صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فرنسا: إيداع مذكرتين لحجب الثقة عن الحكومة

لا تتوانى المعارضة الفرنسية عن دفع كل ما تملك من أوراق وأفكار للاستفادة القصوى من قضية ألكسندر بينالا المعاون السابق للرئيس الفرنسي، المتهم بتعنيف متظاهرين، خصوصا بعد إيداعها مذكرتين لحجب الثقة عن الحكومة معترفة بأن الهدف ليس إسقاطها، بل “توريطها” أمام الرأي العام.
تعيش فرنسا حالة نادرة في تاريخها السياسي مع طرح مذكرتين لحجب الثقة عن الحكومة الثلاثاء في البرلمان في أعقاب قضية بينالا، حيث تأمل المعارضة من خلالهما إلى استعادة الزخم بعد الهزيمة النكراء التي ألحقها بها ماكرون في انتخابات العام الماضي الرئاسية.

وفي فرنسا غالبا ما تشكل مذكرات حجب الثقة فرصة لإسقاط الحكومة في حال إقرارها، وقد قدمت أكثر من مئة منها منذ 1958، غير أنها أول مرة تلجأ فيها المعارضة إلى هذه الوسيلة منذ فوز ماكرون بالرئاسة في 2017، كما أنها أول مرة منذ 1980 تقدم فيها مذكرتان في الوقت نفسه.

وفي تاريخ البلاد، لم يقر البرلمان سوى مذكرة واحدة في 1962، قضت بحجب الثقة عن حكومة جورج بومبيدو وأدت إلى إسقاطها.

ولا تحظى المذكرتان اللتان ستجري مناقشتهما الثلاثاء في الجمعية الوطنية بأي فرصة لإقرارهما، حيث إنهما تقتصران على كتلة حزب “الجمهوريون”(معارضة يمينية) والذي لديه 103نواب إلى جانب كتلة اليسار التي يمثلها63 نائبا، ولا يمكنهما بالتالي جمع الغالبية المطلوبة لإسقاط الحكومة وقدرها289 صوتا.

الهدف ليس إسقاط الحكومة

لكن المعارضة لا تسعى تحديدا إلى إسقاط الحكومة، بل تحاول من خلال المذكرتين بحسب صيغة تكاد تكون مماثلة بينهما في مواجهة “أزمة مؤسساتية”، إلى توريط الحكومة وإرغامها على “تبرير نفسها” والتنديد بـ”تعتيم “يمنع جلاء “الحقيقة”حول قضية ألكسندر بينالا المعاون الأمني السابق للرئيس، الملاحق بتهمة ارتكاب أعمال عنف بحق متظاهرين في الأول من أيار/مايو.

كما توفر المذكرتان اللتان قدمهما اليمين واليسار في حدث استثنائي، فرصة للمعارضين من الطرفين لإعادة ترتيب صفوفهم بعدما أضعفهم فوز ماكرون بالرئاسة عام 2017.

وقال ممثل عن حزب “موديم “الوسطي المتحالف مع الرئيس إن المعارضة كانت “متعطشة منذ سنة”.

واغتنمت المعارضة تردد الغالبية التي فوجئت كثيرا بالحادث، والسلطة التنفيدية التي بقيت لفترة متحصنة بالصمت، فاستخدمت كل ما لديها من أوراق منذ تفجر قضية بينالا في 18 تموز/يوليو، ووصلت إلى حد الخروج من لجنة تحقيق شكلتها الجمعية الوطنية حول هذه القضية واعتبرتها “مهزلة”.

كما تمكنت المعارضة من تعليق المناقشات حول مشروع قانون لتعديل الدستور اعتبرت أنه يزيد من هيمنة الرئيس على المؤسسات.

“ترياق للمعارضة”

وإزاء هذا السيل من الانتقادات المحتدمة، نددت السلطة بـ”استغلال سياسي” من قبل معارضي الرئيس بحثا عن “الترياق لغيبوبتهم العميقة”. واعتبر أنصار ماكرون أن مذكرة حجب الثقة وسيلة مبالغ بها،وكتب المتحدث باسم الحزب الرئاسي “الجمهورية إلى الأمام”غابريال أتال في تغريدة متسائلا “محاولة إسقاط حكومة وإصلاحات لأن مندوبا أخطأ؟”.

وتجري جلسة واحدة لمناقشة المذكرتين سيضطر خلالها رئيس الوزراء إدوار فيليب إلى الرد على أسئلة نائب من “الجمهوريون”وآخر شيوعي، على أن تنظم عمليتا تصويت.

وقبيل توقف أعمال الجمعية الوطنية مساء الأربعاء مع بداية العطلة الصيفية، حذر السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور بأنها “آخر مرة يمكننا قبل العطلة تحذير الرأي العام إلى خطورة ما يجري”.

من جهة أخرى، صرح جان لوك ميلانشون زعيم “فرنسا الأبية” (يسار راديكالي) “لست أقول إن مذكرة سحب الثقة يجب أن تكون نقطة النهاية، دعونا نضع ثقتنا فيهم لإتقانهم فن زيادة الأمور خطورة”.

وهذا ما يبدد آمال الحكومة في “طي الصفحة”بحسب ما دعت إليه وزيرة، خصوصا وأن بينالا نفسه أعلن في مقابلة أجرتها معه صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”أنه يرغب في المثول أمام لجنة تحقيق نيابية، ما سيزيد من أصداء القضية.

التعليقات مغلقة.