صحيفة الكترونية اردنية شاملة

وشهد شاهد من أهلها

سقطت حكومة الملقي سقوطا مدويا في الأسبوع الماضي، نتيجة لانتفاضة مباركة من قبل الشباب الأردنيين، في مختلف مناطق المنطقة، احتجاجا على سياسة الجباية الجائرة التي انتهجتها تلك الحكومة، وعلى رأسها قانون ضريبة الدخل المقترح. وإثْر ذلك انكشفت خبايا الحكومة المقالة عندما شهد شاهد من أهلها لم يكن في المهد صبيا، بل كان رجلا بالغا له باع طويل في القضايا المالية، وهو الوزير عمر ملحس. ولهذا دعونا نتلمس مناقب تلك الحكومة قبل أن يسدل الستار عليها.

دولة الملقي وملحس كانا متحمسان لتطبيق قانون ضريبة الدخل، ودافعا عنه بشراسة مصرين على تطبيقه وعدم سحبه من مجلس النواب. ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن فأقيلت الحكومة. وكلف الدكتور الرزاز بتشكيل حكومة جديدة. أعلن الرئيس المكلف عن نيته في سحب القانون المجحف بعد تشكيل حكومته، وإعادة دراسته مع حزمة من القوانين الأخرى، المتعلقة بالضرائب المفروضة على المواطنين. الأمر الذي جعل الهدوء يخيم على الشارع ووقف الاحتجاجات انتظارا لتنفذ الوعود بعد تولي المسؤولية.

فاجأنا الدكتور ملحس بعد أن ترجّل عن صهوة وزارة المالية، باعترافاته عن الحقائق التي كانت تمارسها الحكومة قائلا : ” أنه لم يكن مسؤولا عن قانون ضريبة الدخل الجديد، وأنه لم يكن سوى ( حارس مرمى ) ينفذ باحتراف المهام الموكولة إليه “. وأضاف قائلا : ” أن إحدى الجهات السيادية هي التي أرسلت نص القانون الذي أثار الشارع، وأن الوزير جعفر حسان بالتنسيق مع أحد المستشارين في الديوان الملكي، هو الذي تولى تمرير صيغة القانون المترجم على مجلس الوزراء. وأن الدكتور هاني الملقي هو من طلب من أعضاء مجلس الوزراء التوقيع على ذلك القانون بدون قراءته أو مناقشته “. 

وهكذا يكون الوزير ملحس قد شقّ بتصريحاته الخطيرة قميص الحكومة من قُبلٍ، فبانت عورتها وكانت من الكاذبين. ومع الأسف أن هذا النهج المضلل لخداع الشعب، هو أسلوب متبع من قبل مختلف الحكومات الأردنية السابقة. فهم يتلقون الأوامر من الحكومة الخفية، ويطبقونها بحذافيرها دون نقاش أو دراسة، ثم يتولون الدفاع عنها بشراسة، دون قناعة ودون نظر لمصلحة الشعب. لقد صدع رؤوسنا دولة الملقي بشعاره: ” أننا في الحكومة خدام للشعب ” ولكن الممارسات العملية أثبتت عكس ذلك تماما. 

لا شك بأن معظم الوزراء في الحكومات الأردنية هم ( موظفون لا وزراء ) إلا من رحم ربي، ويشذ عن هذه القاعدة بعض الوزراء الحقيقيين، الذين لم يغرهم المنصب على حساب مبادئهم ونقاء ضمائرهم، ومنهم : معالي المرحوم حمد الفرحان، معالي السيدة ليلى شرف، معالي السيد طاهر العدوان، دولة السيد عون الخصاونه، ولكنهم سُجلوا في قائمة النسيان. 

وعند التمعن بحكومة الملقي ونهايتها المفرحة، نخرج بالاستنتاجات التالية :

1. أن الوزراء في الحكومات الأردنية المتعاقبة، هم موظفون، عليهم تنفيذ التعليمات بحذافيرها دون نقاش، وليس لديهم شيء من حرية التصرف أو الولاية العامة. 

2. هناك حكومات خفية تتحكم بصنع القرارات، وتصدرها إلى الحكومات لتنفذها دون مناقشة أو تردد، وهذا ما جعل الرئيس الملقي يطلب من الوزراء التوقيع على قانون الضريبة دون دراسته، ويصر على عدم سحبه.

3. أن هناك أشخاص متنفذون منهم مسؤولون حاليون وسابقون، يفرضون آراءهم في اختيار أعضاء الحكومات.

4. أن وزير الدولة للشؤون القانونية ورئيس هيئة التشريع، لا يستشارون في صياغة بعض القوانين أو الاعتراض عليها، وكما جرى في قانون ضريبة الدخل الجديد المترجم.

5. أن الوزراء ( الموظفين ) في الحكومات يمارسون التدليس على المواطنين في قضاياهم، ويدافعون عنها رغم عدم قناعتهم بمضمونها. 

هذه هي حكومة الملقي التي تم ترقيعها خمس مرات، وقد انكشفت عورتها كما انكشفت عورات الحكومات السابقة، وتبين بأن كل منهم يمثل ( حارس مرمى ) كما وصفهم ملحس. وها نحن اليوم بانتظار حكومة جديدة، نأمل أن لا تمارس دور سابقاتها في تضليل هذا الشعب الصابر، الذي كُتب عليه أن يتلقى الصفعات المتتالية، من حكومات بائسة واحدة تتلو أخرى.

التعليقات مغلقة.