صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحلزونة يما الحلزونة!!

طبعاً هذه الكلمات أنا كتبتها، ليس لها أي معنى ولم أقصد فيها أي مضمون ولا رمز ولا عمق ولا وطن ولا فلسطين ولا حب ولا كره ولا اقتصاد ولا بديع ولا إشي مجرد "حكي بحكي" صف كلمات، مجرد صف كلمات

“في نصف التفاحة أرتسم القمر… قم يا عمر… السماء ملبدة بالألوان… وزخات شعر تتساقط في المكان وصوت قادم من بعيد ينادي من عمان… أين أنت يا إنسان… في نصف التفاحة خطوط الزمان… وقارئة فنجان وخارطة تصنع من خصلة شعر تلّوح في الفضاء وأنشودة بدوية تسكب في فنجان… في نصف التفاحة عمر مضى وعمر قد يأتي وعمر تبعثره الألوان….”

طبعاً هذه الكلمات أنا كتبتها، ليس لها أي معنى ولم أقصد فيها أي مضمون ولا رمز ولا عمق ولا وطن ولا فلسطين ولا حب ولا كره ولا اقتصاد ولا بديع ولا إشي مجرد “حكي بحكي” صف كلمات، مجرد صف كلمات…
أحبتي كثيراً ما أصغي للشعر، فأنا أحب اللغة العربية واترنم على الكلام العذب وأحلق مع الجمل المصاغة بطريقة فنيه!! والأمتع أن يشاركني أحدهم هذه المتعة وهذا التذوق ولكنني وفي كثير من الأحيان أصدم حينما أدعي لحضور أمسية شعرية فأسمع ما يزعج مسامعي ويضيق به صدري فمن نصب للمجرور إلى رفع للمنصوب إلى كوارث في ضبط الكلمات والجمل وكوارث في الإلقاء وفي صف الكلمات فليس هناك صور تستمتع بها ولا ضبط ولا أي شيء سوى كلام تافه يؤرق السمع ويلوث الفضاء ويزعج كل الكائنات.
والأدهى والأمر أن هؤلاء يعتقدون بأنهم من فئة الكتاب أو الشعراء ويعيشون الدور على أنهم من فئة المثقفين فهذا يطيل شعره إلى ركبه ولا يغسله إلا بماء المطر وتلك تلبس ألواناً أقرب إلى ألوان قوس قزح وأخرى تضع ألوان قوس قزح مجتمعه على وجهها كنوع من الثقافة والأدب.
وأولئك الذين يحتسون القهوة مع السيجارة وهم في حقيقة الأمر لا يحبون القهوة ولا يتقنون فن التدخين!! فلا أدري لماذا أرتبط مفهوم الثقافة لديهم بالدخان الكثيف والشعر المنكوش و الزهد المبالغ فيه في اللبس واحتساء القهوة وركزوا على (إحتساء) وليس شرب فهي الفارق بين المثقف وغير المثقف وتراه يهب حياته للفن أو للكتابة أو للتمثيل دون وجود موهبة أصلاً أو على الأقل دون أن يكون هناك أي تدريب على هذه الهواية ليتم صقلها إن وجدت، أو أكاد أشك أن بعضهم لم يقرأ ما كتبه إلا يوم القاءه للجمهور، ولك سيدي أن تتخيل علبة من الألوان غير المتناسقة تتشاجر مع شخص يقف بعيداً بطلاسم غير مفهومة وغير واضحة وتلقيها بثقة مبالغ فيها، نعم هذا أقل وصف لما شاهدت.
لا أدري لماذا يسمح للبعض بالصعود إلى خشبة المسرح وإلقاء القصائد قبل تدقيقها وضبطها من قبل مختصين، ولكن ما صدمني في هذه الأمسية عندما همس زميلي في أذني ونحن نستمع لأحدى الشويعرات وهي تؤذي مسامعنا بكلامها التافه وغير المترابط وغير المضبوط وإلقائها الذي تحتار فيه إذا ما كان جزءاً من مشاجرة أو صراخ على مفقود أو أي شيء آخر … أي شيء إلا الشعر….
قالي صديقي: يا حبيبي الصعود إلى المسرح مدفوع الثمن!!

استوقفتي العبارة لأقف مصفقاً وأنا أصرخ… نعم نعم نعم… *الحلزونة يما الحلزونة!

* الحلزونة يما الحلزونة، قصيدة من فيلم لعادل إمام.

مدير عام مدارس الرأي
ومؤسس مدارس كنجستون الدولية

التعليقات مغلقة.