاديّة بنشرها الأكاذيب والتصريحات المُضللة، والأسوأ من ذلك كُلّه عندما يقود هذه الشائعات ممن هم محسوبون على الدولة ورجالتها، فمن باب المُناكفات يتم تداول الشائعات ونشرتها على اعتبار أنها مُسلّمات صادرة منهم بشكل مُعيب وفاضح على أمل أن يعودوا لكرسي السلطة.

للأسف الشائعات في هذه الأجواء المشحونة تضرب بعرض الخائن كُلّ إنجاز تحقّق وتشوه صورته، فالشركات الناجحة في الأردن كشركة البوتاس العربية لم تسلم من هذه الشائعات التي طالت كُلّ مستوياتها، علماً أن الشركة وبشهادة الجميع تتمتع بأعلى درجات الحاكميّة والشفافيّة والمهنيّة والإنتاجيّة العالية التي مكّنتها أن تتربع على سدة الشركات الرابح والداعمة للاقتصاد الوطنيّ، فهي وزعت في السنوات للسبع الأخيرة اكثر من ١.١ مليار دينار أرباحاً على مساهميها، وحصلت الخزينة على عائدات مختلفة اقتربت من الـ٢٠٠ مليون دينار في الفترة الأخيرة، وهي الشركة الرائدة في المسؤوليّة الاجتماعيّة في كُلّ محافظات المملكة، ورافد أساسيّ لاحتياطات العملة الأجنبيّة، فما هي الأسباب التي تدفع إلى تشويه صورة هذه الشركة الرائدة في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهده الاقتصاد الوطنيّ تحدّيات داخليّة وخارجيّة صعبة؟.

كيف لنا أن نفسر حديث من يصفوا أنفسهم بمسؤولين في الدولة عن رواتب فلكيّة لمدراء في احدى المؤسسات الاقتصاديّة واعتبار ذلك أمر مسلّم غير قابل التصحيح، وعند الاستقصاء عن الأمر تبين انه شائعات لا اكثر وأن الراتب الحقيقي لذلك المدير لا يختلف عن ما يتقاضاه أي مدير مماثل له ضمن نفس الفئة الوظيفيّة والذي هو ضمن المعقول والمتعارف عليه، والأغرب من ذلك هو إصرار ذلك المدعي بالترويج للشائعة نفسها حتى بعد توضيحها من الجهات المسؤولة.

حتى راتب المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعيّ والذي لم يعد خافياً على احد، يصر أشباه المسؤولين مطلقي الشائعات انه يتجاوز الـ٢٠ الف دينار شهريّاً علماً انه لا يتجاوز الـ٣.١ الف دين لا اكثر.

فعلاً نحن لا نبالغ أن قلنا بأن المملكة تتعرض الآن أسوأ إعصار من الشائعات المبرمجة الهدامة بالتزامن مع أزمة المعلمين.

بهدف إثارة الفتنة وقلب الحقائق وضرب كُلّ منجزات الوطن ومؤسساته الناجحة بالحديث الكاذب عن رواتب سكرتيرة الأمانة والضمان الاجتماعيّ ومنطقة المفرق الاقتصاديّة، والتدريب لمعلمي التربية في أكاديمية الملكة رانيا، كُلّها مع كُلّ اسف شائعات مُبرمجة ومضلله وكاذبه لا أساس لها من الصحة وفندتها الدوائر المعنية بالأدلة والبراهين.

للأسف.. في زمن التسارع الإعلاميّ عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ المُختلفة يكون الاقتصاد هو الضحية الأولى لحرب الشائعات وتضليل الرأي العام وخلق الفبركات متزامناً مع حالة تراجع الأخلاقيّات والمبادئ في التعامل مع القضايا المختلفة بروح المسؤولية والوطنيّة، وهذا ما نعاني منه اليوم في مجتمعنا الذي لم يفرق بين ما هو صحيح وما هو كاذب، أو على الأقل لا يريد أن يصدق الحقيقة ويبحث عنها من باب المناكفات للحكومات وسياساتها من جهة، واستفادة فئات داخليّة وخارجيّة من حالة التخبط في الشائعات الهدّامة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.