صحيفة الكترونية اردنية شاملة

القمة العربية الأوروبية 2019

القمة فرصة حقيقية في المجال الاقتصادي للمنطقة العربية، وخاصة في ظل إرهاصات إيجابية تشهدها الساحة العراقية والسورية وهما حجر الرحى في منظومة الاستقرار والأمن الذي تبحث فيه القمة ضمن شعارها

تنعقد على مدى يومين قمة عربية أوروبية في منطقة شرم الشيح في مصر يومي 23و24/2/2019، تحت شعار الاستثمار في الاستقرار.

وتناقش القمة التي يحضرها نحو 24 دولة أوروبية و22 دولة عربية مواضيع مهمة على الساحة العربية والدولية ضمن مجالات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية من قبيل: التعددية، التجارة والاستثمار، الهجرة، الأمن والوضع الإقليمي القائم بشكل عام.

القمة فرصة حقيقية في المجال الاقتصادي للمنطقة العربية، وخاصة في ظل إرهاصات إيجابية تشهدها الساحة العراقية والسورية، وهما حجر الرحى في منظومة الاستقرار والأمن الذي تبحث فيه القمة ضمن شعارها.

يضاف إلى ذلك السعي الحثيث الذي تقوده دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية نحو تحقيق استقرار نسبي في اليمن وليبيا، بعد أن بدأت الأطراف المتنازعة هناك تعي أنه لا حلَّ دون الجلوس على طاولة الحوار والوصول إلى استقرار يحقّق طموحات عامة الناس في تلك الدول. أمّا على الصعيد الوطني الأردني، فإنَّ المنطقة الأوروبية بالنسبة للاقتصاد الأردني ذات أهمية تجارية واستثمارية وسياحية وخدماتية بشكل عام.
فالساحة الأوروبية تشكِّل منفذاً مهما للصادرات الأردنية، وخاصة في مجال الزراعة. وهي كذلك ساحة مهمة للعديد من الصادرات التعدينية والاستخراجية، وخاصة تلك المتعلقة بالأسمدة ومنتجات البحر الميت. وعلى صعيد آخر، فإنَّ المنطقة الأوروبية، وبالرغم من الصعوبات التي تواجهها جراء الأزمة الاقتصادية السابقة، ونتيجة الإصرار البريطاني على الخروج من المنطقة، إلا أنها تختزن اهتمامات كبيرة بالمنطقة في المرحلة الحالية، بعد هزيمة داعش، والاستقرار النسبي في العراق وسورية، وخاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

والأردن، من حيث الجغرافيا والسياسة والممكنات الاقتصادية، هو البوابة الأكثر استقراراً وأمناً وقُرباً لتمكين تلك الاهتمامات من أن تعبر بأمان، وأن تحقِّق أهدافها، بما ينعكس بشكل حيوي على الاقتصاد الوطني وعلى معدلات النمو الاقتصادي، بل قد يسهم ذلك في تحقيق مزيد من المساعدات النوعية الأوروبية، كما قد يساعد على جذب استثمارات متخصصة بإعادة الإعمار، واقتناص بعض الفرص الاستثمارية في المجالات اللوجستية لعمليات إعادة الإعمار المتوقعة. ومن المتوقع أن يكون العقل الاستراتيجي للحكومة  قد بادر بتجهيز ملف متكامل حول إمكانات الأردن وقدراته، ولكن أيضاً، والأهم، الفرص التي يمكن أن يوفرها الأردن لتحقيق المصالح المشتركة بينه وبين المشاركين في تلك القمة. وعلى صعيد آخر، فمن المهم وضمن الملف الذي سيقدمه الأردن، أن يتم طرح قضية الصعوبات التي تواجهها دول المنطقة كافة، على رأسها الأردن، في الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع المنطقة الأوروبية، وخاصة في ظل الشروط القاسية والمعقدة التي تفرضها أوروبا على قواعد المنشأ للصناعات المحلية.

ولعلَّ ذلك كله يتم تقديمه في الجلسة الثانية التي تمَّ تخصيصها لغايات دراسة التحديات التي تواجه المنطقة، وتحدياتنا الحصرية، هي في جذب استثمارات، والتوسُّع في فتح الأسواق الخارجية للصادرات، وجذب السياحة، ولعب دورٍ اقتصادي لوجستي، على الأقل، في عمليات البناء القادمة، والهدف من كل ذلك هو توفير فرص عمل حقيقية للشباب الأردني، الذي تأذى من أزمات المنطقة، ومن تدخُّلات الخارج أكثر من أي شيء آخر، حتى بات يقطع مئات الكيلومترات في مسيرات راجلة تُعَبِّرُ عن واقعه المُؤْلِم، بعيداً عن إحصاءات معدلات البطالة الصمّاء.

أمّا الجلسة الثانية للقمة والتي ستتناول تعزيز الشراكة الأوروبية العربية ومعالجة التحديات العالمية معًا، فإنَّ مدخلها الأساس بالنسبة للأردن انفتاحه التام، واستدامة استقراره عبر التاريخ، وعبر كافة الفترات والتحديات التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والعالمية على حدٍّ سواء. وقد يكون الأردن الأكثر تأهيلاً بين الدول العربية المشاركة لاحتواء بعض مراكز البحث وخزانات الأفكار التي يمكن لها أن تنتج بعض السياسات المشتركة مع الأوروبين لتجنُّب العديد من التحديات الاقتصادية العالمية القادمة، جرّاء السياسات التجارية الحمائية، وحروب المقاطعة الاقتصادية، وتطوُّرات حرب العملات التي تقودها الولايات المتحدة عبر سياسات المقاطعة الاقتصادية، والتي ستنتهي خلال السنوات العشرين القادمة إلى السعي نحو إيجاد بديل عالمي جديد مقبول للتبادل التجاري، موازياً للدولار، أو بديلاً كلياً عنه.

نأمل أن يحظى الأردن بدور البيئة المستقرة القادرة على استيعاب بيوت البحث، ومراكز الدراسات العالمية، لتطوير دراسات مشتركة بين المنطقتين لمواجهة التوقُّعات العالمية في شتى المجالات وليس في النسق الاقتصادي فحسب. القمة العربية الأوروبية فرصة جديدة ومهمة نأمل أن نستغلها بشكل مناسب لمصلحة الاقتصاد الوطني.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.