صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اغتيال الشخصية

أثار جلالة الملك، خلال لقاءاته مؤخرا مع عدد من الكتاب والصحفيين وناشري المواقع الإلكترونية، موضوع اغتيال الشخصية، التي أصبحت مقلقة ومضرة بسمعة الأردن، وأصبحت عملية اغتيال الشخصيات العامة في المجتمع الأردني ظاهرة ضمن الثقافة السائدة، والمغالاة في استخدامها وتوظيفها في خدمة أهداف ومآرب شخصية.

وتهدف عملية  اغتيال الشخصية لتدمير مصداقية وسمعة شخص أو مؤسسة، وتصفية الخصم اجتماعيا وسياسياً، وتستخدم فيها الاشاعات والاتهامات الكاذبة التى تتعلق بشخصه وأمانته وأخلاقه ودوافعه، كما يتم فيها إستخدام نصف الحقائق والأكاذيب والروايات الملفقة وغير المثبتة، وتهم الفساد المالي والإداري كل ذلك بقصد اغتيال شخصية الخصم وتصفية مصداقيته وحرق صورته الاجتماعية فى الحياة العامة .

وقد نشأت هذه الظاهرة في الغرب، وتمارس بمهنية واحتراف، حيث تقدم فيها الوثائق المدعمة والبيانات والأدلة ويتم تبنيها من مؤسسات اعلامية واجتماعية ورقابية ومؤسسات حزبية ومجموعات الضغط، بينما في مجتمعاتنا العربية فهي  بدائية النسخ والتقليد، ويقف خلفها اشخاص من ذوي الأطماع، وهي أشبه بحرب الاشاعات الشخصية، أو أقرب الى القيل والقال، باعتماد مطلقوها على فبركة المعلومات، وابتعادهم عن المهنية والإحتراف.

وللتصدي لهذه الظاهرة، ولإعادة ثقة المواطنين بالإجراءات الحكومية في مكافحة الفساد لا بد من الإشارة الى الآتي :

– أن الأمن والاستقرار وسيادة القانون ومكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ومحاربة اغتيال الشخصية، هي الركائز الأساسية للتنمية خصوصا في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن، لتفويت الفرصة على من يريد السوء بالأردن ومحاولة بث سموم الفرقة والتعصب والاشاعات المغرضة والأخبار الكاذبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الأدوات التي يتم استغلالها احيانا لغايات التشويش على المواطنين والحركة الاقتصادية، وتؤدي الى اعطاء صورة غير صحيحة عن الوضع السياسي والأمني والاقتصادي للمستثمرين من الخارج.

– هناك فرق كبير ما بين النقد البناء واغتيال الشخصية  فالاشخاص الذين يعملون بالعمل العام ما دام أنهم قبلوا بالمسؤولية العامة سيكونون تحت المجهر والمراقبة والنقد البناء الذي يسلط الضوء على التجاوزات والاخطاء التي تصب في مصلحة الوطن ، اما اغتيال الشخصية فهو بدون شك يحمل بين طياته الإساءة  الشخصية المباشرة الى الشخصيات العامة .

– يجب الاعتراف أولا بوجود الفساد المالي والإداري في القطاعين العام والخاص وبمستويات مقلقة ، وبعدم جدية الحكومات المتعاقبة في مكافحة الفساد المالي والإدراي، وتواطؤ بعض الحكومات بتهريب بعض الفاسدين للخارج .

– المجتمع الأردني لا يثق بأي إجراءات حكومية لمكافحة الفساد، وبالتالي فهو جاهز لتقبل كل ما ينشر حول الفساد، يتقبله مع كل رشات البهار والإضافات، لأن المواطن يكتوي بلهيب الفساد ولا يجد تفسيرا لبقائه جائعا وعاطلا عن العمل إلا فساد بعض  المسؤولين ، وقناعتهم بأن الغنى الفاحش لبعض المسوؤلين الذين تولوا مناصب حكومية مرتبط بالفساد.

– الثقافة الأردنية السائدة (لا دخان بدون نار) تشجع على تصديق كل الإشاعات.

– ثقافة الإشاعات والشكوى والتذمر واغتيال الشخصية لن يحسمها إلا قناعة المواطنين بأن القضاء يقف بالمرصاد لكل أشكال الفساد والإفساد، وسرعة البت بالقضايا المنظورة، والشفافية في إدارتها .

– ضرورة حرية تدفق المعلومات وخطورة التردد في توضيح الحقائق للناس، والدولة مطالبة بتطبيق القانون بحق الفاسدين، وبالكشف عن التحقيق ونتائجه في سائر القضايا التي يتداولها الرأي العام، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين، كي يدفعوا ثمن تقصيرهم أو فسادهم بأقصى سرعة وشفافية ممكنة، حيث أدى غياب المعلومات وارتباك التصريحات حولها إلى انتشار الإشاعات حتى طغت على الحقيقة، ونالت من الأبرياء، واتُخِذَت مدخلا لدس الفرقة والإشاعة.

– تعديل قانون الكسب غير المشروع وبصورة تسمح بمراقبة نمو الثروة وفقاً للمعايير الدولية، وأن يتم تفعيل قانون من أين لك هذا ، وأن يتم تطبيقه على كل من تولى منصب عام بأثر رجعي ، وبيع أي أملاك تم الحصول عليها بصورة غير مشروعة وإعادتها الى خزينة الدولة .

– يلعب  الإعلام  دوراً أساسياً في مكافحة الفساد والتصدي لهذه الظاهرة، وأنه لا محاربة للفساد دون صحافة حرة مسؤولة ، ليتسنى لوسائل الإعلام المشاركة بفاعلية في عملية المحاسبة والمساءلة وتكريس الشفافية وتمثيل مصالح الرأي العام والدفاع عنها، وأنه لا بد من تنظيم الإعلام البديل أو الإعلام الإلكتروني(وسائل التواصل الإجتماعي)، بما يكفل حريتها ويمنع إساءة استخدامها .

– هناك حاجة لقوانين جديدة لمعالجة هذه الظاهرة، على  أن لا يفهم من ذلك  بأنه حماية للفاسدين، إذ يجب التأكيد بأنه لا حصانة لفاسد، وأن القانون سيتم تطبيقه على الجميع بكل نزاهة وشفافية ودون محاباة لأي شخص او جهة .

– الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة يهددان أمن وإستقرار الدولة ، ونقترح وضع قائمة سوداء بأسماء الفاسدين، بعد صدور قرار قضائي بحقهم، ونشرها مثلما يتم نشر أسماء الارهابيين.

– من الظلم طلب وثائق من المواطنين لإثبات وجود الفساد، هناك جهات رقابية رسمية مهمتها جمع المعلومات(دائرة المخابرات العامة ، ديوان المحاسبة، هئية النزاهة ومكافحة الفساد ،هيئة الأوراق المالية ،البنك المركزي ،دائرة مراقبة الشركات،دوائر الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات العامة ،وحدة مكافحة غسل الأموال ، دائرة الضريبة ،دائرة الجمارك، مؤسسة المواصفات والمقاييس ،مؤسسة الغذاء والدواء ) وهذه المؤسسات تمتلك معلومات مفصلة عن قضايا الفساد المالي والإداري في القطاعين العام والخاص ،إذا كان هناك جدية في محاصرة الفساد وبالتالي القضاء على إغتيال الشخصية .

التعليقات مغلقة.