صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العموش: الدولة المدنية لا تتعارض مع ما جاء به الإسلام

خلصت ندوة فكرية حملت عنوان: “الإسلام والدولة المدنية”، إلى أن الدولة المدنية لا تتعارض مع جاء به الإسلام، وما جاءت به الشريعة الإسلامية، بدلالة وجود هذا النموذج في دولة المدينة المنورة.
وكشفت ان الندوة التي عقدت مساء أمس ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمان الدولي للكتاب ان هناك مشروعا لتقديم اطروحة دولة إسلامية حديثة يفهمها الغرب تكون مقوماتها من زراعة وصناعة وترفيه، وتعليم، وغيرها من المقومات مع دور كبير للمرأة يصل الى ان تتولى رئاسة الدولة. وقال الوزير الأسبق، الدكتور بسام العموش،الذي أعلن عن هذه الإطروحة ان موضوع الاسلام والدولة المدنية، اكتسب اهمية خاصة بعد ظهور التنظيمات المتطرفة مثل (عصابة داعش الارهابية)، مضيفا ان الحديث عن هذه الدولة أصبح يثير خوفا من ان يصنف على انه ضمن هذه الجماعات.
وأشار الى ان هناك تجاوزات في التاريخ الاسلامي من اجل توظيف الدين بطريقة او باخرى من اجل هذا الحكم او ذلك ، مبينا “ان الدين الاسلامي مختلف وفيه شمول وفيه قوة، ولا يترك جانبا دون اخر، ومن يطالب بفصل الدين عن الحياة، عليه هو ان لا يتدخل في الدين لاسباب سياسية، ولكن هناك من يريد إبعاد الدين”. وأشار العموش الى نموذج الدولة المدنية الذي كان حاضرا في الاسلامي في المدينة المنورة حيث توفرت أركانها من: أرض وشعب وقانون( دستور) وحاكم، والعيش بين المهاجرين والانصار، وكان لليهود وجود فيها، وجزءا منها لهم عبادتهم وتجاربتهم ولا توجد مصادرة لحقوقهم، موضحا ان هذا نموذج لدولة مدنية، واسلامية في نفس الوقت، وبذلك وجدت الأرض، والقيادة، ووجد الدستور الذي تمثل بوثيقة المدينة.
وقال ان نموذج الدولة المنتشر في العالم هو النموذج العلماني الذي يستخدم الدين، ولا يدخل الدين في هذه الدولة حتى ينفذ ما يريده، مضيفا ان قرارات الجماعات المتطرفة التي تدعي الجهاد، وتستخدم الدين لتحقيق غاياتها ما هي الا ألاعيب سياسية تتم من قبل بعض الدول العظمى.
وجدد العموش رؤيته ان الاسلام شامل، والذي لا يريد للاسلام ان يتدخل في الدولة، لا يريد ربط الدين بالحياة، بل يريد ان يبقيه في القضايا الهامشية، موضحا ان الدولة الاسلامية دولة علم، ودولة مواطنة كل الناس مهما كانت دياناتهم. ودعا الى ضرورة فهم النصوص القرآنية التي جاءت بهذه الجزئية فهما صحيح، لافتا الى ان الدولة المدنية الاسلامية تكفل حرية الاديان لكل الناس انطلاقا من القاعدة القرآنية ” لا اكراه في الدين”، كما ان الدين الاسلامي فيه احكام، وعقوبات، ونظام، واقتصاد الذي يقوم على العمل والانتاج وتوظيف الطاقات، فالدولة الاسلامية لا يجوز ان يكون فيها عاطل عن العمل.
وقال استاذ الفقة واصوله في الجامعة الاردنية الدكتور علي الصوا ” ان الشريعة الاسلامية لا تفرق بين السياسي والديني، والسياسة جزء من الدين، وان تعريف الفقهاء لها: فن ادارة الحياة ومجموعة التدابير والتشريعات والانظمة والقوانين والتعليمات التي تريد بها الدولة نفسها في زمن ما، وعصر ما ومكان ما تحقيق مصالح الخلق”.
وقال ان السياسة لا يمكن لها ان تكون واحدة في زمن واحد وهي تختلف من وقت الى اخر لانها تدابير زمنية لمعالجة حالات واشكالات من ذلك العصر من الزمن لتحقيق المصالح والحفاظ عليها.
وبين الصوا ان الدولة جزء من الدين الذي هو فيه عقيدة وعبادة، وفيه الدولة باركانها من القيادة الى النظام او القانون الى الشعب والارض، موضحا ان الدولة شيء معنوي وهي وحدة معنوية، وباتفاق العلماء ليس في الاسلام دولة دينية، وليس لها وجود في الدين.
وقال ان الدولة المدنية عمليا هي دولة قانونية يخضع الناس الى قانونها ففيها الحريات مصونة ووظيفتها صيانة مصالح الناس والمجتمع، ولكن هناك “فصام نكد” بين الدين والدولة، وبين الدين والحياة والذي جاء مع الثقافة الأجنبية التي خرجت علينا بثنائية (مسلم، وغيرمسلم) في نفس الوقت حيث ساهمت هذه الثنائية في خلق جيل متردد، كما كانت من اسباب التخلف.
وقال ان العلمانية حكمت العالم العربي قرنا من الزمان الى ان اوقعته بفشل سياسي، واقتصادي، وحروب، وتقاتل ونتائج مريعة، داعيا الى الوحدة بين الاسلام والدولة المدنية، بحيث تكون سيادة للقانون وسيادة للشريعة والحكم وفقا للدساتير التي لا يتم التجاوز عليها. وتحدث الباحث والكاتب حسن أبو هنية الذي أدار الندوة عن ان وصف الإسلام بين الدولة الدينية، والدولة المدنية تعتبر مسألة من أهم انشغلات الفكر العربي والفكر الإسلامي منذ أكثر من قرن، مشيرا الى ان ظهور أسئلة حول طبيعة الدولة في للاسلام هل هي دينية او هل هي مدنية، وأهل الاسلام دين؟، أو دين ودولة؟ منذ بداية القرن التاسع عشر.
وتحدث عن المناظرات التي جرت في ذلك الوقت بين عدد من المفكرين الإسلاميين وبين بعض المنظرين الغربيين حول علاقة الدين بالسياسة، مبينا ان هذه الأسئلة، والاشكالات بقيت في العالم العربي الى ان ظهرت على السطح من جديد بعد ظهور ظاهرة الإسلام السياسي والدولة بعد الثورة الإيرانية نهاية السبعينيات.
كما تجددت بعد ذلك في التسعينيات بين مفكرين مثل محمد عمارة، ومحمد سليم العوا من جهة، وفرج فودة، وفريد زكريا من جهة اخرى في المناظرة التي أطلق عليها “مناظرة القرن” والتي تمحورت حلو موضوع الإسلام والدولة المدنية.
وفي نهاية الندوة، أجاب الدكتور العموش، والدكتور الصوا على اسئلة ومدخلات الحضور التي تمحورت حول موضوع الندوة.
-(بترا)

التعليقات مغلقة.