صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اقتصاديا.. أضعنا الفرصة

رغم التحديات الكبيرة التي عصفت بالاقتصاد الوطني خلال السنوات الماضية، والتي فعلا كان بعضها يشكل تحديا جسيما لاستقرار المملكة، إلا أنه كان هناك جملة من الفرص التي سنحت للأردن، والتي للأسف لم تحسن الحكومات استغلالها على الإطلاق، ولم توظفها لصالح التنمية.

صحيح أن أسعار النفط كانت قد قفزت إلى أعلى مستوياتها في عام 2012 وبلغت ما يناهز ال147 دولارا للبرميل، ما ساهم بمضاعفة الدعم الرسمي وتنامي عجز الموازنة والمديونية معا، إلا أنه اعتبارا من حزيران سنة 2014 وأسعار النفط في تراجع كبير تجاوز في بعض الفترات ال70 بالمائة، ما شكل فرصة حقيقية للحكومات لتعويض خسائرها في الطاقة بعد أن تراجعت الأسعار وبقيت أسعار المحروقات باستثناء الغاز بلا أي دعم، حيث كانت الحكومات قد رفعته نهائيا وتخلصت منه، ما يعني تحقيق أرباح طائلة ووفورات مالية كفيلة بإنهاء أي خسائر في هذا القطاع، ورغم ذلك بقيت الحكومات تتحدث عن دعم من الخزينة مقدم للمحروقات.

الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة لأسعار الكهرباء التي جرى تعديلها أكثر من مرة بحجة انقطاع الغاز المصري ولجوء الحكومة إلى زيت الوقود وشرائه بأسعار عالمية مرتفعة، قد يكون هذا الكلام صحيحا في ظل جنون أسعار النفط، لكن بعد ذلك من المفترض أن تختفي خسائر الكهرباء وأن تعوضها الحكومة فعليا بعد أن أبقت أسعار التعرفة على ارتفاعاتها دون أن تخفضها بعد هبوط أسعار النفط، بمعنى أن الحكومة رفعت كل شي في ظل ارتفاع النفط وعندما هبطت أسعاره أبقت على التعرفات المرتفعة في قطاع الكهرباء والطاقة، لا بل أضافت عليها رسوم وضرائب جديدة.

الحكومات لم تحسن توظيف ما حصلت عليه من منح خارجية لرفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة التوظيف وتعزيز بيئة الاستثمار في المملكة، فعلى سبيل المثال لا الحصر حصلت الخزينة في السنوات الخمس الماضية على تمويل شبه كامل لمشاريعها الرأسمالية في الموازنة عن طريق المنحة الخليجية بقيمة ما يقارب ال3 مليار دينار، والمنطق يقتضي أن يتراجع التوجه الحكومي نحو الاقتراض سواء أكان داخليا أم خارجيا، وأن تتعاظم القيمة المضافة للاقتصاد جراء هذه المنحة التي مولت الجزء الأكبر من المشاريع الرأسمالية في الموازنات، وأراحت الحكومة من عبء التمويل لها.

للأسف النتيجة كانت مخيبة للآمال، فالمنحة الخليجية لم تساهم برفع النمو الاقتصادي إلى معدلات أعلى مما هي عليه قبل المنحة، وبقيت المعدلات في أبطأ حالتها عند 2 بالمائة في السنوات الأخيرة، وكأنه لا يوجد منح أساسا، وهذا يقودنا إلى نوعية المشاريع التي تم فرزها في الموازنة والممولة من المنحة الخليجية والتي تظهر بعض تفصيلاتها أن أعمال التعبيد والطرق والاسفلت استحوذت لوحدها على ما يقارب المليار دينار من أموال المنحة، ما يوضح أسباب عدم تجاوب إنفاق المنحة مع حركة واتجاهات النمو الاقتصادي، فغالبية المشاريع ليس لها أثر اقتصادي تنموي حقيقي.

يبقى السؤال الآن الذي يطرح في أروقة المختصين والمحللين، ماذا ستفعل الحكومة إذن بعد أن عاودت أسعار النفط للارتفاع وانقطعت أموال المنحة الخليجية التي لم تجدد، في ظل تنامي المديونية وتراجع المساعدات الخارجية للمملكة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.