صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الدولة الرخوة

بمناسبة مظاهر الفوضى في بعض الجامعات (جامعة آل البيت ) والمدارس (مدرسة الفيصلية /مأدبا ) ، وهي من المظاهر السلبية بعدم الإلتزام بالقوانين والأنظمة والإستقواء على الدولة ومؤسساتها وإضعاف هيبتها ، وهي ممارسات تحدث في (الدول الرخوة ) ، وأول من إستخدم مصطلح «الدولة الرخوة» هو عالم الإقتصاد والإجتماع السويدي “جنار ميردال”، حيث أشار الى أن كثيراً من دول العالم الثالث، تتصف بالدولة الرخوة، وطبق الكاتب المصري جلال أمين أفكار « ميردال»، على مصر في عهد مبارك وأثبت بأنه تتصف بصفات الدولة الرخوة .
ويقصد “ميردال” بالدولة الرخوة، “الدولة التي تضع القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لأن لا أحد يحترم القانون، الكبار لا يبالون به، لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوي لغض البصر عنه”، ورخاوة الدولة تشجع على الفساد، وانتشار الفساد يزيدها رخاوة، والفساد ينتشر في السلطتين التنفيذية والتشريعية، حتى يصل إلى القضاء والجامعات، ويصبح الفساد في ظل الدولة الرخوة “نمط حياة”.
ويرى الخبير الدستوري المصري “محمد نور فرحات” إن التشريعات والقوانين لا تسن من اجل أن تظل محفوظة في بطون النشرات الرسمية يرجع إليها طلاب القانون لدراستها بل إنها توضع لتطبق، فإذا كان القانون الرسمي النافذ في المجتمع لا يطبق فعلا في أغلب الحالات، فإما أن العيب في القانون، أو العيب في المجتمع، أو أن العيب فيهما معا، والأكثر خطورة هو أن تنظر أجهزة الدولة المنوط بها تطبيق القانون إلى هذا القانون بإستهزاء وإزدراء.
وتتصف الدولة الرخوة بما يلي :
– تراجع مكانة وهيبة الدولة داخليا وخارجيا .
– عدم إحترام القانون، وضعف ثقة المواطنين بالقوانين، فمع وجود منظومة قانونية متقدمة ، الا أنها تبقى من دون تطبيق ، إلا في حالة محددة، حيث يمكن استعمالها لمعاقبة مناهضي الفساد أو المطالبين بحقوقهم أو المجرمين واللصوص من الطبقات المسحوقة.
– وجود مؤسسات حكومية أكثر من اللازم بدون دور واضح إلى درجة تتداخل وتتشابه معها صلاحيات المؤسسات، وهدفها خلق مناصب للمحاسيب.
– وجود نخبة فاسدة تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية أولا .
– تفشي الفقر والتخلف لغياب العدالة الاجتماعية، وضعف التنمية أو غيابها.
– نسيج اجتماعي منقسم .
– إستشراء الفساد بكافة أشكاله ونهب المال العام، والتهرب الضريبي والجمركي .
– التبعية للخارج وفقدان الدولة سيطرتها على جزء كبيرمن قرارها الداخلي(دولة تعيش عالة على الخارج).
– إرتباط مصالح النخب السياسية بالمؤسسات الدولية.
– إنهيار البنية التعلمية المدرسية والجامعية .
– الاستبداد السياسي .
– الاعتماد على الخارج، وعدم الإعتماد على القدرات الذاتية.
– الانحياز إلى الأغنياء، وافقار الفقراء وتحمليهم فواتير الفساد والقرارات الخاطئة.
– عدم إحترام حقوق الانسان وكرامات الناس .
– غياب الشفافية ، وعدم الفصل بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، وخاصة بين المال العام والمـال الخاص.
وتجدر الإشارة الى ان هذه الخصائص والسلوكيات كانت عوامل مجتمعة سببا في إندلاع أحداث الربيع العربي عامي 2010 و2011، في عدد من الدول العربية ، ولا تزال الكثير من الدول العربية تتصف بصفات الدولة الرخوة بدرجات متفاوته ، ولا يمكن لها البقاء والإستمرار بهذا الحال من دون معالجة هذا الواقع ، من خلال القيام بإصلاحات حقيقية وشاملة سياسية وإقتصادية وإجتماعية للوصول الى تطبيق معايير الحكم الرشيد الذي حددها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمعالجة أوضاع الدول الضعيفة والهشة والرخوة ، بإتباع المبادئ والمعايير التالية :
– سيادة وحكم القانون وقوة التقاضي أو التحاكم .
– حق المشاركة والانتخاب لجميع المواطنين .
– الشفافية والإفصاح والتدفق الحر للمعلومات أفقيا وعاموديا.
– الاستجابة يتمثّل ذلك في حسن وسرعة الاستجابة والتعاون، حيث يكون ذلك أحد السمات الأساسية التي تتصف بها البرامج والخطط الموضوعة لخدمة المواطنين من كافة الفئات والطبقات الاجتماعية .
– المساواة وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لكافّة أفراد المجتمع،دون تمييز .
– الفعالية أي إنجاز الأهداف، وذلك من خلال استغلال الموارد بالأسلوب الأمثل لتحقيق ذلك.
– المساءلة والمحاسبة والرقابة على كل الموظفين والمسؤولين .
– النزاهة تتمثّل في مجموعة القيم الأخلاقية الموجودة في مدونة السلوك .
– الرؤى الاستراتيجية وتتمثّل في جملة الخطط متوسطة وبعيدة الأجل التي تهدف لتنمية وتطوير المجتمع والنهوض به، من خلال تطبيق كافّة معايير ومبادىء الحكم الرشيد ، للوصول الى تنمية شاملة مستدامة .
ويمكن تلخيص الحكم الرشيد بأنه : تنمية مستدامة = سيادة قانون = إدارة قوية = شرعية = فعالية تطبيق القانون = مجتمع قابل للتغيير والتطور= مشاركة فاعلة.

التعليقات مغلقة.