صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أولويّات التعاون مع الصندوق

أي برنامج جديد مع الصندوق يجب أن يركز على النُمُوّ ودور القطاع الخاص ويبتعد كليّاً عن أيّة إجراءات ماليّة جديدة يتحملها المواطن والقطاع الخاص لانه لا مجال للتحمّل والحركة

شخصيّاً لا أرى ما يمنع استمرار الحُكومة في التعاون مع صندوق النقد الدوليّ والعمل على تجديد اِتفاق التصحيح الاقتصاديّ لفترة جديدة بعد انتهاء الحالي في الربع الأول من العام المُقبل.

أهمية البرنامج مع صندوق النقد أنه لمّ يعد بإمكان دول مثل الأردن السير لاقتصاديّات مع المانحين والمنظمات والمؤسسات الدوليّة دون أن يكون هُناك تعاون مع الصندوق من خلال برامج عمل يعطي في النهاية شهادة حسن سلوك للدولة، وبالتالي يدعم أيّة عمليات تعاون معها.

الأردن لا يستطيع العمل لِوحده اليوم اقتصاديّاً، فهو يعتمد بشكل متزايد على المنح الخارجيّة التي وفي جزء كبير منها يأتي دعماً لمواقفه السياسيّة ودوره في منطقة الشرق الأوسط، وهذه مسألة تاريخيّة ليست وليدة حالة معينة.

لكن هُناك محددات باتت تُسيطر على مشهد العلاقة بين الأردن والصندوق خاصة بعد البرنامجين الأخيرين اللذين نفذّهما الأردن منذ نهاية عام ٢٠١٢، فجميعها ركزت على توفير استقرار ماليّ للخزينة التي تعاني من ارتفاع مزمن في العجز، وهو ما تم السيطرة عليه من خلال إلغاء دعم المحروقات تقريباً ورفع التعرفة الكهربائيّة، وفرض مزيد من الرسوم الضريبيّة على عدد من السلع والخدمات، لكن المحصّلة هو توفير أموال للخزينة في المراحل الأولى من بداية عمر القرارات، إلا انها انعكست سلباً على على النُمُوّ الاقتصاديّ الذي مازال الاقتصاد الوطنيّ يعاني من حالة تباطؤ شديد لم يتجاوز النُمُوّ في أفضل حالات البرنامج مع الصندوق ال٢.٢ بالمئة والنُمُوّ في الربع الثالث من هذا العام البالغ ١.٨ بالمئة هو مؤشر آخر على افتقار هذه البرامج للآليات الكفيلة بتعزيز النُمُوّ الاقتصاديّ، فهي برامج ماليّة لا تنمويّة.

الحُكومة التزمت حرفيّا ببنود اتفاقها مع الصندوق، ومع ذلك جاءت بعض النتائج سلبيّة خاصة في مِعدّلات الدين والعجز الذي من المتوقع أن يرتفع عن المقدر (٦٥٠) مليون دينار إلى اكثر من ١.١ مليار دينار على أقل تقدير، وهو ما سيجعل الدين يتجاوز نسبة ال٩٧ بالمئة إذا بقيت المؤشرات والاداء على ما هو عليه.

الحل الافتراضيّ يتطلب أن يكون هناك مُراجعة شاملة لكافة الإجراءات التي تمت في اتفاق التصحيح مع الصندوق، ومن ثم الخروج بتصور جديد مبنيّ على مراجعة الأخطاء التي وقعت ضمن فترات عمل البرنامج الأخير.

الصندوق في آخر مباحثات له مع مسؤولي الحكومة مقتنع تمام أن الحكومة عملت كل ما بوسعها في تنفيذ ما اتفق عليه، لكن هو مازال يطلب خطة لمواجهة نُمُوّ الدين والعجز الماليّ وضبط النفقات.

الحُكومة بدورها أكدت على التزامها الكامل بمعالجة كافة التشوهات خاصة في مُكافحة التهرّب والإصلاح الضريبيّ التي بدأت المؤشرات بعد شهر تموز تظهر تحسنًا ملموسًا، لكن يبقى على الحِكومة الاستمرار في ذات النهج الحازم في معالجة هذه التشوهات ومكافحة التهرّب وضبط الإنفاق، واصلاح القطاع العام وتحفيز القطاع الخاص من خلال ازالة كافة العقبات التي تحول دون تنمية أنشطته الإنتاجيّة المختلفة.

أي برنامج جديد مع الصندوق يجب أن يركز على النُمُوّ ودور القطاع الخاص ويبتعد كليّاً عن أيّة إجراءات ماليّة جديدة يتحملها المواطن والقطاع الخاص لانه لا مجال للتحمّل والحركة، وفي اعتقادي أن هذه الرسالة وصلت للصندوق خاصة وأن بعثتها الحالية للأردن كان لها تجربة طويلة في لبنان الذي يعاني اليوم من اعتصامات ومظاهرات كبرى.

[email protected]

التعليقات مغلقة.