صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“المَطبَّات” الاقتصاديّة في العام الجديد

مطلوب من الحُكومة في العام الجديد تحديد عنوان اقتصاديّ في عام ٢٠١٩ يَتناسَبُ مع تحدّيات الوضع الراهن

أولى هذه المَطبَّات الاقتصاديّة التي قد تواجه الحُكومة في سنة ٢٠١٩ هي استمرار حالة الاحتجاجات على الرابع كل يوم خميس، أو تنامي هذه التظاهُرات بشكل قدّ يُعيدنا إلى أحداث الرابع في أيار الماضي والتي على أثرها رحلت حُكومة الملقي.

شَكلَ الحِراك الجديد، هو أن غالبيته اليوم من المُحافظات الذين يأتون نهاية الأسبوع للاحتجاج أمام رئاسة الوزراء، والملاحظ أن طلباتهم وشعاراتهم تَرتفع شيئاً فشيئاً، كما أن التنسيق بين أطياف الحِراك في المحافظات ترتفع وتيرته هي الأخرى، مما يتطلب من الحكومة فتحُ قنوات حوار وطنيّ غير تقليديّة مع المُحتجين من جهة، وإعداد خطة وطنيّة تشغيليّة في المحافظات التي تُعاني اليوم من كابوس البطالة والفقر، إضافة الى تفعّيل حُزمة أمان اجتماعيّة لِمواجهة تداعيات السياسات التقشفيّة المُتبعّة حالياً.

تنفيذُ قانون الموازنة بالشكل الذي يُقرّ به بحدّ ذاته تحديّاً للحكومة التي اعتادت في السنوات الماضيّة على تجاوزها ومُخالفة الكثير من أهدافها وفرضياتها.

ليس من السهل على الحُكومة أن تُحقق أهدافها الماليّة المُقدّرة في الموازنة، وأن تحصل على زيادات في الإيرادات المحليّة بمقدار يتجاوز المليار دينار في عام ٢٠١٩، وهو رقمٌ كبير إذا ما قورن بالذي تَحققَّ في السنوات السابقة.

زيادةُ الإيرادات الضَريبيّة مَرهون هذه المرّة بانفراج تجاريّ وصناعيّ غير تقليديّ في الاقتصاد الوطنيّ، بمعنى الخروجُ من حالةِ الركود الذي يَمُرُ به هذين القطاعين تحديداً من سنوات أدت إلى تراجع مُساهماته في الناتج المحليّ الإجماليّ، وقدرته على التوظيف ومحاربة الفقر والبطالة وزيادة نشاطه التنمويّ في المملكة.

هذا الأمر يَرتبطُ بالوصولِ إلى مُعدّلات نمو قادرة على إخراج الاقتصاد الوطنيّ من حالة عدم اليقين التي يَعيشها من عام ٢٠٠٩، فَمعدّلُ النمو خلال السنوات الماضيّة لا يتجاوز ٢ بالمئة، وهي مُعدّلات مُتدنيّة جداً لا تُساهم في تحقيق أهداف الدولة الإنمائيّة.

الأكثر تحديّ للحُكومة في عام ٢٠١٩ هو البدء الفعليّ في معالجة ملف المديونيّة التي فعّلا اليوم هي التحديّ الحقيقيّ للوصول للاستقرار الماليّ للدولة بعد أن تجاوزت نسبتها ٩٦ بالمئة من الناتج المحليّ الإجماليّ.

التحديّ في هذا الملف ليس باستدامة دفع خدماته التي تتجاوز المليار دينار أو أقساطه السنويّة سواء أكانت خارجيّة أم داخليّة، بل يكّمن التحديّ في البدء بالاستعداد لِمُواجهة الاستحقاقات الطارئة للديون الخارجيّة التي ستبدأ تداعياتها في سنة ٢٠١٩ من خلال استحقاق سندات اليوروبنود التي كانت الحُكومات قد حصلت عليها قبل سنوات تحديداً في عام ٢٠١٠ بقيمة ٧٥٠ مليون دولار، ولحقتها بعد ذلك العديد من تلك السندات التي سيكون على الأردن التعامل مع ١٢ مليار دولار خلال الفترة ٢٠١٩ -٢٠٢٣، يَتحتمُ على الحكومة التعامل معها وسدادها من جهة وإعادة جدولة الأقساط ذات الفوائد العاليّة من جهة أخرى، وهذا يُحتم على الحكومة إعداد استراتيجيّة واضحة للتعامل مع ملف المديونيّة بالتعاون مع المانحين والدول الصديقة والمؤسسات الاقتصاديّة الدوليّة.

الفساد سيكون على أجندة العام الجديد، وهنا المَطلوب ليست أدارة ملفات الفساد بقدر ما هو مطلوب استرداد الأموال من القضايا الحقيقيّة، ورغم أن الحكومة أنهت عام ٢٠١٨ بالقبض على أحد أهم المُتهمين في قضية الدخان المُهرّب وهو عوني مطيع، ألا أن المُطالبات تتسع لمعرفة من حلفائه وشركائه والأموال التي سيتم استردادها.

استكمالُ فتح ملفات الفساد، أهمية كبرى وبالغة لإعادة الِثقة في الخطاب الحكوميّ الذي هو اليوم مفقود في الشّارع، والحكومة تَعرفُ ان إعادته ليس بالأمر السهل في حال لمّ يَكُّن هُناك إجراءات على أرض الواقع.

في النهاية، مطلوب من الحُكومة في العام الجديد تحديد عنوان اقتصاديّ في عام ٢٠١٩ يَتناسَبُ مع تحدّيات الوضع الراهن، ويكون هويّة البرنامج التنفيذيّ لها.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.