صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فورين بوليسي: “الحشد الشعبي” الطابور الإيراني الخامس في العراق والغرب

يرى ريز دوبن في مجلة “فورين بوليسي” أن الميليشيات الشيعية في العراق بدأت بعد نهاية تنظيم “الدولة” بالتحضير لدور سياسي مع قرب عقد الانتخابات البرلمانية في شهر أيار/مايو المقبل. وفي مقاله الذي نشرته مجلة “فورين بوليسي” أشار فيه للتحالف المفاجئ الذي عقده رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هذا الشهر مع هادي العامري، زعيم منظمىة بدر في ائتلاف كبير من الأحزاب والجماعات السياسية التي ستشارك في الانتخابات. وقال دوبن إن التحالف أثار ردة فعل سلبية داخل النظام السياسي العراقي. فالعبادي الذي تنظر إليه الحكومات الغربية بالوطني العراقي طالما تعامل مع العامري كعدو. وطالما تبادلا الاتهامات والشتائم حيث استهدف العبادي منظمة العامري بالنقد. ومع أن التحالف المقترح تم حله بعد يوم واحد إلا أنه أثار القلق في داخل الولايات المتحدة والحكومات الغربية التي طالما نظرت لفصائل مسلحة مثل بدر وتلك المنضوية تحت ما أطلق عليه الحشد الشعبي كطابور إيراني خامس كل همه زعزعة استقرار الحكومة المركزية.

استراتيجية إيرانية

ونقل عن ريان كروكر، السفير الأمريكي السابق في بغداد: “كنت أميل للنظر إلى هذا من خلال عدسات ما أفترض أنها استراتيجية إيرانية كبيرة في المنطقة”، مضيفاً “تخلق وتوجد وتنظم وتدرب لاعبين من غير الدولة يتبعون توجيهاتك ومن يديرون البلد بشكل ظاهري”. ومع خفوت الحملة ضد تنظيم الدولة فقد أصبح موضوع الحشد الشعبي من القضايا المهمة التي تعبر عن مخاوف القوى الدُّولية من زيادة التوتر الطائفي والهيمنة الإيرانية في العراق ضد قوى متحصنة سياسيا وعسكريا في البلاد. وتم تشكيل الحشد الشعبي عام 2014 رداً على دعوة المرجعية الدينية آية الله علي السيستاني لمواجهة تنظيم الدولة الذي سيطر على الموصل ومعظم شمال العراق وتقدم مقاتلوه نحو بغداد وضم جماعات مسلحة مدعومة وممولة من إيران مثل منظمة بدر، إضافة لجماعات صغيرة اندفعت بدوافع دينية والدفاع عن العاصمة التي دعا إليها السيستاني. وليست بالضرورة مرتبطة بإيران حسبما يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، ميجر أدريان رانكين- غالواي “الحشد الشعبي هو مصطلح عام” مضيفا إن “هناك حشداً شعبياً مسيحياً وأيزيدياً وشيعياً وهي ليست مرتبطة بإيران”.

والآن وقد خفتت وتيرة القتال المكثف ضد تنظيم الدولة فلا تزال وحدات من الحشد فاعلة وتقدم الدعم للجيش العراقي النظامي. وينقل عن سجاد جياد، مدير مركز “البيان للتخطيط والدراسات” قوله إن الشرطة والجيش متوزعون على كل أنحاء البلاد.

حل الحشد ودمجه

ومن هنا فالحشد الشعبي يعتبر قوات ضرورية لدعمهما مع أنها ليست قوات نخبة. ويقول مسؤولون أمريكيون إن الخطط من أجل حل الحشد ودمجه في قوات الأمن العراقية ظهرت على السطح كموضوع حساس في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة إلا أنه لم يتشكل بعد. وحسب مساعد في الكونغرس على علاقة بالسياسة العراقية فمعظم القرارات التي اتخذت في كل من العراق وسوريا كانت مدفوعة بقرار هزيمة تنظيم الدولة. و”برغم نجاحنا في تحقيق هذا الهدف إلا أن خياراتنا في ذلك الوقت والآن لم تنحرف باتجاه هزيمة فكرة تنظيم الدولة بطريقة ذات معنى”. ولن يكون للولايات المتحدة تأثير كبير في الوضع في ظل غياب الميزانية العسكرية لعام 2018 ودعم الجيش العراقي. فالدعم العسكري الكامل المشروط بحل عدد من الجماعات المسلحة فالتأثير سيظل مفقودا وكل ما تملكه الإدارة الأمريكية هو التأثير عبر “المحادثات الثنائية” ومن خلال وزارة الخارجية والدفاع. ويعترف بعض صناع القرار الأمريكي بالدور الذي لعبته قوات الحشد الشعبي في السنوات الماضية والمعضلة السياسية التي تواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي. فالكثير من الوحدات في الحشد الشعبي تحظى بدعم من قطاعات في المجتمع العراقي. وحسب مسؤول أمريكي طلب عدم ذكر اسمه شبه وضع العبادي بمرشح جمهوري معتدل يواجه منافسًا له من حزب الشاي.

وقال المسؤول:”هناك موازنة سياسية أمام العبادي بين رغبته في دمج الحشد الشعبي وحله بشكل كامل”. ولاحظ مسؤولون سابقون وحاليون أن الفشل في دمج قطاعات من الحشد الشعبي في قوات الأمن وحلها بشكل كامل قد يؤدي إلى زعزعة الحكومة ومفاقمة العداء الطائفي في البلاد. وتمنح انتخابات أيار/ مايو بعض الجماعات ذات الطموح السياسي. فبعد دعوة السيستاني عام 2017 لقوى الحشد الشعبي وضع السلاح قامت بعض الجماعات بالتفريق بين الجناح العسكري والسياسي، أما العامري الذي عمل في الحكومة فيحاول مرة أخرى العودة لها. وترى بلقيس واللي الباحثة المتخصصة في العراق بمنظمة هيومان رايتس ووتش أن الانتقال من وضع الجماعة المسلحة للجماعة السياسية يشكل تحدياً كبيراً ويضفي الشرعية على توجهات خطيرة ” حتى الآن، عندما قامت قوات الحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات كان ينظر إليها كعناصر مارقة” و”عندما يصبحون لاعبين سياسيين فسيمنحون الغطاء”. من جانبهم قلل مسؤولون عراقيون من خطورة الحشد الشعبي مشيرين لقانون ينظم عمل القوات كجزء من قوات الأمن العراقية. وقال مسؤول عراقي لم يذكر اسمه إن بعض هذه الجماعات “قد تعود للحياة المدينية أو تسلم أسحلتها”. ومع دعوة الكثيرين لحل الحشد إلا أن قادتها يشيرون لتضحياتهم ضد تنظيم الدولة حيث بنوا وجوداً لهم في المناطق السنّية.

التعليقات مغلقة.