صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحدّياتُ ما بعد الثِقة

حصولُ حكومة الرزاز على ثِقةِ مجلس النواب لا يعني أن الضغوطات خَفَت عنها، على العكسِ تماماً، فقد دخلت الآن مرحلة الِثقة الحقيقية مع الشارع، والتَحَدَّي الآن يكمن في ترجمةِ التعهدات إلى اجراءات وسياسات اقتصادية يلتمسها المواطن على ارضِ الواقع.

لكن هذا لا يعني ان تتغير الأمور الاقتصادية بين ليلةٍ وضحاها، الأمرُ بحاجةٍ إلى ترتيبات وتفاهمات بين الحكومة وكافة القوى للوصولِ إلى تفاهمات تهدفُ أولاً وأخيراً إلى وضع الأقتصاد الوطني على المسارِ السليم والآمن، الذي يعززُ من تنافسيته ويمكّن بيئة الاعمال من النموِ والتجاوب الإيجابي مع السياسات الاقتصادية الرسمية.

بعد ثِقةِ النواب، تواجهُ حكومةُ الرزاز استحقاقات وتحديات سريعة، تتطلب منها تغيير النهج في التعامل معها بشكل يُعطي مؤشر للشارع من أن الامور تتغير، والأسلوب التقليدي لم يعدّ قائم في مواجهةِ عمليةِ تنشيط الاقتصاد، والموازنة بين المتطلبات الخارجية والداخلية لتحفيزه وتحقيق الاستقرار المنشود.

أولى تحدّيات ما بعد الِثقة هو مشروعُ قانون ضريبةِ الدخل، والذي كان له أثر بالغ في تحريكِ قوى الشارع في الدوار الرابع نهاية ايار الماضي، وشعور غالبيةِ القوى انه يُكرّس نهج الجباية ويبتعد عن العدلةِ في التوزيع، ويفتقرُ للأسس الاقتصادية السليمة المرتبطة بالتحفيز وتعزيز الانشطةِ الاقتصادية، ويبتعدُ كلياً عن تحقيقِ الأمن المعيشي للمواطنين.

هُنا يكّمن التَحَدَّي امام الحكومة في اخراجِ قانونٍ قادر على المواءمةِ بين استدامة الدولة في تقديمِ الخدمات وتمويل نفقاتها، وبيّن تحقيق الاستقرار المعيشي للطبقات الاجتماعية خاصة الفقيرة والمتوسطة منها وتحفيز الاقتصاد ومعالجة الاخْتِلالات في شكلِ العلاقةِ مع القطاعات الانتاجية والاقتصادية المختلفة، والحوار الذي بدأته الحكومة مع الفعاليات المختلفة يشير الى تفهم كبير للتشوهات التي اِعتَرَت مشروع القانون السابق، ناهيكَ عن التفهم الواضح لمسألة العبءِ الضريبي على القطاعات والافراد.

ثاني التحديات هو مشكلة البطالة التي تتجاوز نسبتها اليوم الـ 18.5 بالمئة، وهي نسبٌ كبيرة جداً، وبالأرقام تبلغ أكثر من 260 ألف عاطل عن العمل، وإذا ما علما أن حوالي 156 ألف شخص يدخلون الى سوق العمل سنوياً من مختلفِ التخصصات والمهن، ندركُ حاجة هذه المشكلة التي فعلا باتت كابوس يؤرق الاستقرار العام في البلاد، من هنا يتطلب الأمر تحركاً سريعاً من خلال سياسات تشغيلية وبالتفاهم مع القطاع الخاص كخطوة أولى لإحلال العمالة الوطنية بدلاً من الوافدة، فالتشغيل أولوية وطنية مُلَحّة على المدى القصير.

ثالثاً التحديات هو العلاقة مع صندوق النقد الدولي والتباحث معه في التحديات الجديدة والمستجدة على الاقتصادِ الوطني ونقاش مسألة عدم وفاء المانحين بالتزاماتهم تجاه دعم الاردن، وانعكاس ذلك على الأتفاق الائتماني بين المملكة والصندوق.

التحدياتُ السابقة تشكل أولوية العمل لبرنامج الحكومة في المدى القصير، لأنها تؤسس لمدخل اقتصادي إيجابي سيلتمسه المواطن أن أَحْسَنَت الحكومة في التعاطي مع الملفات السابقة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.