صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الفاخوري: المطلوب بالمرحلة المقبلة تعميق التحول نحو الاعتماد على الذات

ألقى وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد نجيب الفاخوري محاضرة في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية ضمن منهاج الكلية لدورتي الدفاع والحرب الوطنيتين بعنوان “التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية في الأردن”، حيث استعرض مفهوم التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية في المملكة.
وأكد الفاخوري أن الأردن ماضٍ في مسيرة الإصلاح التي يقودها جلالة وفي تنفيذ برامجه وخططه الإصلاحية والتنموية وفق خارطة الطريق المتمثّلة في وثيقة الأردن 2025، والبرنامج التنموي التنفيذي (2016-2019) والذي يمثل الخطة الحكومية المتكاملة والمتدحرجة لتحقيق رؤية 2025، والتي يتم حاليا تحديثها لتغطي الأعوام 2018-2020 والتي ستضمن مخرجات برنامج تحفيز النمو الإقتصادي الأردني 2018-2022، وبرامج تنمية المحافظات وتنمية البادية 2017-2019 إضافة إلى مخرجات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تم اطلاقها مؤخراً، والتي ستشكل أحد أهم الأولويات التنموية للمرحلة المقبلة والتي انبثقت عن اولويات وثيقة الاردن 2025 .
وأضاف إن المطلوب في المرحلة المقبلة هو تعميق التحول نحو الاعتماد على الذات و إحداث تحول في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، نحو نموذج جديد يحفز جميع الأردنيين على المشاركة بشكل كامل وبإحساس عال بالمسؤولية في تحقيق المستقبل الذي نريده لأنفسنا كمواطنين، ولأسرنا وأطفالنا.
وأكد الفاخوري أنه لا بد من تنفيذ الخطط الإصلاحية والتنموية بشكل متسلسل وأن تكون هذه الخطط كاملة ومستدامة، وإلا فإنها ستتوقف في مرحلة ما.
واشار الوزير ان التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية الشاملة يهدف الى المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي وزيادة الاعتماد على الذات، وتطوير الموارد البشرية وزيادة إنتاجيتها ، وتعزيز التنمية المحلية بما يحقق درجة عالية من التوازن التنموي بين المحافظات وحماية الطبقة الوسطى ومحاربة الفقر والبطالة، وتحسين بيئة الاعمال وجعلها جاذبة للاستثمارات المحلية والاجنبية، ورفع مستوى البنية التحتية الداعمة للتنمية وبمواصفات عالمية ،والارتقاء بمستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة.

وقال أن الاقتصاد الأردني حقق وثبات تنموية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي، وقد تمكنت الخطط التنموية من تحقيق الجزء الاكبر من اهدافها بسبب الظروف المواتية آنذاك والتدفقات المالية سواء على شكل مساعدات او تحويلات عاملين. كما واجه الاقتصاد الاردني أزمة حادة في أواخر عام 1988، رافقها تزايد ملحوظ في عجوزات كل من ميزان المدفوعات والموازنة العامة، وتفاقم مشكلة المديونية الخارجية ونضوب الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية.
ولمواجهة التحديات الثقيلة التي أفرزتها تلك الأزمة، أوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي ان ذلك تطلب إعادة النظر بأمور عدة على مستوى التخطيط الاقتصادي، حيث سارعت الحكومات المتعاقبة إلى انتهاج سياسات التصحيح الاقتصادي وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي خلال الاعوام 1990-2004 .
وإدراكا لحاجة الأردن الماسة إلى صياغة أجندة وطنية تحدد الأولويات الوطنية للأردن، اشار الفاخوري أن صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم (حفظه الله) أطلق مبادرة كلنا الأردن والأجندة الوطنية والتي حظيت بإجماع وطني من أطياف المجتمع الأردني، لتحدد ملامح التنمية لعشر سنوات (2006-2015)، ولتكون هادياً ومرشداً للحكومة للاستناد إليها في إعداد خطط وبرامج تنموية قصيرة ومتوسطة المدى، وبما يعزز انتقال الأردن من اعتماده في السابق على التخطيط المركزي إلى التخطيط اللامركزي التشاركي بين مختلف أطياف المجتمع من وزارات ومؤسسات حكومية وقطاع خاص وممثلي المجتمع المدني.
وأكد الفاخوري ان الاردن ينتهج سياسيات متوازنة تقوم على مبدأ الاصلاح الشامل وايقاف النزيف وضرورة التحول الى مبدأ الاعتماد على الذات وتعزيز الموارد الذاتية وعدم ترحيل المشاكل وبموازاة ذلك تعزيز النمو الإقتصادي والتشغيل للأردنيين ووفق مسارات محددة ومدروسة، وقد تعرض الاردن منذ ٢٠١١ الى عدة صدمات خارجية غير مسبوقة ليست من صنعنا واثرت على الاقتصاد الاردني وليس من السهل تحملها، وقاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه الاردن بسياسات حكيمة متوازنة وقدرة عالية على استشراف المستقبل وقاد الاردن في هذه المرحلة الصعبة الى بر الامان.
واشار الى ان الاعباء التي تحملها الاردن في آخر سبع سنوات كانت اغلبها بسبب الظروف الاقليمية المحيطة وغير المسبوقة من تبعات ما يسمى بالربيع العربي واستضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين وحالة عدم الاستقرار والانقطاع عن معظم الاسواق الرئيسة للصادرات والترانزيت بسبب اغلاق الحدود مع عدد من دول الجوار وانقطاع الغاز المصري الذي كلف الاردن حوالي 5.5 بليون دينار وانعكس ذلك على زيادة المديونية، حيث ان كل هذه التبعات السلبية والتي فرضتها حالة عدم الاستقرار في المنطقة كانت اشبه بما يعادل ” بحصار اقتصادي”. وأكد أنه خلال السبع سنوات انخفض النمو الإقتصادي من معدل تجاوز 6% خلال فترة 2000-2010 الى الثلث تقريبا وهذا غير مسبوق. وارتفعت البطالة من حوالي 12% في 2010 الى 18% في الربع الثاني من 2017.
وصاحب انقطاع الغاز الذي كان يولد 90% من الكهرباء ارتفاع اسعار النفط لحوالي 110 و120 دولار للبرميل ووصل في بعض الفترات الى فوق 140 دولار للبرميل، آخذين بعين الاعتبار أن الأردن يستورد 97% من احتياجات الطاقة. كما يجب ان لا ننسى حجم ارتفاع الأسعار غير المسبوق للغذاء والأردن يستورد 87% من غذائه. وفي الضوء الدعم الذي كان يطبق، ارتفع الدعم سنويا في حينه للمشتقات النفطية 800 مليون دولار سنويا والدعم للكهرباء من جراء انقطاع الغاز المصري واستخدام الديزل وزيت الوقود الى ملياري دولار سنويا حيث ارتفعت تكلفة توليد الكهرباء 500% مقارنة مع تكلفة توليده من الغاز المصري ووصلت فاتورة استيراد النفط ومشتقاته الى 22% من الناتج المحلي الإجمالي. كما قدرت التكلفة المباشرة لازمة اللجوء السوري وحالة عدم الاستقرار في المنطقة وتحمل الاردن اعباء استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري ويقترب عددهم الآن الى حوالي 1.4 مليون نتيجة المواليد الجدد (ما يقارب مئة الف مولود سوري) للفترة ٢٠١١ – ٢٠١٧ بحوالي ١٠،٥ مليار دولار للسبع سنوات (اي بمعدل سنوي يعادل 1.5 مليار دولار والتي تمثل 4% من الناتج المحلي الإجمالي و16% من الإيرادات الحكومية سنويا). وقدرت التكلفة غير المباشرة ما بين 3.1 -3.4 مليار دولار سنويا على الاقتصاد الكلي بحسب دراسة وكالة الامم المتحدة للتنمية ومنتدى طلال ابو غزالة مع حالة عدم استقرار امني واقتصادي واغلاق الحدود وانفاق امني اعلى من اجل الحفاظ على أمن وامان الوطن والشريط الحدودي بيننا وبين الدول المجاورة. وهذه الأعباء المالية من جراء كل الصدمات الخارجية غير المسبوقة وتزامنها مع بعضها البعض وتكلفتها التراكمية اذا جمعناها سنويا وكنسبة من قدرات الموازنة ومن الناتج المحلي الإجمالي تبين حجم العبء الكبير وغير المسبوق الأمر الذي استوجب تدخلات غير مسبوقة لإيقاف نزيف كاد يؤدي الى انهيار الإقتصاد والمالية العامة.
واشار الى ان الاردن توجه نحو اعادة توجيه الدعم العشوائي للمحروقات وتوجيهه للأردنيين عندما تكون اسعار النفط 100 دولار للبرميل فأعلى. وتم السير بمشروعات الطاقة المتجددة واستغلال الصخر الزيتي لتوليد الكهرباء واستعادة استيراد الغاز بعد الانتهاء من بناء ميناء الغاز في العقبة حيث سنصل الى حوالي انخفاض استيراد الطاقة الى حوالي 90% مع نهاية العام وسيستمر التوجه ويتوقع ان نصل الى ان 20% من توليد الكهرباء سيكون من الطاقة المتجددة بحلول 2020 وفقط على أساس مشاريع الطاقة قيد التنفيذ حاليا والتي ستساهم أيضا في تخفيض معدل تكلفة توليد الكهرباء أيضا. وتم اعادة هيكلة التعرفة الكهربائية لإيقاف نزيف دعم الكهرباء وبحيث تدعم الشرائح العليا الشرائح الأقل دخلا ويجب ان يتم توجيه الدعم أيضا للأردنيين فقط.
وبموازاة ذلك، توجه الأردن لمسارات الإصلاح الشامل لتغيير واقع الاردن الى الافضل إذ أن ذلك يتطلب الاستمرار في برنامج الاصلاح الوطني الاقتصادي والمالي الشامل والذي يهدف الى تحقيق الاستقرار المالي وللاقتصاد الكلي لأنه الأساس في حماية المواطن من تبعات أسوأ. وأكد على ضرورة استكمال الإصلاح المالي من خلال زيادة الايرادات وتحقيق هدف الاعتماد على الذات وترشيد وضبط الانفاق الجاري بشكل مستمر وزيادة الانفاق التنموي الرأسمالي وتعظيمه من خلال أطر الشراكة بين القطاع العام والخاص في ضوء عدم توفر حيز مالي كافي في المالية العامة، وايصال الدعم الى مستحقيه وفقط الأردنيين بالخروج التام من كل اشكال الدعم العشوائي وتوجيهه الى الاردنيين وسيصاحب ذلك تحول جذري في شبكة الامان الاجتماعي وأكد انه تم وضع في الموازنة للعام 2018 بنود واضحة لتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية وحزمة الامان الاجتماعي وتقديم الدعم النقدي.
واشار الى ان الإيرادات الحكومية الكلية انخفضت تغطيتها في ٢٠١٢ للنفقات الجارية الى 67% فقط وبسبب الإصلاحات المالية والتي اساسها تحمل المواطن الاردني وصبره الأمر الذي يستحق كل الاحترام والتقدير وايجاد البدائل لإيقاف الدعم لغير الأردنيين والهدر والفساد ومن المتوقع ان نصل الى ارتفاع تغطية الإيرادات الحكومية الكلية نسبة 92% من الإنفاق الجاري في الموازنة في نهاية العام الحالي وسنواصل سياسة الاعتماد على الذات بحيث تغطي الايرادات الكلية وتتجاوز 100% من النفقات الجارية بنهاية عام 2019. وأشار الى أن المديونية نسبة الى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 62% الى 95% في السبع سنوات الأخيرة بمعدل 5% سنويا وبسبب حجم الصدمات الخارجية التي تعرض الأردن لها ووصلنا بسبب الإصلاحات المالية الى ثباتها هذا العام. وأكد أن هذه التحديات أدت الى ارتفاع المديونية نسبة الى الناتج المحلي الإجمالي في كافة الدول متوسطة الدخل حيث وصلت في لبنان الى فوق 150% وفي مصر الى 130% على سبيل المقارنة.

وأضاف انه وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ( حفظه الله ورعاه( الى الحكومة ، فقد تم إعداد وثيقة الأردن 2025 لترسم طريقا للمستقبل وتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع، للبناء على ما تحقق من خلال الاجندة الوطنية (2006-2015) وما لم يتنفذ وما استجد من تغييرات واحتياجات تنموية.
وأشار الى ان نموذج النمو الجديد الذي تعتمده الوثيقة يركز على مفهوم العناقيد كأسلوب فعال للتنمية الاقتصادية، فهذا الاسلوب يعمد إلى استغلال الميزات النسبية للأردن، كما أنه يقوم بربط العناقيد المختلفة للوصول إلى نمط اقتصادي متكامل وفعّال للتنمية الاقتصادية، فهذا الاسلوب يعمد إلى استغلال الميزات النسبية للأردن، كما أنه يقوم بربط العناقيد المختلفة للوصول إلى نمط اقتصادي متكامل وفعّال ، وتشمل هذه العناقيد، على سبيل المثال، الصناعات الهندسية والإنشاءات، الرعاية الصحية والسياحة العلاجية، الخدمات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، السياحة والمؤتمرات، وعنقود الخدمات المالية والاستشارية، والزراعة والصناعات الزراعية والغذائية، والخدمات التعليمية. وهي موزعة بين عناقيد صناعية وخدمية أثبتت نجاحها وتوفيرها لفرص عمل لائقة للأردنيين ويمكن أن تتوسع في جميع محافظات المملكة.
وحول وضع الأردن في التقارير الدولية، فقد أشار الوزير الفاخوري الى أن ترتيب الأردن تحسن في العامين السابقين، وتقدم الأردن 15 مرتبة في تقرير بيئة الأعمال الذي صدر في شهر تشرين أول الماضي، مؤكداً ان الحكومة تعمل على تهيئة بيئة الأعمال ومتابعة مصفوفة تحسين الأردن في مؤشرات بيئة الاعمال، وسيتم العمل على متابعة الإصلاحات التشريعية المتعلقة ببيئة الأعمال لتنعكس إيجاباً على تقرير العام القادم.
وأشار الفاخوري الى أن الأردن حقق قصة نجاح بالشراكة مع القطاع الخاص في مجال تطوير البنى التحتية، حيث أن الأردن قام بتنفيذ مشاريع بنى تحتية بنحو 10 مليارات دولار أمريكي بالشراكة مع القطاع الخاص في آخر عشر سنوات.
وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أن التطورات الاقتصادية والسياسية الاقليمية والدولية فرضت واقعاً جديداً على مختلف الدول، وقد افضت كل هذه التطورات الى مجموعة من الحقائق المؤثرة على التخطيط الاستراتيجي، ومن ابرزها ان أن التطورات الاقتصادية والسياسية الاقليمية والدولية فرضت واقعاً جديداً على مختلف الدول، وقد افضت كل هذه التطورات الى مجموعة من الحقائق المؤثرة على التخطيط الاستراتيجي، زمنها أن دور الحكومات تطور نحو الدور التوجيهي والتنظيمي للأعمال والخدمات واليات سوق العمل وتقديم الخدمات الاساسية، وتأمين مظلة الحماية الاجتماعية، ويتكامل مع دور القطاع الخاص الرئيسي في الاستثمار والتشغيل ومع دور المجتمع المدني ومبادرات التشغيل الذاتي والمشاريع الصغيرة والانتاجية والرياضية، فالتنمية المستدامة والشاملة لن تتحقق الى بتكامل عمل هذه الاطراف الثلاث داخل المجتمعات حيث ان التكاملية والتشاركية في الادوار بين هذه الاطراف الثلاثة هي ما يميز الاردن. .
واكد الوزير فاخوري ان نهج الدولة يجب أن يركز على التنفيذ الفاعل مقتبسا من خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الثامن عشر “إن النهج الحكومي لا بد أن يتوخى الشفافية والواقعية، دون تراخ أو تردد، ومع الانتهاء من مرحلة إعداد الاستراتيجيات والخطط فلا بد أن يركز النهج الحكومي على التنفيذ الفاعل، فلن يقوم أحد بإيجاد الحلول لمشاكلنا، إلا نحن أنفسنا، فلا بد أن نعتمد على إرادتنا وإمكانياتنا وطاقاتنا في مواجهة التحديات أمامنا بعزيمة وتصميم ”
وقال ان نجاح الجهود التنموية لا يقوم فقط على تصميم السياسات الجيدة، بل يتطلب ايضاً التزاماً حكومياً ابتداء من مستوى مجلس الوزراء ، واجماعاً من مختلف الاطراف ذات العلاقة، وهذا يؤكد على أهمية التشاركية في تصميم السياسات وتنفيذها.
وحضر هذا اللقاء رئيس وأعضاء هيئة التوجيه ودارسو دورة الدفاع الوطني ودورة الحرب من بينهم عدد من الدارسين من الدول الشقيقة.

التعليقات مغلقة.