صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المرأة أكبر الخاسرين في أزمة كورونا

جائحة الكورونا والأزمة التي نتجت عنها والإجراءات التي تطلبتها الظروف لمواجهتها كالحظر وتعطيل الأنشطة الاقتصادية ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي لغالبية فئات المجتمع. المرأة التي يتقاطع وجودها مع كافة الشرائح الاقتصادية والاجتماعية قد تكون الأكثر تأثرًا بهذه الجائحة ونتائجها. استمرار الأزمة وتحولها إلى أزمة اقتصادية قد تطيح بالعديد من المكاسب التي حققتها المرأة الأردنية على مر العقود الماضية.
اجتماعيًا، تضاعفت أعباء المرأة بسبب أيام الحظر التي زادت على شهرين داخل المنزل من العمل بالبيت والاهتمام بشؤون الأسرة ورعاية الأطفال وخاصة في ضوء تعطل المدارس والحضانات التي كانت تساعد المرأة بجزء معين من رعاية الأطفال سواء كانت تعمل أم لا. هذه المساحة البسيطة تم خسارتها لا بل ازدادت أعباء المرأة في إدارة تعليم الأطفال عن بعد ومساعدتهم في متابعتهم ومساعدتهم بإتمام واجباتهم. صحيح أن المرأة كانت دائمًا تهتم بتدبير أمور دراسة الأطفال، إلا أن التعليم عن بعد شكل تحديًا وأعباءً إضافية للأسرة بشكل عام والمرأة تحديدا.
بالإضافة لذلك، فقد ضاعفت الأعباء الاقتصادية والحظر في المنازل لجميع أفراد الأسرة بمن فيهم الأزواج، من الاحتكاك والتفاعل المستمر والذي أدى إلى زيادة الضغوطات النفسية وزيادة ملحوظة بالعنف النفسي والجسدي ضد الزوجة والإناث عمومًا داخل الأسرة كما تشير بعض الدراسات.
اقتصاديًا، فبالرغم من أن هناك عددًا كبيرًا من كلا الجنسين قد فقدوا وظائفهم أو جزءا من رواتبهم بسبب توقف الأعمال والأنشطة الاقتصادية إلا أنه من المعروف أن المرأة معرضة لخسارة عملها ودخلها أكثر من الرجل وذلك لاعتبارات اقتصادية واجتماعية تعتبر عمل المرأة ودخلها شيئا ثانويا مقارنة مع عمل ودخل الرجل، ولكن في الواقع هذا ليس صحيحا لأن دخل المرأة يعتبر أساسا لها وللأسرة حيث ترأس المرأة 15 % من الأسر الأردنية مما يجعلها معيلا رئيسا لعدد كبير من الأسر. أما بعد عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها فمن المرجح أن لا تعود نسبة ليست بسيطة من النساء لسوق العمل مما قد يؤدي إلى تراجع مشاركة المرأة بسوق العمل والتي تعتبر متدنية أصلًا سيما وأن بعض القطاعات الخدماتية والسياحية لن تستعيد عافيتها على المدى المنظور وإن حصل ذلك فسيشكل انتكاسة كبيرة لمشاركة المرأة في سوق العمل.
وأخيرًا وليس آخرًا، فإن مشاركة المرأة في الحياة العامة قد تراجعت أيضًا وذلك حيث تصدر إدارة الأزمة عدد محدود من المسؤولين السياسيين المعنيين بالأزمة ومع تعطل الحياة العامة والسياسية بسبب الجائحة غابت أيضًا مؤسسات المجتمع المدني عن المشهد ومن ضمنها النساء.
قد يكون من المبكر معرفة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تركتها جائحة كورونا والأزمة التي سببتها من خلال الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها لمعالجتها، ولكن القراءة والاستنتاجات الأولية تشير إلى أن آثارها على المساواة بين الجنسين ستكون كبيرة وأن احتمالية خسارة المرأة لبعض المكتسبات التي حققتها في السنوات الماضية أصبحت واقعا وأن تعميق الفجوة بين الجنسين في المجالات كافة هي حقيقة. يجب على الحكومة واللجنة الوطنية لشؤون المرأة والمنظمات النسوية التنبه لانعكاسات جائحة كورونا على المرأة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المكتسبات التي حققتها حتى الآن والمحافظة عليها.

التعليقات مغلقة.