صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العنف العام

المحامي الدكتوراحمد محمد العثمان

    مما يثير الإهتمام ويستحق الدراسة وفقاً للمنهج العلمي ظاهرة العنف العام ضد المؤسسات العامة ، بصرف النظر عما إذا كان مصدر العنف المذكور داخلياً أو خارجياً ، لأن الظاهرة لها أسبابها ونتائجها ، لا سيما الأحداث التي وقعت خلال هذا الأسبوع في جامعة آل البيت وبعض المدارس في العاصمة ، ومما يلفت النظر لهذه الظاهرة أن أعمال العنف وقعت في مؤسسات تربوية وعلمية ينتظر منها أن تخرج قادرة ،فإن كان هذا شأن  هذه المؤسسات فما هو شأن المؤسسات الأخرى ؟ .

    بنظرة فاحصة وسريعة على ما حدث أستطيع أن أزعم بأن السبب في ذلك هو فائض الحقد لدى المواطنين على الإدارة العامة ، إذ أن فائض الحقد سيؤدي للتعبير عن المشاعر والتخلص من هذا الفائض بوسائل وأساليب قانونية وأخرى غير قانونية ، أما سبب فائض الحقد فهو تراكم الشعور بالظلم من جراء ممارسة الإدارات العامة وسوف أسوق بعض الوقائع للتدليل على ذلك على النحو الآتي:

  • أعطيت إحدى الموظفات في مؤسسة عامة علاوة شهرية مقدارها الف دينار أردني وقد أثيرت حولها ضجة في كل وسائل الإعلام ولكن ساكناً لم يحرك بهذا الخصوص ، في حين ينتظر مئات الخريجين تعيينهم في وزارة التربية والتعليم براتب شهري لا يتجاوز ثلث هذه العلاوة .
  • ينتظر خريجون كثر تعيينهم في الوظائف العامة لسنوات في حين تكون وظائف أخرى محجوزة لمن هم على مقاعد الدراسة .
  • تتم ترقية بعض أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات بأسرع من الضوء ، في حين تسير ترقيات غيرهم بأقل من سرعة النملة والسبب الكامن خلف ذلك هو الشللية والشخصنة وكذلك الحال بخصوص تولي المراكز الإدارية .
  • تنفق بعض الجامعات ما لذ وطاب من المال على سفر رؤسائها ومياوماتهم في حين تتأخر رواتب العاملين عن مواعيدها بذريعة عدم توفر المال .
  • يتقاضى وزير التربية والتعليم مبلغ عشرة آلاف دينار أردني لقاء مؤتمره الصحفي الذي يعلن فيه نتائج الثانوية العامة والذي يعلن فيه نتائج الثانوية العامة وكذلك يتقاضى غيره من مسؤولي الوزارة الذين يحضرون ذلك المؤتمر أثناء دوامهم الرسمي في حين يتقاضى المعلم ما لا يتجاوز أربعمائة دينار راتباً شهرياً ، اي أن ما يتقاضاه الوزير خلال ساعة يساوي راتب شهر لثلاثين معلماً .
  • يحال بعض الموظفين من أصحاب الخطوة على التقاعد ثم يعاد تعيينهم بعقود شاملة كافة العلاوات بأضعاف الراتب الذي أحيلوا بــه على التقاعد ، فكيف يحدث ذلك ولا يسأل من فعل ذلك ؟ .
  • يحال موظفون على التقاعد قبل أن يبلغوا الستين من العمر في حين تمدد خدمة غيرهم ممن بلغوا الستين من العمر في الوقت الذي لم يثبت من جرى التمديد له كفاءة في موقعه الوظيفي .

     إن كل ما تقدم وغيره الكثير يؤدي الى تراكم الشعور بالظلم مما يؤدي الى فائض من الحقد على الإدارة العامة والمؤسسات العامة والمال العام حيث ينفس كثير من الأشخاص هذا الفائض بأساليب غير قانونية .

     وأخيراً لا بد من التأكيد على أن الإعتداء على المال العام أو المؤسسات العامة أو أشخاص الإدارة العامة أمر مرفوض كما أنه مجرم قانوناً بصرف النظر عن أسبابه ودوافعه ، لكن الحل الجذري لذلك يتمثل بأن تتأمل الإدارة العامة بنظرة فاحصة في ذاتها وأدائها وتعمل على إزالة أسباب الشعور بالظلم ومن ثم القضاء على فائض الحقد وتجفيف مصادره فيشعر المواطنون بالراحة والطمأنينة وعندئذ تزول ظاهرة العنف المجتمعي.

           وأخيراً فإنه يتعين على المؤسسات والإدارة العامة أن تنأى بنفسها عن التصرف برد الفعل لأن ذلك يؤدي الى الخطأ في الإجراءات ولذلك أخطأت جامعة آل البيت في الإجراءات التي إتخذتها بحق العاملين كرد فعل لأن ذلك مخالفاً للقانون .

التعليقات مغلقة.