صحيفة الكترونية اردنية شاملة

غرب وشرق لا يلتقيان؟! بقلم: حسين شبكشي

مع الانفتاح الاقتصادي المتواصل على آسيا قد يظن البعض أن الفضول تعمق ليشمل الجوانب الفكرية والثقافية لتعبر عن رغبة المنطقة في التعرف على شعوب الشرق الأقصى وعلى ثقافتهم وكتبهم وتوجهاتهم، بدلا من الاكتفاء بالتجارة معهم والإقبال على أكلهم وفنونهم.
وهو على عكس ما تم عمله تماما مع الثقافة الغربية التي تم الانفتاح عليها تماما نظرا «لتأثير» الجغرافيا على دول الشام ومصر وموقعها على البحر المتوسط، فكان من الطبيعي الانفتاح على ثقافة اليونان ثم روما ثم فرنسا بشكل مكثف ولا يمكن إغفاله، وأصبحت كليات الآداب والعلوم العربية تشجع التخصص في علوم الغرب؛ ولذلك ليس غريبا أن ترى الخريجين يعرفون كثيرا عن (سقراط) و(أفلاطون) و(أرسطو)، ويجهلون تماما عن (زرادشت) و(ماني) أو (بوذا) و(جاني) أو (كونفوشيوس) و(لوتشيبوس)، ويدرسون (الإلياذة) و(الأوديسة)، بينما لا يعرفون شيئا عن (المهابهاراتا) و(الرامايانا)، ويتعمقون في آراء (أرستوفان) و(سوفوكليس) و(فرجيل) ولا يعلمون شيئا عن فلسفة (لوبون) و(داوتشين) و(دومو).
يقول أحد المرافقين للجنرال الأميركي مارك آرثر: «انتصرنا على الشرق الأقصى بعد أن فهمنا فلسفتهم». وهذه النقطة أدركها كين ويلبر أحد أهم الفلاسفة المعاصرين الذي كانت قراءته مفروضة على أفراد إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بل كلينتون بداية من الرئيس ونائبه آل غور، وصولا إلى سائر أفراد الإدارة، تميز ويلبر بأنه تمكن من إيجاد منطقة مشتركة بين آراء الفلاسفة العظام من الغرب وكبار الأفكار الفلسفية العميقة من تراث وثقافة الشرق الأقصى بشكل فيه احترام للجهتين دون التركيز على أفضلية واحدة منهم دون الآخر، وبالتالي الابتعاد تماما عن اللغة الإقصائية التقليدية التي تحصل في هذه الحالات.
وسبق أن عانى الشرق الأقصى من استعمار الغرب له، وسرقة أفكاره ونسبتها له، من اختراع الورق الذي يؤكد الصينيون أنهم أول من اخترعوه وذلك قبل الفراعنة والغرب، وكذلك يدعون أن لهم الأولوية في الاختراعات الهندسية وأنظمة الري، حتى معجنات الباستا ومكرونة الإسباغيتي، حيث يدعون أن المكتشف الإيطالي ماركو بولو «سرق» وجبة «النودلز» الصينية وطورها، بعد أن عاد بها لإيطاليا من رحلات طريق الحرير القديم.
وكل ذلك يطرح سؤالا ملحا حول نظرة الحضارتين الغربية والشرقية، وهو سؤال مهم جدا: أيهما أجدر أن تكون له الحماية في الملكية الفرد أم الدولة؟ الملكية الفردية كانت قبل ملكية الدولة، بل إن الدولة جاءت كمنظومة لحماية حق الملكية الفردية، ومنع الطغيان والفساد ضدها، وهذا السؤال يزداد أهمية مع صعود متنامٍ في ثقافتين «مختلفتين تماما».
الصين بشيوعيتها الرأسمالية والتي تعتمد فيها على اقتصاد الدولة وتتبعها في الخط والنهج نفسه روسيا، وهناك المعسكر الغربي الذي يحمي حق الملكية الفردية الذي أبدع فيه العشرات من المتفوقين في مجالات شتى. تبرز الصين مثالها في شركة «هواوي» والتي هي نتاج اقتصاد الدولة، وترد أميركا عليها بمثال شركة «آبل» والتي لولا نجاحاتها لما كانت شركة هواوي؛ لأن نجاح شركة هواوي سره حقوق ملكية ليست لها. الشرق الاوسط

التعليقات مغلقة.