صحيفة الكترونية اردنية شاملة

بانوراما الصادرات الأردنية في عام 2017 وما بعدها

يقيّم هذا المقال أداء الصادرات السلعية للاردن، بشقيها الصناعية والزراعية، في عام 2017 من منظور دولي مقارَن. وسيتم العرض في اطار آفاق الاقتصاد الوطني والمحددات المفروضة على سياساته الكلية في مجال ادارة الطلب المحلي وتحديداً السياسات النقدية والمالية. 

تم الاعتماد في التقييم على آخر احصاءات التجارة العالمية والتفصيلية كما تعكسها البوابة التفاعلية والمتقدمة لخارطة التجارة الدولية Trade Map التابعة لمركز التجارة الدولية(ITC) وهي للعلم قاعدة بيانات ضخمة وبرمجية محوسبة تضم 220 دولة و5300 سلعة على مستوى تفصيلي (ست خانات من النظام التجاري المنسق). 

كمدخل عام للموضوع، هذا الكاتب من الداعمين بقوة، وفي اطار مقالات سابقة عديدة في صحيفتي المقر والغد، للاتجاه القائل بأن تشجيع الصادرات الاردنية غير التقليدية، بشقيها السلعية والخدمية، هو حالياً المحرك الأساسي والواعد لانعاش وتيرة النمو المتباطئ بصورة مزمنة (%2 فقط عام 2017 والربع الأول من 2018 مقابل 5% تستهدفها خطة التحفيز التي دخلت حيز التنفيذ!) وأيضاً لتخفيض معدلات البطالة المرتفعة (ما يزيد على 18%) في المملكة. 

هذا الاتجاه يكتسب أهميته الاستراتيجية في المرحلة الحالية في ضوء ضعف الطلب المحلي بشقيه الاستثماري والاستهلاكي، وخصوصاً أيضاً في ضوء المحددات الأساسية المفروضة على فعالية السياستين النقدية والمالية في جانب انعاش الطلب المحلي من خلال تخفيض كلفة الأموال وتسريع وتيرة الانفاق الرأسمالي. وحتى ولو كانت الصادرات معفية بالكامل من ضريبة الدخل والمبيعات، وهو أمر يجب دراسته بعناية وربما حصره في المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمن تعريف وطني ورسمي شامل لها، فان الأثر غير المباشر لتوسع الصادرات سيدعم أداء المالية العامة في الأجل المتوسط، كما سبق وتم التأكيد في أكثر من مقال. 

على المستوى الاجمالي، هبطت قيمة الصادرات السلعية الكلية (شاملة اعادة التصدير) في عام 2017 بنسبة 1% لتصل الى 7.5 مليار دولار، متأثرة بهبوط حاد في اعادة التصدير بلغ 14%. في المقابل، حققت الصادرات الوطنية (مستثنية اعادة التصدير) نمواً ايجابياً معتدلاً فاق 2% مقابل نمو سلبي -9.0% في عام 2016. هذا الأداء رغم جوانبه الايجابية لا يكاد يجاري بأي حال ما طرأ للصادرات السلعية العالمية في عام 2017 من تحسن استثنائي وبنمو بلغ متوسطه 10% (متضمناً اعادة التصدير). 

ولكي لا نعيل كثيراً على الصدمات العالمية في تفسير تلكؤ الأداء التصديري، نشير الى ان أندونيسيا قد حققت نمواً في الصادرات الكلية نسبته 17% في عام 2017، ماليزيا 14%، تركيا 10% المغرب 12%، والامارات 8%، على سبيل المثال لا الحصر. وفي نهاية المطاف، يقع على الفريق الاقتصادي مهمة توجيه الصادرات الوطنية بعيداً عن التركز الجغرافي نحو الاسواق التقليدية المجاورة المضطربة.

وبأخذ آخر المستجدات التصديرية بعين الاعتبار، وبالاستعانة بأرقام دائرة الاحصاءات العامة الاردنية لعام 2018، تؤكد هذه البيانات ان الثلث الأول من عام 2018 قد شهد تحسناً معتدلاً باتجاه النمو المدفوع بالصادرات لكنه يظل موسمياً (أقل من سنة)، اذ سجلت الصادرات الكلية والوطنية تغيراً نسبته 2% و 4% لكل منهما على التوالي.

والى جانب استمرار الاداء دون الطموح ودون المتوسط العالمي في اجمالي الصادرات السلعية الوطنية، تعرضت الصادرات السلعية الاردنية خلال عام 2017 لمستجدات تفصيلية هامة في التوزيع الجغرافي والتركيبة السلعية للصادرات ينبغي متابعتها عن كثب والاستجابة لفرصها وتحدياتها الماثلة. 

فقد جاء الأداء التصديري الاردني محصلة مشتركة لنمو صادراتنا الى الأسواق الامريكية (+3%) والعراقية (+9%) والهندية (+6%)، رافقه تراجع ملموس بخانتين في صادراتنا الى السعودية (-15%) والى دولة الامارات (-12%) والاتحاد الاوروبي -)45%). كسب حصة اضافية من السوق العراقية كان مناقضاً للتوقعات المسبقة جراء اغلاق المعابر البرية، وربما السبب الرئيسي للتحسن يعود الى التصدير من خلال النقل غير البري .

تراجع التصدير الموجه نحو السعودية (أكبر شريك تجاري مع الاردن بعد الولايات المتحدة) تركز في نشاطي الحيوانات الحية والكيماويات، في حين كان هبوط التصدير الموجه الى الاتحاد الاوروبي بصورة استثنائية يعزى للتراجع الحاد في صادرات صناعة هندسية واحدة (رمزها(HS=8803 مذكورة أدناه، ليصل التصدير الى الاتحاد الاوروبي الموسع 240 مليون فقط رغم اتفاقية الشراكة وما تبعها من ترتيبات تسهيلية وتحفيزية، أي يقل بمئة مليون دولار عن تصدير الاردن الى دولة خليجية واحدة هي دولة الكويت الشقيقة . 

اما على الصعيد القطاعي، فقد جاء الاداء التصديري الاجمالي محصلة لتراجع عدد من القطاعات التصديرية (على مستوى خانتان) رافقه تحسن قطاعات أخرى. أبرز القطاعات المتراجعة هي صادراتنا من الأدوية (-7%) والفوسفات (-9%) والخضراوات (-7%) وصناعة أجزاء المركبات الجوية (-38%). وبعض هذه القطاعات عالية التقنية نسبياً (الادوية والصناعات الهندسية الجوية تحديداً) حققت نمواً عالياً في عام 2016، ولابد من دراسة حكومية لأسباب هذا التقلب وعدم الاستقرار في الأداء التصديري الايجابي، وكذلك دراسة أسباب التقلب والتراجع طويل الأمد في صادراتنا من قطاع زراعي واعد من الناحية التصديرية هو الخضار والفواكه. 

في المقابل، فقد حققت قطاعات أخرى أداء تصديرياً ايجابياً ولافتاً في عام 2017، أبرزها الألبسة (بنمو بلغ 10%) والأسمدة (7%) والصناعات الكيماوية غير العضوية (21%) والبلاستيكية (6%) والحيوانات الحية (17%). 

وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن الإستراتجية الوطنية للصــادرات الأردنيـــة (2014-2019) قد حددت -وفقاً لمعايير كمية ونوعية- القطاعات السلعية الفرعية الأربعة التالية باعتبارها ذات أولوية في مجال التصدير هي: الخضار والفواكه الطازجة، اللحوم المحفوظة والمجهزة (نمت بنسبة 26% في عام 2017)، الدهانات (حققت اداء مختلطاً تبعاً للنشاط)، والكابلات والأسلاك الكهربائية (تراجعت -30% في 2017)

التعليقات مغلقة.