صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الإنفاق العام والنمو

شرح أمين وزارة المالية عز الدين كناكرية عبر صفحته على الفيسبوك توزيع نفقات الحكومة هذا العام والمقدرة بحوالي (٩) مليار دينار، حيث توزعت على ٦مليارات دينار للرواتب والتقاعد وفوائد القروض، ومليار دينار للمشاريع الرأسمالية ونحو ملياري دينار كنفقات أبرزها الدعم النقدي، والمعالجات الطبية، والمعونة الوطنية، والجامعات، والوحدات الحكومية، والنفقات التشغيلية، وبالتالي يكون نحو ٧٠٪ ؜من النفقات تصرف فقط على ثلاثة بنود هي: رواتب وتقاعد وفوائد القروض.

واضح مدى محدودية التوسع في النفقات وتلبية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين وعدم قدرة الموازنة العامة على المحافظة على الدعم السابق للعديد من السلع والخدمات، وهذا أمر طبيعي.

لكن السؤال الذي يطرح على الدوام هو عن أثر هذا الكم الكبير من الإنفاق العام في مسألة النمو الاقتصادي، فإذا كنا في الأردن ننفق ما يزيد على الـ 9مليار دينار في العام الواحد، ويكون النمو المتحقق لا يتجاوز الـ2 بالمائة، فهذا أمر يثير الريبة حول جدوى الإنفاق الذي لا يلبي الحد الأدنى من النمو المستهدف اقتصاديا وتنمويا.

في السابق كانت الموازنات لا تتجاوز الـ 5 مليار دينار، وهذا الأمر ليس ببعيد، ففي الأعوام 2002-2005 كان الإنفاق بهذه الحدود وكان النمو الاقتصادي يتراوح بين 4-5 بالمائة، وبالتالي كان هناك جدوى كبيرة من الإنفاق على الرغم من قلة مخصصاته مقارنة عما هو عليه الآن.

النفقات الرأسمالية المقدرة في موازنة 2018 تزيد على الـ 1.15 مليار دينار، وهي ضعف عما كانت عليه قبل عشر سنوات عندما كان النمو الاقتصادي يقترب من الـ 6 بالمائة، ما يدلل أيضا على أن نوعية المشاريع المطروحة في الموازنات السابقة في بند النفقات الرأسمالية كانت أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية للاقتصاد الوطني مما هي عليه الآن رغم قلة مخصصاتها، فالقيمة المضافة على ما يبدو للمشاريع الرأسمالية السابقة كانت أعلى بكثير من المشاريع الحالية من ناحية قدرتها على التشغيل والتصدير وجلب التكنولوجيا والخبرات وجذب العملات واستخدام مدخلات الإنتاج المحلية.

حتى المنح التي حصلت عليها المملكة في السنوات الخمس الماضية والتي غطت جزءا كبيرا من تمويل النفقات الرأسمالية في الموازنة لم يكن لها الأثر الإيجابي الكبير والنوعي في معدلات النمو الاقتصادي، مثلما هو الحال في مخصصات المنحة الخليجية التي تجاوزت قيمتها الإجمالية التي دخلت في حساب خاص لدى البنك المركزي ما يزيد على الـ 3.6 مليار دينار، كان أثرها الاقتصادي شبه معدوم في تحفيز النمو الاقتصادي الذي بقي يراوح مكانه المتواضع في حدوده الدنيا التي لم تزد على الـ 2.2 بالمائة منذ عام 2008.

المشكلة ليس في حجم الإنفاق في الموازنة، المشكلة الاقتصادية هي في نوعية الإنفاق ومدى ارتباطه وقدرته على التحفيز الاقتصادي، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه راسم السياسة المالية في الدولة في المرحلة الراهنة، وهي الوصول إلى نمو أكبر مما تحقق في السنوات الماضية، بحيث يكون قادرا على إحداث تحسن ملموس في باقي مؤشرات الاقتصاد الوطني.

[email protected]

التعليقات مغلقة.