صحيفة الكترونية اردنية شاملة

متى ننتقل من التخطيط إلى التنفيذ؟

0

بات من الواضح أننا نتجاوز العديد من دول العالم في قضايا التخطيط المستقبلي وفي وضع التصورات والسيناريوهات المستقبلية، وقد تمخض عن ذلك كله معرفة تراكمية أردنية بدأت بالتخطيط التنموي منذ برامج التنمية في الخمسينات من القرن المنصرم الى الخطط التنموية التي استمرت منذ ستينات القرن الماضي الى منتص عقد التسعينيات منه. كما تم انتاج برامج وخطط متميزة تتوجت بالأجندة الوطنية في العام 2005 وبرؤية الأردن 2025.
ومن الانصاف القوم أن معظم تلك التجارب وعلى رأسها التجربتين الأخيرتين، الأجندة والرؤية، تعد نماذج تخطيطية مميزة ومدروسة وبها من التشاركية بين اطراف الانتاج المختلفة ومكونات الاقتصاد ما يُعزز من مصداقية مخرجاتها التخطيطية. بيد أن المشكلة الحقيقية التي علينا أن نعترف بها تكمن في التنفيذ وفي التقييم اللذان ينقصانا في معظم الحالات. فبالقدر الذي نجحنا به بشكل كبير في إعداد واستخراج والوصول الى الخطط، إلا أننا لم نحسن التنفيذ في معظم الحالات، أو حتى لم نقم بالتنفيذ الفعلي في بعض الخطط أو المشاريع.
وقد استفاد العديد من دول المنطقة من اطلاق خطط اردنية وافكار وبرامج اردنية وقامت تلك الدول بتنفيذ الخطط والحصول على افضل النتائج لاقتصاداتها في حين أننا لم ننتقل في الكثير من خطتنا خطوة واحدة الى ما بعد التخطيط، بل واكتفينا مع الأسف بطباعة كثير من تلك الخطط والبرامج في وثائق مميزة نستعرض ما بها دون أن نخرج عن ذلك قيد أنملة.
علينا أن نعترف اليوم أننا لا نحتاج الى اجتراح أي خطط أو برامج جديد بقدر ما نحتاج الى مراجعة القائم والانطلاق منه الى التنفيذ والمتابعة ضمن مؤشرات انجاز محددة ذات معايير أداء واضحة قابلة للقياس بأسس معيارية وفقا لأفضل التطبيقات مع تحديد واضح للمسؤوليات وفترات التنفيذ والجهات ذات العلاقة.
نحن بحاجة الى تكليف جهة محددة لتكون صاحبة الصلاحية في متابعة تنفيذ الخطط القائمة. ولعل البداية تكون من وثيقة رؤية الأردن 2025 بحيث يتم اجراء مراجعة سريعة لتلك الوثيقة ومن ثم تكليف جهة تابعة لرئاسة الوزراء بوضع خطة متابعة وتنفيذ قائم على معايير إداء واضحة والوصول الى الجهات ذات العلاقة في الحكومة لتتحمل تلك الجهات مسؤولية تنفيذ ما يخص كل منها وصولا الى تقارير متابعة ربعية ونصف سنوية وسنوية. ونحن بذلك لا نخترع العجلة ولا نقدم شيء لا يمكن تنفيذه. فهذا ما تفعله الدول الجادة في تنفيذ كل ما تخطط له لكي لا تذهب جهود التخطيط وما تكلفه من وقت أو مال أو خبرات هباءً منثورا.
وفي هذا الإطار ليس للمرء إلا أن يقف بإعجاب شديد أمام الخطوة التي انتهجها سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي بصفته رئيس وزراء دولة الإمارات العربية حينما وجد أن ما تم تنفيذه من الأجندة الوطنية للدولة هو 62% وأن هناك 38% من مؤشرات الأجندة الوطنية لدولة الإمارات يجب تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة مما دعاه الى تشكيل ما أسماه “الفرق التنفيذية للأجندة الوطنية” على مستوى الحكومة بهدف تحقيق ما هو مستهدف للعام 2021 كاملا. وقد أشار سموه على حسابه على التويتر، وهنا اقتبس، “لا مجال للتأجيل أو التراخي، وعدنا شعبنا تحقيق الأفضل، والوعد دين، والعمل الحكومي أمانة، ولن نجامل أحد على حساب الوطن”.
باعتقادي أن حكومتنا قادرة على الاستفادة من هذه التجربة وأن تلجأ الى فرق تنفيذية ترتبط بجهاز متابعة وتنفيذ يتبع دولة رئيس الوزراء بحيث يتم رفع تقارير دورية لمجلس الوزراء يتم من خلالها تقييم التنفيذ وتقييم الاشخاص المناط بهم ذلك التنفيذ ما يساعد على تقييم الخطط والأفراد وبحيث يُكافأ المنتج ويحاسب المُقصًر، فحقيقة لا مجال للمجاملة على حساب الوطن وخدمة المواطن، وهو ما يسعى اليه جلالة الملك ويُطالب به المسؤولين دوما، وقد كان ذلك واضح في كتاب التكليف السامي للحكومة الحالية.
الدكتور خالد واصف الوزني
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.