صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحرب الأخيرة والأردن الجديد

0

من ينظر بعين فاحصة الى الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الاردنيين والاردن على الارض يرى ثلاث صور متناقضة ، الأولى تعكس االفقر والبطالة وضنك العيش والتهميش واليأس وعدم الشعور بالأمان والخوف على المستقبل وهي الصوره التي يراها غالبية الشعب لأنهم يعيشونها . والثانيه تعكس الثراء والكراسي ورغد العيش والاستئثار بالقرار الاداري ، وهي الصورة التي تعيشها القلة من الشعب ، وهناك عزلة بين الفئتين وصراع أشبه بالصراع الطبقي . والصوره الثالثه تعكس البنية التحتية لدولة غنية والبناء المكلف والفنادق الفخمة والمشاريع المستقبلية والمفاعلات النووية والحديث عن استثمارات في الثروة الباطنية .
الصور الثلاث كما هو وصْفها ، مستمره وتتعمق منذ سنوات في دولة لا تملك موردا ماليا ثابتا كميزة للبلدان الناميه ، و95% من اراضيها صحراء ورابع افقر دولة في الماء بالعالم ويتعاظم سكانها ، وتتلقى الديون والمساعدات الخارجية دون منطق اقتصادي ولا امكانية لتسديد المال بالمال ولا توقع لذلك . إن استمرار هذه الصور الثلاث المتناقضه والتي ليس فيها واحدة تقوم على أساس مقبول أو مفهوم لا يتفق مع استمرار الدولة الحيوي وجودها . ولا يمكن ان يكون الا عملا واعيا باتجاه نقطة يوتقف عندها ليأخذ مسارا مختلفا .
نظامنا او لنقل الملك يعايش الصور الثلاث ويؤثر بالثالثة ويصر عليها كأولويه ويرعاها ، ولا يؤثر بالصورتين الأخرتين بل يحاول ضبط ايقاعهما قدر استطاعته كي يُبقى على الاستقرار المطلوب . ولا بد أن تكون الصورة التي تمثل غالبية الشعب أو الشعب بشكل عام هي الأهم استهدافا فسياسة الضغوطات عليهم بالفساد والتهميش والتمييز والافقار والضرائب التي لا تتوقف تؤشر الى أن المطلوب من تلك الغالبية هو اليأس من الواقع والبحث عن أي مخرج أو مُخَلص ، وتقبُل أي بديل يؤمن لها المعيشه كقضية تصبح لها الأولى والأولوية ، تدافع عنها بعد الواقع المر الذي كانت تعيشه .
ربطا بما أسلفت ، وبعدمية هدف الابقاء على الصور الثلاث أمام مركزية الدور الاردني والارض الأردنية تاريخيا في القضية الفلسطينية ، فلابد وأن تكون تلك الصور الثلاث شرطا أو طريقا لصنع مشهد جديد منها ، يكون فيه الأردن بلد الثراء والاستثمار والاستقرا ر وبديلا ومعاكسا تماما عن المشهد الذي عاشه الاردن منذ تأسيسه في بداية العشرينيات وتأزم في السنوات الأخيرة . من هنا فإن ما نعيشه هو مخطط تفرضه أولوية المخططين باتجاه المشهد الجديد الذي يبرر الشروط والسلبيات باعتبارها تضحيات .
لا يبدو هذا المشهد المتوقع للاردن بانه ابن ساعته بل هي خطة سياسية تعود لسنين ونفسها طويل ، انها أساسية في سياق ترتيب شرق اوسط جديد يطوى فيه ملف الصراع العربي الاسرائيلي قبل او بالتزامن مع ملف القضية الفلسطينية الفلسطينية .
إن تحقيق هذا المشهد يفترض مستلزمات هي نفسها شواهد عليه . والمطلوب من المواطن الاردني أن يحس بتلك الشواهد ويعيشها ليتفهم ويتقبل المشهد الجديد او لنقل الاردن الجديد كثقافة جديدة عليه . ستخلع الريشه التي على رأسه وتذهب امتيازاتها ومعها الأغاني والاناشيد . ولن يحتاج الملك الى حليف بعينه في الداخل ولا تسحيج ، هوية جديدة للاردنيين ستتشكل وعدد السكان سيتضخم والانفتاح ستكون مشرعة ابوابه ، واستقطاب النخبة من الخارج متطلب وتحتاج استقطاب اليد العامله . وثقافة السلام مع اسرائيل والغرب ستترسخ .
لن تكون حاجة لجيش كبير ولا لجنرالات ولا لشراء وتكدبس الأسلحة ولا لمظاهر عسكرية أو خطابات سياسية فالخطاب الاقتصادي وحده سيسود . ولن تعود الدولة ” دولة موظفين ” يعتاش الناس على رواتبها فالهيكلة ستكون عميقة في الجيش والاجهزة المدنيه . والسياسات والقرارات ستتخذ باسم الشعب يتلبسها في مجالس المحافظات في اللامركزية . والهيئات المستقلة وزارات .
حربنا القادمة في سياق الحرب على الارهاب ستكون أخر الحروب ، ستمتد وقد تطول حتى تستقر المنطقة والحلول ، والاردن سيكون المثال الناجح من أمثلة الدول المهزومة عسكريا وسياسيا لتنهض اقتصاديا بثمن يدفعه ، والدول العربية ستكون المثال الفاشل . ومع هذا هل تتركنا اسرائيل ام ستلاحقنا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.