صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سيناريوهات المعركة المرتقبة في إدلب 

 

أظهرت القمة الثلاثية الروسية – التركية – الايرانية التي عقدت في طهران في (9/7) حجم تناقض المصالح الإستراتيجية والأهداف بين الدول الثلاث في سوريا ، وفشلت القمة في تجاوز خلافاتهم حول محافظة إدلب السورية شمال غربي سوريا ، آخر معقل للجهاديين ومقاتلي المعارضة، والمهددة بهجوم وشيك من قوات النظام وبدعم روسي وإيراني .

وشهدت قمة طهران سجالا بين الرئيسين التركي والروسي، عكس إختلاف وجهتي نظرهما حيال إدلب والأزمة في سوريا عموما، وسقطت رهانات الرئيس التركي بالخروج بصيغة لحل في إدلب يحفظ له ماء وجهه، وأن مناورته فشلت في الحفاظ على الوضع القائم في إدلب،وظهر أردوغان بأنه هو الخاسر الأكبر حيث كان يسعى لإظهار دور تركيا المؤثر في الملف السوري، لكن في المقابل حرص بوتين على إظهار دور روسيا كصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في الملف السوري ، وأبدى بوتين امتعاضه من الموقف التركي، حيث بدا أن أردوغان يناور لكسب المزيد من الوقت في سياق لعبة المساومات مع روسيا والإدارة الأميركية ، ويعتقد بأن الخذلان الروسي لتركيا ، قد ترك لأردوغان خيارات محدودة وجعله أمام مخرج واحد هو العودة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والرضوخ والتجاوب مع طلباتها بإطلاق سراح القس (أندرو برانسون) وذلك كرد فعل على الموقف الروسي . 

وعلى ضوء التباينات الروسية – التركية لا يمكن التكهن بشأن كيفية تصرف روسيا، وعما إذا كانت ستساير تركيا صاحبة النفوذ في المحافظة، أم أنها قد تقدم على شن عملية عسكرية بدونه، خاصة وأنها تريد حسم ملف إدلب قبل نهاية العام الجاري، حيث إن استعادة إدلب يحقق لموسكو عدة أهداف منها القضاء على التنظيمات الإرهابية، وتأمين “قاعدة حميميم” العسكرية الروسية التي تتعرض لهجمات متتالية من طائرات بدون طيار تنطلق من إدلب ، كما أنى موسكو في عجلة من أمرها للبدء بالعملية السياسية تحت إشرافها لجني ثمار تدخلها العسكري .

وتتميز مدينة إدلب بأنها حلقة وصل بين عدد من مدن شمال وغرب سوريا، وتقع بين محافظتي طرطوس واللاذقية، حيث توجد القاعدتان العسكريتان الروسيتان، وقد بدأ تنفيذ وقف اطلاق النار فيها في أيار 2017، وفق اتفاق منطقة خفض التصعيد، برعاية تركيا وروسيا ، وعدد سكان إدلب نحو مليون ونصف مليون نسمة ، وقد استقبلت منذ عام 2016 مثلهم، فأصبح عدد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، بينهم مليون طفل.

واستبقت أنقرة أي هجوم عسكري على إدلب، وأعلنت في تموز 2018 تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير (40 ألف مقاتل)، والتي تضم أحد عشر من فصائل المعارضة المسلحة بإدلب، فضلا عن المقاتلين الأجانب بإدلب، وهم ينقسمون إلى فصائل قوقازية، والإيجور الصينيين، وعناصر أوزبكستانية وقيرغزستانية. 

وقد حذّرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيميائية في معركة استعادة إدلب، مما قد يمثل ذريعة لهجوم غربي جديد على مواقع سورية، وقد تبع ذلك حشد متبادل بين موسكو وواشنطن لقطع بحرية أمام السواحل السورية بالبحر المتوسط، كما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، إطلاق التحالف الدولي مناورات عسكرية في منطقة التنف قرب الحدود مع الأردن والعراق ، في إطار الاستعداد لمواجهة أي تهديدات روسية. 

وتترقب الأوساط السياسية بالشرق الأوسط قيام قوات النظام السوري وبدعم روسي وإيراني البدء بالعمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب، مع الاشارة الى استكمال الحشود العسكرية لقوات النظام حول المحافظة وقيام الطيران الروسي بشن غارات على المحافظة تميهدا للهجوم البري.

وفيما يلي السيناريوهات المتوقعة لمعركة إدلب المرتقبة :

السيناريو الأول: معركة شاملة، من خلال قيام الجيش السوري مدعوما – 

بالميليشيات الإيرانية والقصف الجوي الروسي، بمعركة شاملة لاستعادة كامل محافظة إدلب، وهو سيناريو مستبعد لأنه سيواجه مقاومة عنيفة وشرسة من الفصائل المسلحة بإدلب، لاسيما من “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” المدعومة من تركيا ، ومن المحتمل أن يلجأ أحد أطراف الصراع لاستخدام السلاح الكيميائي، بما قد ينذر ببدء هجوم غربي على دمشق، كما لا ترغب موسكو في إثارة غضب المجتمع الدولي، لانها تسعى للحصول على دعم الغرب في التسوية السياسية للأزمة السورية والمشاركة في إعادة الإعمار .

– السيناريو الثاني: مصالحة سياسية ، حيث يتم وقف أي عمل عسكري والإعتماد على إبرام اتفاقات للمصالحات السياسية بين النظام والفصائل المعارضة، وهذا السيناريو مستبعد ايضا، أو ربما ينفذ بشكل جزئي، لعدة أسباب منها تصميم روسي وغض الطرف من العديد من الدول الغربية والصين على القضاء على التنظيمات المصنفة إرهابية في إدلب . 

السيناريو الثالث: معركة محدودة ، وهذا السيناريو هو المرجح، بأن يبدأ الجيش – 

السوري (بدعم من ميليشيات إيرانية، وقصف جوي روسي محدود، وعناصر “قسد” الكردية) تدخل عسكري محدود من جنوب إدلب للقضاء علي هيئة تحرير الشام وغيرها من التنظيمات المسلحة، ولاستعادة السيطرة علي المواقع الاستراتيجية بالمدينة، وإعادة فتح الطرق الساحلية والطريق الدولي الذي يربط دمشق بحلب عبر إدلب، وهنا، ستستعيد دمشق السيطرة علي جميع قرى جنوب غربي حلب، وصولاً إلى جنوب إدلب، وهذا السيناريو سيضمن عملية عسكرية محدودة وقصيرة زمنيّاً، ستحقق هدف روسيا في الحسم العسكري وهزيمة التنظيمات الإرهابية وفصائل المعارضة، وستقلل الخسائر البشرية والأزمة الإنسانية بالمدينة، ويمكن أن توافق بعض فصائل المعارضة على إبرام التسويات السياسية كما حدث بدرعا، ثم يبدأ الإعداد لمرحلة التسوية السياسية للأزمة السورية .

التعليقات مغلقة.