صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ديمقراطيات عرجاء!

0

لا يلام الناظر الى الساحة العربية هذه الأيام ان اعتقد ان الديمقراطية بخير في رحابنا وبين ظهرانينا. فهناك انتخابات في الجزائر واخرى في العراق وثالثة في مصر. وخلال هذا العام من المؤمل ان تجرى انتخابات تشريعية في ليبيا وتونس وربما اليمن. واذا ما تم التوافق بعد الحوار الوطني في السودان فلم لا تجرى انتخابات هناك ايضا؟ والفلسطينيون قد يقرروا استحقاقا انتخابيا سواء تمت المصالحة ام لم تتم. وحتى سوريا الممزقة ستشهد انتخابات رئاسية في يوليو القادم رغم دخول الحرب الأهلية عامها الرابع.
لكن الحقيقة غير ذلك. ففي الجزائر لا يبدو ان الأمور ستتغير وسيعاد انتخاب الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر 77 عاما، والذي يعاني من امراض مزمنة، لولاية رئاسية رابعة بعد ان امضى 15 عاما في الحكم. وفي العراق يحاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الفوز بولاية ثالثة رغم الانقسام المذهبي والطائفي والفئوي وغرق البلاد في دوامة عنف وفشل الحكومة المركزية في بسط سلطتها وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات وفشل الحل الأمني في الأنبار وتهديد الأكراد بالانفصال.
واما في مصر فالأمور تبدو محسومة سلفا للمرشح المشير عبد الفتاح السيسي، والمتوقع فوزه من الجولة الأولى. سقف التوقعات بالنسبة لاداء الرئيس السيسي يرتفع كل يوم بينما تتراكم التحديات الاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن المواجهة المستمرة مع الارهاب والعنف. وتقف مصر ايضا على عتبة خيارات صعبة بالنسبة لمستقبل العلاقة مع الاخوان المسلمين والتيارات الدينية. امام تلك الخيارات ايضا هناك انقلاب على اهداف ثورة 25 يناير ومن وقف وراءها، وارتداد نحو الدولة البوليسية وقهر للحريات. صناديق الانتخاب لن توفر الحلول.
الديمقراطية تعاني ايضا في اليمن الذي ينتظر تحقيق اهداف الحوار الوطني في الوقت الذي يطالب فيه الجنوب بالانفصال ويزداد تهديد الحوثيين في الشمال وتنظيم القاعدة في محافظات الجنوب والشرق. وفي ليبيا تحاول السلطة المركزية ان تحافظ على وحدة البلاد في ظل مطالب اقليم برقة بالانفصال. وكل من يتابع الشأن الليبي يخشى من تحول البلاد الى دولة فاشلة تتقاسمها الكتائب المسلحة المتنازعة.
الصورة في تونس افضل حالا لكن التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية كبيرة، وقد ينجح التونسيون في الخروج من عنق الزجاجة بقليل من الحظ! في فلسطين قد نشهد انتخابات وكذلك في سوريا لكن الحقيقة ان الديمقراطية العربية عرجاء ولن تحقق التغيير الذي تنشده الشعوب التي ثار بعضها طلبا في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
المشهد العربي ساخر بامتياز رغم كل هذا النشاط الديمقراطي الذي يكشف عن عوار في الارادة والنوايا والاهداف. الديمقراطية ليست صندوق اقتراع وحسب ونحن بعيدون كل البعد عن جوهرها واهدافها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.