صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مستقبل العلاقات الأردنية – السورية

اتسمت العلاقات الأردنية – السورية تاريخيا بعدم الثقة والتوتر ، ولم تكن على ما يرام، ووصفت هذه العلاقات بأنها ملف أمني بالنسبة للبلدين ، نظرا لإختلاف خيارات وتحالفات البلدين ، ومحاولات النظام السوري الهيمنة والسيطرة على القرار الأردني كما هو حال العلاقات السورية – اللبنانية ، إنطلاقا من إعتبار الاردن وفلسطين ولبنان كجزء من سوريا الكبرى .

وقد سعى النظام السوري في السنوات السابقة ( الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ) لزعزعة أمن وإستقرار الدولة الأردنية ، من خلال محاولات الأجهزة الأمنية السورية القيام بعمليات إرهابية مباشرة في الأردن او بالوكالة من خلال تكليف التنظيمات الفلسطينية المتطرفة المقيمة في سوريا للقيام بعمليات إرهابية في الأردن أو من خلال الاردن ، كما سعى النظام السوري لتحجيم الدور الإقليمي الأردني خاصة تجاه الملف الفلسطيني .

ومنذ إندلاع الأزمة السورية (2011) عانى الأردن من أزمة اللجوء السوري أمنيا وإقتصاديا وتعرض لعمليات إرهابية إنطلقت من سوريا ، وحاول الأردن أن يمسك العصا من منتصفها بالحفاظ على شعرة معاوية مع النظام السوري ، ولم يقم بإغلاق السفارة السورية في عمان ولا بإغلاق السفارة الأردنية في دمشق، وأبقى على بعض الاتصالات على مستوى أمني وعسكري، ولم يرضخ الأردن للضغوطات بالتدخل العسكري في الشأن السوري ، وحصر دوره بالأزمة السورية في منطقة الجنوب، وبمنطق دفاعي ووقائي ضد التنظيمات الارهابية المتواجدة في سوريا ( داعش والنصرة) ، ولم يتورط بمشاريع كبرى لها علاقة في إسقاط النظام السوري أو تغييره، ليس حبا في النظام السوري وإنما المصلحة الأردنية العليا ترفض تولي الاسلام السياسي السلطة في سوريا، لما في ذلك من أثار سلبية على الداخل الأردني ، وكان الأردن يتمنى أن تعود سيطرة الدولة السورية على كل الأرض السورية بما يضمن وحدتها .

ومن جانبها إتهمت سوريا الأردن بتدريب وتسهيل عبور مقاتلين عبر الحدود إلى أراضيها ، وإستضافة غرفة عمليات (الموك) بقيادة الولايات المتحدة للعمل في سوريا .

ولا تزال سوريا تمر في مرحلة عدم توازن وعدم إستقرار بسبب تحكم روسيا برسم سياستها وكذلك إيران، والأوضاع في سوريا غير محسومة لغاية الآن ، فروسيا والنظام وبدعم من إيران وميليشياتها يسعون لإستعادة إدلب ، والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تحاول منع ذلك ، وهناك تهديدات أمريكية وبريطانية وفرنسية بتوجيه ضربات عسكرية للنظام إذا تم إستخدام أسلحة كيماوية، وتسعى روسيا لإجبار الغرب على المشاركة في إعادة إعمار سوريا وفقا للرؤية الروسية التي تصر على بقاء النظام السوري وإعادة تأهيله، في حين يرفض الغرب المشاركة في إعادة الإعمار قبل التوصل الى حل سياسي في سوريا برعاية الأمم المتحدة . 

وتدرك الدبلوماسية الأردنية الدور الروسي والإيراني في سوريا ، وإحتمال إستمرار النظام السوري بصيغةٍ أو بأخرى،وتسعى الأردن لتحقيق مصالحها في سوريا وتتمثل بالآتي : 

– إسقرار الأوضاع في سوريا والتوصل الى حل سياسي يرضي كل مكونات الشعب السوري .

– القضاء على التهديدات الإرهابية القادمة من سوريا .

– عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم .

– فتح معبر نصيب، بعد سيطرت قوات النظام عليه ، وهوحاجة ملحة ومصلحة إستراتيجية وحيوية للأردن بالدرجة الأولى ، خاصة وأن هذا المعبر المغلق منذ أكثر من سبع سنوات كان متنفس الأردن التجاري نحو سوريا وتركيا وأوروبا.

– رغبة الأردن بالمشاركة بعمليات إعادة الإعمار في سوريا ،خاصة وانه عانى إقتصاديا من إستضافة مليون ونصف المليون لاجئ سوري .

لكن هناك معوقات تقف في وجه تحقيق الأهداف الأردنية أبرزها :

– طبيعة النظام السوري الإنتقامية ،في حالة إستمراره، الذي بدأ يشعر أنه في وضع إستراتيجي أفضل مع إستعادة سيطرته على جزء كبير من الأراضي ، ويرجح أن يمارس نشاطات إنتقامية ضد كل الدول التي يعتقد بأنها عملت ضد النظام السوري خلال الأزمة ، ومن بينها الأردن ، ومن الإجراءات المحتملة ضد الأردن :

1. رفض النظام السوري محاولات الأردن تطبيع العلاقات التجارية ،وإستخدام ورقة عدم فتح معبر نصيب للضغط على الأردن إقتصاديا .

2. حرمان الأردن من المشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا ، مع الإشارة الى إعلان النظام السوري بأن الجهات التي انخرطت في تدمير سورية لن يكون لها نصيب في عقود إعادة الإعمار.

3. إعاقة إستقبال اللاجئين السوريين الذين يرغبون بالعودة .

4. تهريب عناصر إرهابية للأردن بالتعاون مع إيران لاستهداف الأمن الوطني الأردني .

– طبيعة العلاقات الإيرانية – الأردنية غير الودية قد يضع “فيتو” إيرانيا على أي تقاربٍ اقتصادي أردني – سوري ودور أردني محتمل في إعادة إعمار سورية.

و على ضوء ذلك نقترح على الدبلوماسية الأردنية القيام بما يلي لضمان المصالح الأردنية :

1. تقوية العلاقة مع روسيا كخيار استراتيجي أردني، لما يملكه الروس من تأثير ونفوذ في سوريا ، لمراعاة المصالح الأردنية في سوريا .

2. تعزيز القنوات الإستخبارية مع النظام السوري لترتيب العلاقات المستقبلية وتعزيز الثقة بين البلدين .

3. التواصل مع إيران(قنوات استخبارية) ومحاولة تحييد دورها السلبي لتطوير العلاقات الأردنية – السورية .

4. الترتيب مع الولايات المتحدة لضمان مشاركة الاردن في عملية إعادة الإعمار في سوريا، مع الإشارة الى وجود إتصالات أمريكية – سورية لضمان الحصة الأمريكية في كعكعة إعادة الإعمار حسب التسريبات الأخيرة .

التعليقات مغلقة.