صحيفة الكترونية اردنية شاملة

رمضان .. « أذكار» و«أسعار»

غدا الأحد رمضان في الأردن ..ورمضان هذا العام «غير»..فهو يأتي بعد عامين عانينا فيهما من تبعات جائحة كورونا ضيّقت علينا كثيرا وحرمتنا من أداء شعائر دينية وطقوس رمضانية بسبب احتياطات التباعد ومنع التجمعات ،فلم تكن هناك صلوات تراويح في المساجد ، ولا موائد الرحمن – كالمعتاد- ولا حتى تلك الموائد الكبيرة ولا السهرات الرمضانية وغيرها مما تعودنا عليه في هذا الشهرالكريم .

لكن ..في هذا العام انفتحت الابواب مع تراجع الاصابات بالجائحة بسبب ارتفاع نسبة متلقي اللقاحات في المجتمع وتحسّن الاحوال الصحية والدخول في مرحلة التعافي الصحي والاقتصادي ولذلك اتخذت الحكومة قرارات جعلت من جائحة كورونا بصورة أو بأخرى خلف ظهورنا ، ومن تلك الاجراءات الغاء التباعد في المساجد والسماح باقامة موائد الرحمن والسماح باقامة الفعاليات الرمضانية والرياضية والثقافية وغيرها مما يخفف عن الناس في هذا الشهر الفضيل ويساعد على أداء الشعائر الرمضانية بكل أريحية ،وينشّط الفعاليات التجارية والاقتصادية والسياحية والثقافية وغيرها .

رمضان هذا العام « غير» لأن الاسعار بالعموم « غير» وهي آخذة بالارتفاع في مختلف انواعها بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاقتصادات العالمية والاقليمية والمحلية والتي انعكست على العرض والطلب و كلف الشحن والتأمين وتعطّل سلاسل التوريد ..لتتفاقم أزمة الاسعار مع اندلاع الحرب في اوكرانيا لترتفع اسعار النفط والغاز والحبوب كون كل من روسيا الاتحادية واوكرانيا في طليعة الدول المصدرة للنفط والغاز( روسيا) والحبوب والغذاء ( روسيا واوكرانيا )وحتى المواد الأولية لكثير من الاصناف والمواد وفي مقدمتها الحديد والالمونيوم ( روسيا ) .

الاردن استعد جيدا واستفاد من جائحة كورونا وكان جلالة الملك عبد الله الثاني سباقا لتحذير العالم من تداعيات كورونا على الامن الغذائي وأمن التزود بالطاقة ،ودعا للتعاون الدولي وللتكافل في مواجهة نقص المواد الاساسية وتزايد حالات الفقر، ودعا جلالته في كثيرمن المنابر الدولية الى « اعادة ضبط العولمة «… لذلك استطاع الاردن أن يكون من الدول الاقل تأثّرا بتداعيات الأزمة في اوكرانيا وبشهادة البنك الدولي كونه استعد مبكّرا ولديه مخزون مريح ومثالي من المواد الاساسية وفي مقدمتها القمح ( لاكثر من 15 شهرا ) والشعير( لأكثر من عام ) ومخازن المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية مليئتان وأسعارهما مستقرتان.

رمضان هذا العام « غير « لانه يفرض علينا ونحن نتوجه الى الله العلي القدير بالأذكار طلبا للرحمة والمغفرة والرضوان أن نكون رحماء فيما بيننا ونجسّد أبهى صور التكاتف والتكافل الاجتماعي وان نكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا – كما تعودنا دائما -..فكما اتخذت الحكومة قرارات للتخفيف على المواطنين في هذا الشهر الفضيل وفي مقدمتها :

– الاستمرار بتثبيت أسعار المحروقات خلال شهر نيسان الحالي رغم ان هذا القرار يكلفها نحو 162 مليون دينار .

– تحديد سقف لأسعار سلع استهلاكية مهمة من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين مثل الزيوت النباتية والدجاج مؤخرا.

– توجيهات البنك المركزي وتجاوب البنوك بتأجيل اقساط شهر نيسان .

.. وغيرها من الاجراءات .. ومقابل تلك الاجراءات الحكومية فان المطلوب :

– مبادرات من القطاع الخاص وتحديدا القطاع التجاري الذي عودنا دائما على الوقوف الى جانب الوطن والمواطنين في مثل هذه الظروف وان يتم تطبيق مبادرة « البيع بسعر التكلفة « التي أعلن عنها مؤخرا .

– تكاتف أكبر وأكثر من قبل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الوطنية والمبادرات المجتمعية لتحسس أحوال المواطنين والمقيمين وخصوصا من ذوي الدخل المتدني.

باختصار.. فان شهر رمضان شهر الرحمة والمرحمة .. وهويأتينا هذا العام بظروف استثنائية تتطلب تكاتفا وتعاضدا استثنائيا بين الجميع ، وهذا ما نأمله ونتوقعه.. وكل عام وانتم جميعا بالف خير.

الدستور

التعليقات مغلقة.