صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الانتخابات الإسرائيلية الرابعة نحو حكومة أكثر يمينية

 أيمن الحنيطي – بترا

يصعب التنبؤ حاليا بشكل الائتلاف الحكومي القادم الذي ستؤول اليه انتخابات الكنيست الإسرائيلي في آذار المقبل، وان كانت الكفة ترجح لصالح اليمين، ولن تتضح صورة التحالفات الممكنة إلا بعد الرابع من شباط، الموعد النهائي لتقديم القوائم الحزبية التي ستخوض المنافسة في الانتخابات.

وكان قطبا الائتلاف الحكومي في إسرائيل “ائتلاف كورونا”، الليكود بزعامة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، وتحالف “ازرق ابيض” بزعامة الجنرال المتقاعد بنيني غانتس؛ وزير الأمن في حكومة الاحتلال، فشلا في التوصل لاتفاق حول تمرير الميزانية وتفعيل اتفاق التناوب على رئاسة الوزراء بينهما، ما أدى إلى حل الكنيست (البرلمان) نفسه تلقائيا يوم 22 كانون الأول الماضي لتتجه إسرائيل لانتخابات مبكرة هي الرابعة خلال اقل من عامين.

وآخر استطلاعات الرأي تمنح غانتس 4 مقاعد فقط، فقد حاول الضغط على نتنياهو ووضع الكرة في ملعبه خلال شهر كانون الأول الفائت لحمله على الالتزام باتفاق التناوب معه على رئاسة الوزراء الذي كان مقررا فيه ان يتسلم رئاسة الحكومة في 21 تشرين الثاني 2021، بعد تمرير الميزانية لعامي 2020-2021، حتى الموعد النهائي لتمريرها بالكنيست في 23 كانون الاول 2020 لكن دون فائدة.

وظهر جدعون ساعر؛ الرجل الرابع في قائمة الليكود، منشقا عن حزب الحزب فاستشعر نتنياهو بخطره وهرع مع غانتس الخائف اصلا من الانتخابات نظرا لتراجع شعبية بالاستطلاعات، وحاولا في اللحظات الأخيرة اطالة عمر الائتلاف، وطرحا مشروع قانون لتأجيل التصويت على الميزانية، افشله اعضاء من الليكود و”ازرق ابيض” كانوا ممتعضين من اداء نتنياهو وغانتس خصوصا في ازمة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية، فانجر الاثنان لانتخابات مبكرة لا يريدانها.

وما زالت استطلاعات الرأي تركز على ما سيحققه الحزب الجديد الذي انشأه ساعر المنشق عن الليكود، واطلق عليه اسم “تيكفا حدشاه – ومعناه بالعبرية امل جديد” من نتائج مع تردد الأنباء في البداية ان ايزنكوت رئيس الاركان السابق الذي اعلن اخيرا انه لن يخوض معترك السياسة ربما ينضم اليه، وتمنحه الاستطلاعات اليوم بين 17 – 21 مقعداً على حساب تحالف اليمين الايديولوجي”يميناه – ومعناها إلى اليمين” بزعامة نفتالي بينت، وبقية الأحزاب. وجاءت استقالة وزير المياه والتعليم العالي زئيف الكين المقرب جدا من نتنياهو ، وانضمامه لحزب ساعر الجديد بمثابة ضربة قاسمة تلقاها نتنياهو أخيرا، لان الكين كان يحفظ إسرار نتنياهو وعائلته، ومقرب جدا منه، وكان نتنياهو يستعين به مترجما بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاءات الاثنين، وهو رجل يميني متطرف، ولا يمكن لنتنياهو وصفه مع ساعر بـ”اليساريين” لتحطيمها كما حطم غانتس وتحالفه، وشهد الليكود خلال الأسابيع الأخيرة انشقاق خمسة من أعضاء الكنيست فيه، وتشير الاستطلاعات إلى استحالة أن يشكّل نتنياهو، الحكومة المقبلة لوحده دون ساعر وبينيت.

وبحسب محللين فإن نتنياهو عندما ايقن ان الحراك الحزبي في اليمين والوسط واليسار يسير باتجاه الإطاحة به، سارع لتعزيز صفوف الحزب بمرشّحين جدد مقربين منه، مثل السفير الاسرائيلي الحالي في واشنطن رون ديرمر والجنرال المتقاعد غال هيرش، وغلعاد شارون؛ نجل ارئيل شارون ويسعى ايضاً لإعادة احياء “كتلة اليمين” مع الاحزاب الدينية، ونجح مؤخرا بمنع اجراء انتخابات داخلية داخل الليكود، ويحول في حملته مبكرا الحصول على الصوت العربي من خلال “صداقته الحميمة” مع النائب منصور عباس، رئيس الجبهة العربية الموحدة، احدى مكونات القائمة المشتركة . وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع تحالف “ارزق ابيض” إلى 4-5 مقاعد، واصبح اقرب الى “عتبة الحسم” بعد حصوله بانتخابات آذار الماضي على 33 مقعداً خصوصا بعد أن غادره وزير الخارجيّة غابي أشكنازي، ووزير القضاء افي نيسنكورين الذي انضم لحزب “الوسط – اليسار” الجديد “الاسرائيليون” الذي انشأه اخيرا رئيس بلدية تل ابيب رون خولدائي، وتمنحه استطلاعات الرأي اليوم 8 مقاعد.

وكان وزير السياحة السابق اساف زامير، وعضو الكنيست شيلي يحيموفيتش اول المغادرين من تحالف غانتس “ازرق ابيض” ما اعطى مؤشرات قوية ببداية تفكك ” تحالف الجنرالات” الأول في إسرائيل. ويحاول اليوم يائير لابيد زعيم حزب الوسط ” ييش عاتيد – ومعناها يوجد مستقبل” الذي تمنحه الاستطلاعات حالياً نحو 15 مقعدا، تعزيز مكانته بدمج أحزاب يسارية ووسطية صغيرة معه لمنافسة الليكود وحزب ساعر الجديد ” تيكفا حدشاه”. ويرى مراقبون ان حزب العمل اليساري يواجه اليوم خطر الانقراض والاختفاء عن الساحة السياسية بعد مرور اكثر من نصف قرن على تأسيسه، حيث يشكل “العمل” اليوم امتدادا لأحزاب صهيونية أنشأتها الدولة العبرية.

ويوصف اليوم انه “الحزب منشئ الدولة”، فقد اعلن رئيس الحزب الحالي عامير بيرتس انه لن يخوض انتخابات آذار 2021 على راس الحزب لإتاحة المجال امام قيادة ودماء جديدة، بات الحزب يحتاجها بعد انهياره تقريباً في السنوات الماضية، وعدم تخطيه “عتبه الحسم ونسبتها 5ر3 بالمئة باستطلاعات الرأي، وجرى الاتفاق اخيرا على عقد انتخابات تمهيدية داخل الحزب قريبا. وتعكس نتائج الاستطلاعات الأخيرة مدى تأثير الانقسام الداخلي في القائمة العربية المشتركة على نتائجها وشعبيتها، ما أدى إلى تراجعها، وحصولها فقط على 11 مقعدا من اصل 14 – 15 مقعدا.

وظهرت منذ شهر آب الماضي ملامح انشقاق داخل القائمة بعد تقرب منصور عباس رئيس “القائمة العربية الموحدة ” (وتمتلك 4 اعضاء)، الممثلة للجناح الجنوبي للحركة الاسلامية بالوسط العربي بالمشتركة من الليكود ونتنياهو، والذي بدأ في الآونة الأخيرة يغازل العرب طمعا بأصواتهم، واعلن انه يدرس إمكانية ان يكون هناك وزير مسلم في الليكود. ولا يمكن التنبؤ حاليا بشكل الائتلاف الحكومي القادم الذي ستؤول إليه انتخابات شهر آذار المقبل، ولكن ترجح الكفة لصالح اليمين، فالليكود ونتنياهو تمنحهما الاستطلاعات الأخيرة بين 28 – 30 مقعدا، وحزب ساعر المنشق عن الليكود الذي يدعم خطة ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة وتوسيع المستوطنات بقوة، تمنحه الاستطلاعات نحو 20 مقعدا.

أما الأحزاب الدينية “يهدوت هالتوراه ” و “شاس”، وهم الشركاء الطبيعيون لليكود، تمنحهم الاستطلاعات مجتمعين نحو 16 مقعدا، وهذه التشكيلة وحدها توفر ائتلافا يمينيا مريحا نوعا ما بنحو 65 مقعدا من اصل 120 بالكنيست، رغم تباين المواقف الآن إلا أن الأيام الأخيرة تحمل معها تغييرات كثيرة، وهذا ما اظهرته الجولات الانتخابية الثلاث الماضية. وستبقى الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية في حالة حراك نشط، ولن تتضح الصورة تقريبا سوى بعد 4 شباط 2021؛ الموعد النهائي لتقديم القوائم الحزبية التي ستخوض المنافسة في انتخابات 23 آذار للكنيست الــ24 .

التعليقات مغلقة.