صحيفة الكترونية اردنية شاملة

1.29 تريليون دولار الإنفاق على “إنترنت الأشياء” .. طفرة في صناعات المستقبل

من منا لا يتطلع إلى المستقبل، ويرغب بفارغ الصبر في التعرف على مقبل الأيام، ولا شك أن رجال الأعمال والمستثمرين يندرجون ضمن أكثر الفئات شغفا بالتطلع إلى الغد، وما يحمله من ابتكارات يمكن الاستثمار فيها.

وربما لا يختلف اثنان حاليا على أن تسارع الابتكارات والتطور المذهل في التكنولوجيا، سيغير الطريقة التي يحيى بها الإنسان مستقبلا، ليس فقط لأنها ستجعل بعض جوانب الحياة أكثر يسرا وسهولة، بل يمكن القول بثقة بأنها سترفع مستوى معيشة الإنسان إلى أعلى وتجعله أكثر تحضرا.
باختصار، فإن عديدا من الصناعات والقطاعات الاقتصادية ستشهد ازدهارا كبيرا في المستقبل، والازدهار سيحمل معه مزيدا من فرص الاستثمار والتوظيف، ومعدلات أرباح أعلى.
فما هي أبرز الصناعات التي ستشهد ازدهارا في العشرية المقبلة نتيجة التكنولوجيا؟، “الاقتصادية” طرحت هذا السؤال على عدد من المختصين ومجموعة من العاملين في مجال الابتكارات المستقبلية للتعرف على ما يحمله الغد لنا.
يعتقد المهندس إل. إن. فليتشر الخبير التكنولوجي أن الاستثمار في مجال تطوير الشبكة العنكبوتية سيكون أكثر أنواع الاستثمار انتشارا وازدهارا في السنوات العشر المقبلة، ويضيف أن “هناك مفهوما آخذا في التبلور في المجال التكنولوجي يسمى (إنترنت الأشياء)، ويجبر هذا المفهوم الشركات المصنعة لمختلف السلع على دمج الإنترنت في جميع المنتجات والسلع المصنعة، وهذا التطور سيستمر في السنوات العشر المقبلة، حيث سيصبح كل شيء من الثلاجات إلى لعب الأطفال مرتبطا بالإنترنت وتقنياتها، وفي عام 2015 بلغ حجم الإنفاق العالمي على (إنترنت الأشياء) 625.2 مليار دولار، وسيصل الإنفاق الكلى بحلول عام 2020 إلى 1.29 تريليون دولار، بينما سيبلغ معدل النمو السنوي 15.6 في المائة، ومن ثم فإن دعم هذا الاتجاه يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة، وذلك لجعل تلك التطبيقات التكنولوجية متاحة بشكل أكبر وأكثر سهولة لجميع الفئات العمرية والفئات الاجتماعية”.
ويضيف فليتشر: “يرتبط أيضا بهذا التطور ما يعرف بالطباعة ثلاثية الأبعاد، فهذا النوع الجديد من التكنولوجيا سيمثل مجالا استثماريا مربحا للغاية مستقبلا. فبمجرد أن تصبح الطابعات ثلاثية الأبعاد ظاهرة سائدة، ويصبح المستهلك قادرا على اقتنائها والتعامل معها بسهولة ويسر، فسنكون جميعا أمام قطاع إنتاجي جديد يسمح للمستهلك بالتفرد فيما يقتنيه، فالمتوقع أن تصل الإيرادات السنوية في سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى 12 مليار دولار بنهاية العام، وستقفز إلى 20 مليار دولار في عام 2021”.
وفي إطار العلاقة المستقبلية بين الاستثمار والتكنولوجيا، فإن ما بات يعرف “بالواقع الافتراضي” و”الواقع المعزز” يدخل ضمن أبرز القطاعات الاستثمارية التي يجمع الجميع بأنها صناعة المستقبل.
الباحث جيمون فورلنج في شركة “ميند كومارس” يؤكد أن صناعة الواقع الافتراضي والواقع المعزز ستواصل نموها السريع في السنوات المقبلة بمعدل نمو سنوي سيتجاوز 150 في المائة، مشيرا إلى أن الخيارات الاستثمارية للاستفادة من تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز لن تقف عند حدود ألعاب الفيديو الشائعة، إذ إن تلك التقنية ستدمج بقوة في قطاعات أخرى مثل التعليم والطب ومساعدة العملاء وغيرها من المجالات الأخرى.
ويقدر فورلنج حجم السوق العالمية للواقع الافتراضي والمعزز هذا العام بـ 11.4 مليار دولار، وسيصل بحلول عام 2021 إلى 214 مليار دولار، ويشير إلى أن الصين ستحتل مكانة رائدة في عالم الواقع الافتراضي والمعزز بسبب ما يطلق عليه “حمى الاستثمار” الصينية في هذا المجال.
ويضيف فورلنج قائلا: “في عام 2015-2016 بلغ الاستثمار الصيني في هذا المجال 593 مليون دولار، والأمر لا يعود فقط إلى مبادرات القطاع الخاص، إذ إن الدولة الصينية ذاتها اتخذت قرارا بأن تعزز الاستثمار في هذا القطاع، وأن تحتل المرتبة الأولى عالميا في مجال الإبداع والابتكارات، من منطلق إمداد الاقتصاد بأداة تحفيز جديدة بدلا من الأساليب التقليدية.
وإذا كانت الرؤية السابقة ترتبط إلى حد كبير بمجال معرفي حديث نسبيا للإنسان، فإن قطاع الإنشاءات يعد بلا شك أحد أقدم الصناعات الإنسانية، وعلى الرغم من ذلك فهناك إجماع تام بين من استطلعت “الاقتصادية” آراءهم من أن قطاع الإنشاءات سيظل واحدا من القطاعات الاقتصادية الرائدة في السنوات العشر المقبلة.
الدكتور نايجل فوت أستاذ الاقتصاد الدولي يشير إلى أن هناك عددا من العوامل التي تجعل من قطاع الإنشاءات في مقدمة القطاعات الصناعية التي ستقود معدلات النمو الاقتصادي مستقبلا.
ويقول فوت: “إن الزيادة المتواصلة في عدد سكان الكرة الأرضية، والتزامات الدول تجاه مواطنيها بتوفير حياة كريمة لهم تتضمن السكن، وكذلك المنافسة المتزايدة بين الدول في امتلاك بنية تحتية أكثر حداثة لجذب المستثمرين، عوامل تجعل قطاع الإنشاءات واحدا من أكثر القطاعات الاقتصادية الأسرع نموا على مستوى العالم”.
ويرى فوت أن “الاندماج المتزايد بين القطاع الهندسي بصفة عامة والقطاع التكنولوجي تدفع إلى إيجاد وضع مرتبط بين الطرفين، بحيث يمكن القول إن البلدان المتفوقة تكنولوجيا ستمتلك البنية التحتية الأكثر تطورا أيضا”
وتشير التقديرات الدولية إلى أن قطاع الإنشاءات العالمي نما العام الماضي بمعدل 3.5 في المائة، وسط توقعات بأن يبلغ معدل النمو هذا العام 3.6 في المائة أي أعلى من معدل نمو الاقتصاد العالمي ككل والمتوقع أن يصل إلى 3.1 في المائة.
المهندسة فيكتوريا دين الاستشارية في شركة “بام” العالمية للإنشاءات الهندسية تضع تصورا عاما لقطاع الإنشاءات في العالم من الآن وحتى عام 2030، إذ تتوقع أن “تشكل الصين والولايات المتحدة والهند 57 في المائة من إجمالي النمو العالمي في سوق البناء والهندسة بحلول عام 2030.. والبلدان الثلاثة سيضيفون بحلول ذلك الوقت 4.5 تريليون دولار لنمو قطاع الإنشاءات في العالم، وإذا وسعنا الدائرة وأضفنا إلى البلدان الثلاثة إندونيسيا والمملكة المتحدة والمكسيك وكندا ونيجيريا فإن البلدان السبعة ستشكل 70 في المائة من النمو العالمي في قطاع الإنشاءات، وقطاع البناء العالمي سينمو بثمانية تريليونات دولار بحلول عام 2030، وسيصل متوسط المعدل السنوي للنمو إلى نحو 3.9 في المائة”.
وتستدرك دين قائلة: “من المرجح أن يصل الإنفاق العالمي على قطاع البناء إلى 212 تريليون دولار بين 2020-2030، والقارة الآسيوية بمفردها ستنفق 77.8 تريليون دولار، والتقديرات الراهنة تشير إلى أن قطاع البناء سيشكل 14.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2030”.
ومن المؤكد أن القطاع الصحي بمفرداته المختلفة سيكون أحد أكثر القطاعات نموا خلال العشرية المقبلة، فزيادة عدد السكان، وارتفاع متوسط عمر الإنسان، والاهتمام الفطري للفرد بصحته وصحة أسرته، والكثير من العوامل الأخرى، تعد دافعا رئيسا للاستثمار في هذا القطاع، الذي يواجه في كثير من دول العالم بما فيها الدول المتقدمة نقصا استثماريا ملحوظا.
ويقدر الإنفاق على الرعاية الصحية على المستوى الدولي بحلول عام 2020 بنحو 8.7 تريليون دولار، وسط توقعات بأن تشهد نسبة الإنفاق الصحي من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي زيادة طفيفة من 10.4 في المائة حاليا إلى 10.5 في المائة عام 2020.
من جهته، يرسم إيان مارتن المدير العام السابق لقسم التطوير في وزارة الصحة البريطانية خريطة للمشهد في القطاع الصحي على المستوى الدولي قائلا إن “البلدان الناشئة والبلدان ذات الدخل المنخفض هي التي ستقود الزيادة المتوقعة في الإنفاق على الرعاية الصحة خلال العامين المقبلين، والمتوقع أن يصل معدل نمو القطاع الصحي في أمريكا الشمالية 4.3 في المائة، وأوروبا الغربية 4 في المائة والشرق الأوسط وإفريقيا 4.2 في المائة، وفي آسيا وأستراليا إلى 5 في المائة”.
ويضيف مارتن:” وفقا لتقديرات وزارة الصحة البريطانية فإن 50 في المائة من الإنفاق العالمي في القطاع الصحي أي نحو أربعة تريليونات دولار سيذهب لاكتشاف علاجات لثلاثة أمراض قاتلة، السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي، كما أن مرض السكر سيحظى أيضا باستثمارات طبية ملحوظة نظرا لزيادة عدد المرضى على المستوى العالمي من 415 مليونا إلى 642 مليونا بحلول عام 2040″.
الدكتورة آميندا شنكر من منظمة الصحة العالمية تعتبر أن الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية لكبار السن سيكون أحد أنجح القطاعات الاستثمارية مستقبلا، فوفقا لأبحاث منظمة الصحة العالمية فإن عدد سكان الكرة الأرضية الذين سيتجاوزون الـ 60 عاما سيبلغ نحو ملياري نسمة بحلول عام 2050 أي نحو 22 في المائة من سكان الكرة الأرضية، وسيفتح ذلك آفاقا استثمارية ضخمة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية لكبار السن”

التعليقات مغلقة.