صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحدّيات موازنة ٢٠٢٠

خيارات الموازنة للعام المقبل ستكون محدودة للغاية أن لم تكن معدومة، وهو ما يتطلب تفاهمات مسبقة وحازمة حول إطارها العام بين كافة المؤسسات الدستوريّة للدولة والالتزام الكامل بتنفيذها سيكون هو محط مراقبة الجهات المعنية والدوليّة معاً في المرحلة المقبلة.

تحاول الحُكومة جاهدة للوصول لتفاهمات مسبقة مع مجلس النوّاب قبيل استلام الأخير لمشروع قانون موازنة ٢٠٢٠ والذي يأتي في ظل ظروف استثنائيّة غير مسبوقة منذ عام ١٩٨٩.

الظروف الاستثنائيّة لموازنة العام المقبل تتلخص في موازنة العام الحالي ٢٠١٩ والتي جاءت الكثير من مؤشراتها مختلفة عن فرضياتها بشكل سلبيّ خاصة في مجال تراجع الإيرادات وتنامي النفقات نتيجة عدد من العوامل ابرزها: هبوط عام في الإيرادات الناتجة من ضريبة المبيعات بسبب تراجع الاستهلاك الداخليّ، ناهيك عن انخفاض الأسعار العام وهبوط المستوردات وهذه كُلّها أسباب أدت لهبوط تحصيلات الحكومة من ضرائب المبيعات وغيرها خاصة في النصف الأول من هذا العام، والكُلّ يعلم جيداً أن خسارة الخزينة من عمليات تهريب الدخان افقدت الخزينة ما يقارب ال١٣٠ مليون دينار في تلك الفترة، قبل أن تعود عوائده لمستوياتها الطبيعيّة والمستهدفة بعد شهر تموز نتيجة الجهود المكثفة في محاربة التهريب ومعالجة الكثير من التشوهات في هذا الأمر.

في جانب النفقات كان النُمُوّ السلبيّ في أرقامها والتي زادت بما نسبته ٥ بالمئة عن النسب المقدّرة حسب المؤشرات الأوليّة حتى شهر آب الماضي، وهذا ناتج عن كُلّف الدعم النقديّ-١٧٠ مليون دينار- وارتفاع دعم الأعلاف -١٠٠ مليون دينار- والمعالجات الطبيّة التي قفزت إلى ما يقارب ال٣٠٠ مليون دينار، كُلّها ساهمت في جعل عجز الموازنة المقدّر ب٦٥٠ مليون دينار أن يقفز إلى ١.١ مليار دينار على اقل تقدير.

فى ضوء التحدّيات الرقميّة السابقة ونظراً لتعليق المراجعة الثالثة مع صندوق النقد الدوليّ تعكّف الحكومة وبتوجيهات ملكية مباشرة إلى إطلاق خطة اقتصاديّة تنفيذيّة كمحاولة لترجمة الأرقام إلى إجراءات تنفيذيّة تكون منسجمة مع الموازنة للعام المقبل.

لكن التحدّيات التي تواجه الحكومة مع مجلس النوّاب في موازنة ٢٠٢٠ هو كيفية الاتفاق على إطار عام لها من خلال ترجمة التوجيهات الملكية في خطاب العرش الساميّ الأخير والذي يدعو الحكومة صراحة إلى وضع اولويّة الأمن المعيشيّ للمواطنين على راس برنامج الدولة الاقتصاديّ.

النوّاب مصرون هذه المرّة على أن يتضمن مشروع قانون موازنة العام المقبل مجموعة من الركائز الأساسيّة أهمها زيادة الرواتب للعاملين والمتقاعدين بشكل واضح كما حصل مع المعلمين، وتخفيض بعض الضرائب والرسوم أهمها ضريبة المبيعات.

بالنسبة للحكومة فالدراسات الأوليّة تشير إلى أن أي كُلّفة في زيادة الرواتب عن ٣٥٠ مليون دينار، ناهيك عن ١٢٠ مليون زيادة المعلمين، أي أن كُلّف الزيادة في الرواتب ستقترب لوحدها من نصف مليار دينار على اقل تقدير.

من جانب آخر هناك موضوع التشوهات في تعرفة الكهرباء وكيفية معالجتها بعيداً عن المساس بذوي الدخول المحدودة والذي يُكلّف دعمهم ما يقارب ال٢٣٠ مليون دينار، فالحكومة تحاول فتح هذا الملف لكنها ستواجه بردود فعل عنيفة من النوّاب والرأي العام، اضافة لموضوع الدعم المخصص للكُلّ في قانون الموازنة لمختلف الجهات يبلغ ما يقارب ال٨٥٠ مليون دينار، في حين ان المبلغ مازال غير واضح المعالم في الأثر الاقتصاديّ له، مما يتطلب اعادة دراسة اقتصاديّة لتقييم هذه المخصصات وكيفية تعظيمها والاستفادة بالشكل الصحيح.

خيارات الموازنة للعام المقبل ستكون محدودة للغاية أن لم تكن معدومة، وهو ما يتطلب تفاهمات مسبقة وحازمة حول إطارها العام بين كافة المؤسسات الدستوريّة للدولة والالتزام الكامل بتنفيذها سيكون هو محط مراقبة الجهات المعنية والدوليّة معاً في المرحلة المقبلة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.