صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حقوق وليست مكتسبات

كثُرَ الحديثٌ في الآوِنَةِ الاخيرة حول بعض التشريعات والانظمة القانونية التي تعتبرُ في نظرِ الشارعِ غيرُ قانونية، واعتبارها أَوجُه إِنفاق غير شرعية ولا تتناسب أبداَ مع تحدياتِ المرحلة وصعوبة الوضع الاقتصادي في المملكة مثل المَعْلولية وتقاعد الوزراء.

هذا كلامٌ الى حد ما فيه من الصحة، فلا يعقل أن يحصلَ شخصٌ ما على راتبٍ تقاعدي مدى الحياة لمجردِ أن شغَلَ المنصب الوزاري لأيام معدودات، ولا يعقلُ أن يكتسب مَعْلولية ترفعُ من راتبه التقاعدي بأكثرَ من الثلث لأنه فقط وزيرٌ مُتقاعد، وكأن العملية تَحْصِيل حَاصِلٍ.

 الوزير مثلهُ مثلُ أي شخص يتولّى الخدمة العامة، له حقوقٌ مالية تحدد بموجب الأَنْظِمَة والتعليمات، وهو يختلفُ عن النواب بانه لا يستطيع أن يعملَ أي شيء أثناء توليه منصبهُ الوزاري، لذلكَ كثيرٌ من الوزراءِ يواجهون مشاكلاً مالية كبيرة بعد خروجهم من المنصب الرسمي، ولا يجدون حتى عملاً لهم، علماً انهم كانوا قبل المنصب يعملون في مهامٍ مُختلفة ويحظون بحياة كريمة، فهل من المعقول أن يتم اهانتهم في أَمِنهم المعيشي بعد خروجهم من المنصب، وكأننا نقول إن المنصبَ الوزاري باتَ لعنة عليهم.

المنطقُ يقتضي أن نضبطَ العمليةَ أساساً ولا نتغول عليها بحجةَ الِإصلاح، فالإصلاحُ والظلمُ لا يجتمعان ابداً، المسألة تحتاجُ إلى تبويبٍ رشيد يعطي كل ذي حق حقه، فالأصلُ أن يُمنحَ التقاعدُ للوزيرِ الذي يملكُ خدمةً لفترات مُحددة يتم الاتفاق عليها، حتى يتم مساواته مع باقي موظفي الدولة الذين تصل خدماتهم لسنين طويلة قبل حصولهم على راتبهم التقاعدي أو من الضمان الاجتماعي، وأن لا يُحصرَ راتبهُ بمجردِ ادائه القسم، لأنه امتيازٌ غيرُ مشروع، فالأصل أن تكونَ لهُ خدمةٌ في القطاع العام تُحتسبُ له وتكونَ قاعدة أساسية لراتبهِ التقاعدي.

اما المَعْلولية، فقد جرت العادة على أن تمنحَ لغالبيةِ الوزراء المُتقاعدين وكأنها علاوةُ تقاعد، والخطأ ليسَ في نظام المَعْلولية بقدر ما هو خطأٌ أشبه ما يكون بالفساد الإداري يمارسهُ موظفي الدولة في “تزبيط” الوزراء المتقاعدين.

الأصلُ أن تُمنح المَعْلولية للشخصِ الذي تضررَ صحياً أثناء عملهِ، وهذا الإجراءُ يتم مثلهُ مثلَ أي إصابةِ عملٍ وفقَ الأنظمةِ المعمولِ بها، وَتُعرَضُ الحالةُ على لجنةٍ صحية تُمارسُ عملها بكل مسؤولية وشفافية، وتصدرُ تقريرها بناءً على التشخيص الطبي لا بناءً على الاتصالات والضغوطات التي تأتي من هنا وهناك.

المشكلةُ ليست في قيمة المَعْلولية وحسب، بل إن كثيرٍ من الوزراء المُعَتلّين، يأتون من جديد لتولي مناصب في امكان مختلفة، علماً ان بعض درجات المَعْلولية التي حصلوا عليها لا تؤهلهم حتى لقضاء حاجاتهم في دورات المياه، وكثيرة هي الحالات التي تقاضى بعض الوزراء المتقاعدين مَعْلولية وصلت نسبتها 85 بالمئة وبعدها تولوا مناصب عدة كانوا يجمعون بها رواتبهم المختلفة.

إِذَنْ العيبُ ليسَ في القانونِ بالدرجةِ الأولى، وإنما بالممارسات الخاطئة التي تحدثُ من قبلِ كبارِ الموظفين، والتي شَوهَت الحقوق المالية، وجعلتها تحصيلاً حاصلاً أو علاوة لأصحاب النفوذ والوزراء على أمل ان ينالهم نصيبٌ من هذه المكتسبات إذا ما دارت العجلة عليهم.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.