صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النواب والضريبة

باتت الأن الكرةُ في ملعبِ النوابِ فيما يخص مشروع قانون الضريبة الذي سيُناقش في الدورة الاستثنائية البرلمانية والتي من المرجح ان تعقد في شهر تموز المقبل.
هناك سيكون فترة طويلة امام السادة النواب لعقد سلسلة حوارات بناءة وذات مسؤولية عليا للخروج بتفاهمات وتوافقات منطقية حول مشروع القانون الذي اثارت مسودته الحالية استياءً عاما من قبل شرائح وقطاعات مختلفة في الشارع الاردني وعلى رأسها القطاع الخاص، وردّة الفعل منطقية لان النسب الضريبية ارتفعت على غالبية القطاعات.
موضوع الضريبة قد يكون موضوعا شعبويا لدى السادة النواب، وباستطاعتهم ان يتلاعبوا بالمشروع كما فعلت مجالس نيابية سابقة بالمشاريع التي اقرت وبقيت ناقصة وغير مكتملة وبقيت محل تعديلات.
لكن المرحلة الراهنة والتحديات التي تعصف بالاقتصاد الوطني تتطلب اليوم حواراً عقلانياً حول هذا المشروع الجدلي، وهذا الكلام لا يعني ان ما اقرته الحكومة مُقدس، وردّة الشارع غير منطقية، فالكل له مبرراته وله اسبابه الخاصة، وهنا يأتي دور النواب في تجسير الهفوة بين طرفي المعادلة من حكومة ومكلفين والتوصل الى قانون عصري ودائم هذه المرة.
مبررات التوصل الى تفاهمات منطقية عديدة، لعل أبرزها: الحاجة الى استقرار تشريعي في الضريبة، هو امر في غاية الاهمية في الجانب الاستثماري، فلا يعقل ان يعدل قانون الضريبة أربع مرات في غضون عشرة اعوام.
هناك جانب متعلق بمسألة الاجهاد الضريبي التي وصلت اليها بعض القطاعات ومنها الافراد، حيث تشير بعض الدراسات الى ان المكلف الاردني اقترب من الوصول الى هذه المرحلة التي يتحمل فيه اعباء مالية ضريبية تشكل تحديا امام استهلاكه وانفاقه في الاقتصاد الوطني، ومن هنا يجب على السادة النواب ان يتأكدوا من ان التشريع الجديد لا يصل الى هذه المرحلة الخطرة.
جانب خفي لا تتحدث عنه الحكومة متعلق بعلاقة الاردن بالمانحين، حيث ان هناك في الوقت الراهن ما يقارب ال 800 مليون دولار منحة متوقفة عن الاردن من كل البنك الدولي (500 مليود دولار) واليابان (300مليون دولار)، وهو ما يبرر الان ارتفاع عجز الموازنة في الربع الاول لأكثر من 127 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، فالمانحين يطلبون شهادة من صندوق النقد قبل ارسال المنح للأردن، والصندوق لا يعطي الشهادة الا إذا تم اقرار قانون الضريبة، نعم هذه هي المعادلة مع الصندوق في هذا الوقت، ونعترف بذلك.
يبقى اهم شيء يجب ان يتأكدوا السادة النواب في مناقشاتهم، من ان النسب الحالية والاجراءات التي اقترحت في مسودة القانون تحقق الهدف الرئيسي منه، وهو المساهمة في تحفيز الاقتصاد الوطني الذي يعاني منذ سنوات من حالة تباطؤ شديد، وهذا النقاش يجب ان يكون مستنداً الى ارقام واحصاءات ودراسات علمية وتحليلات اقتصادية منهجية وليست مبنية على التخمينات.
للأسف جميع الظروف الاقتصادية خاصة الاقليمية منها، جعلت الاقتصاد الاردني أسير التداعيات والظروف السلبية التي القت بظلال قاتمة على مسيرة الاصلاح الاقتصادي وجهوده، فالأصل في هذا ان يكون مؤسسيا في النهج والادارة ولا ان يكون متطلبا من الخارج تحت وطأة المديونية والعجز والتباطؤ.

[email protected]

التعليقات مغلقة.