صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صَنْدُوق استِثمار الضَمان

باستثناءِ صَفقةِ شراء اسهم البنك الاسلامي للتنمية في شركة البوتاس العربية بقيمة ٧٤ مليون دينار في شهرِ تشرين ثاني من عام ٢٠١٦، لَمْ يُجْرِ صندوق استثمار أموال الضّمان الاجتماعيّ أيةَ صَفقة استثماريّة في السوق المحليّة، حتى صَفقة البوتاس كانت بمبادرةٍ من إدارةِ الشركة وليسّ من الصندوق، وبعدها دَخَلَ الصَنْدُوق في سُباتٍ عَميق واختفى تماما عن المشهد.

واضحٌ ان صَنْدُوق استِثمار اموال الضَمان “الصَنْدُوق الاكبر في المملكة بموجودات تقترب من 10 مليارات دينار، يَمُرَّ بحالة من الغَيبُوبة، وفي حالة غيابٍ تام عن المشهد الاقتصادي في البلاد، وكان اختصاصهُ العملُ خارجَ البلاد.

الصَنْدُوق السياديّ في حالة تردد عن الانخراط بالمشهد التنمويّ، ويبدوا ان الخوفَ وعدم المُجازفة تُسيطرُ على سلوكِ مجلسِ ادارته الراهن والذي قبلهُ ايضا لم يُحرك ساكناً تقريباً، فمنذُ ستةِ سنوات تقريباً واستِثمارات الصَنْدُوق على حالها، وكلُ ما يفعله هو إيداع الاموال التي تَجنيها المؤسسة العامة للضّمان الاجتِماعيّ من اشتراكات.

الاصل في فكرة تأسيس صَنْدُوق استِثمار اموال الضّمان الاجتماعيّ هو تَعظيم العملية الاستِثمارية لأمواله المودعة في البنوك وتنميتها لمواجهة التحديات التي تَعْصِفُ بمستقبل الضّمان الاجتماعيّ الذي يبلغ عدد المشمولين تحت مضلته 1.28 مليون شخص في حين يبلغ عدد مُتقاعديه اكثر من 209 آلاف مُتقاعد ضّمان برواتب تقاعدية تقترب من المليار دينار سنويا، وهذا بحدّ ذاته يوضح حجم التحدي الكبير امام الصَنْدُوق.

الامر لا يقتصرُ عند هذا الحدّ، فالصَنْدُوق عند امس الحاجة اليوم الى عقلية استِثمارية مُنفتحة على الاقتصاد الأردني، وان يخرجُ من عقليةِ شراء الاراضي واقراض الحكومة، ففي السنوات الاخيرة باتَ الصَنْدُوق المُقرضّ الاكبر للحكومة بواسطة سنداتٍ ذات فائدة عالية، ومع ذلك يبقى العائدُ على الاستِثمار لا يتجاوز في احسن ظروفه 2.5 بالمئة، في حين نمو نفقات الضَمان والتزاماته تتجاوز 4.5 بالمئة، واذا ما علمنا ايضاً ان التحدي القادم على الضَمان سيُلقي بظلاله على وضع الصَنْدُوق المالي وهو انضمامُ العسكريين الى مظلةِ الضَمان اعتباراً من سنة 2014 ، وكيف سيتعامل الضَمان مع توفير مخصصاتهم التقاعدية في المستقبلِ القريب في ظل محدودية نمو دخل الصَنْدُوق.

الدراسة الأكتوارية المُقبلة للضّمان الاجتِماعيّ، سَتُحدد سنواتِ التعادل لإيرادات المؤسسة ومع نفقاتها، وهي على ما يبدوا ليست ببعيدة عن 15 على اقل تقدير، وهو ما يجعلُ إدارة الصَنْدُوق تتحمل مسؤوليةٍ كبيرة عن الوضعِ المالي الراهن للصَنْدُوق المُطالب بتحقيقِ نموٍ استِثماري كبير في ايراداته بدلا من الادارة التقليدية الراهنة، والانخراط في صَفقاتٍ لا تُسْمِن وَلَا تُغْنِي مِن جُوع، والخروج من المحافظِ الاستِثمارية المُتعثرة، واقتناصُ الفرص الاستِثمارية في ظل تباطؤ الاقتصاد والتي تُعدّ فرصةً ذهبية لخبراء الاستِثمار في اي مكان بالعالم، مع ضرورة اتعاظ الصَنْدُوق من الدروس الماضية والتي ما زالت تَدورُ حولها العديد من علامات الاستفهام وذلك بعدم الدخول باي استِثمارات غير مدروسة وغير مبررة وعدم البحث عن الحلول باستِثمار اموال الاردنيين في الخارج.

فالأَوْلى هو الاستِثمار الوطني الذي يُساهمُ في دفعِ عجلة التنمية وإيجادِ فُرصِ عملٍ مما يؤدي الى توسيّع مَظلةِ الضّمان الاجتماعيّ وتأمين شيخوخة كريمة للأردنيين. وبغير ذلك فالأفضل إيداعُ جميعِ اموال الضَمان في البنوك والتي تحقق عائدا مضمونا وبدون اي مخاطر المجازفة بها في استِثمارات محكوم عليها مُسبقاً بالفشل.

[email protected]

التعليقات مغلقة.