صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العدالة الاجتماعية عنوان الإستقرار السياسي

تعني العدالة الاجتماعيّة تحقيق المساوة بين جميع أفراد المجتمع في فرص العمل، وتوزيع الثروات، والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك، وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيّز، ويعترض تحقيق العدالة الاجتماعية انتشار الظلم والفساد والمحسوبيّة،وغياب تكافؤ الفرص .
أما الاستقرار السياسي فيشير الى قدرة النظام السياسي على القيام بوظائفه ، والاستجابة لمطالب الجماهير، والتكيف مع متغيرات البيئة الداخلية والخارجية المحيطة به ، على نحو يكسبه الشرعية السياسية اللازمة لاستمراره ، ويحول دون تعرضه لاية أعمال عنف أو صراعات يصعب السيطرة عليها بالطرق السلمية وفي اطار الالتزام بالقواعد الدستورية ، كما يعني قدرة النظام السياسي على استثمار الظروف وقدرة التعامل بنجاح مع الأزمات لاستيعاب الصراعات التي تدور داخل المجتمع، مع عدم استعمال العنف فيه، لأن العنف هو أحد أهم ظواهر عدم الاستقرار السياسي، مع الإشارة الى أن تطوير الوضع الاقتصادي وتلبية الحاجات الأساسية للمواطن فضلا عن توفير الأمن الغذائي والسعي للإكتفاء الذاتي يسهم في استقرار النظام السياسي في الدولة.
وعندما إندلعت أحداث الربيع العربي عام 2010 طالب الملايين من المتظاهرين في بلدان الربيع العربي بالخبز والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبمحاربة الفساد، جنباً إلى جنب مع المطالبة بإنهاء حال الإستبداد؛ فالفساد والإستبداد وجهان لعملة واحدة،وكما أن الاستبداد يغطي الفساد، لأنه شريك فيه، كذلك الفساد يسكت عن الإستبداد لأن مصلحته فيه .
وبالرغم من إدعاء بعض الأنظمة العربية بأن هناك مؤامرة خارجية وراء أحداث الربيع العربي، إلا أن الحقيقة أن أسباب هذه الأحداث داخلية تم أستثمارها خارجيا ، وتمثلت الأسباب الداخلية في : إستشراء الفساد والإستبداد ، وزيادة نسب الفقر والبطالة في صفوف الشباب خريجي الجامعات، وإتساع الفوارق الطبقية الفاحشة، وغياب العدالة الإجتماعية وسوء توزيع الثروة بين طبقات المجتمع وفئاته وبين المناطق والأقاليم داخل الدولة ،والتهميش والإقصاء،وغياب تكافؤ الفرص .
وستتكرر قطعاً أحداث «الربيع العربي» بصورة أكثر حدة إن لم يتم معالجة عوامل إندلاعها الاجتماعية التي لا زالت موجودة ، من خلال إنتاج رؤية سياسية جديدة للمسألة الاجتماعية، وترجمتها في مخططات وبرامج عمل للتنمية الاجتماعية تغطي الحاجات الأساسية للناس، وتقلص الفجوات بين الطبقات الاجتماعية ومساحات الإفقار والتهميش، وتحارب الفساد وهدر المال العام، وتوفر فرص العمل للعاطلين عن العمل ، وتؤمن الخدمات الأساسية: التعليمية والصحية، وتوفر شبكات التأمين الاجتماعي من ضمان صحي وسواه، بمعنى تحقيق تنمية اقتصادية ذات مضمون اجتماعي تراعي البعد الإنساني والعدالة الإجتماعية ،ويتم وضع قانون ضريبة عادل يأخذ بمبدأ التصاعدية وإلغاء ضريبة المبيعات التي تساوي بين الفقراء والأغنياء .
إن حركة التاريخ لا يمكن إيقافها لكن يمكن توجيهها والتأثير عليها وحركة التاريخ الآن تدفع إلى الحرية والتعددية السياسية ورفض الإستبداد في البلاد العربية فهل ستستوعب الدولة العربية معنى هذا المسار، وإذا أدركت
القيادات العربية هذه المخاطر، وأرادت التعامل معها بعمق فلا بد من إعادة النظر في بعض الأمور الجوهرية، وأهمها الانتباه إلى أن روح العصر لم تعد تسمح باستمرار البنى السياسية السائدة في الدول العربية الحالية، فقد ماتت الأيديولوجيات التي كان تبرر الاستبداد ، كما أصبحت الشرعية الدينية والقبلية والتاريخية التي يستمد منها الملوك شرعيتهم رخوة جدا بتأثير من ثقافة العصر، فالتطور الاجتماعي في الدول العربية يضغط الآن نحو الانفتاح السياسي والعدالة الاجتماعية والقبول بالتعددية السياسية والثقافية، ولم يعد أمام الأنظمة العربية إذا أرادت البقاء سوى التكيف مع المعطيات الجديدة.

التعليقات مغلقة.