صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العلاقة مع سُّوريَّا

لمّ تنقطع العلاقات الاقتصاديّة بين الأردن وسّوريّا خلال السنوات الماضية، حتى في خِضَم الحَرب على الأرهاب وفقدان سّوريّا لكثير من أراضيها  قبل ان تَستَعيدها، فالحركة التجاريّة استمرت في تدفقها من كلا الجانبين.

فالأرقام الرسميّة توضح أن المُبادلات التجاريّة استمرت بأحجام مُتباينة في السنوات العشر الأخيرة، وتوضح أن أعلى حجم للصادرات الوطنيّة إلى دمشق كان في سنة ٢٠١١، أي في ذات العام التي حدثت به احداث الربيع العربيّ، وبقيمة صادرات تجاوزت ١٨١ مليون دينار، في حين كانت المستوردات تناهز ٢٦٨ مليون دينار، أي ان الميزان التجاريّ كان لِصالح سّوريّا بقيمة تبلغ ٨٧ مليون دينار.

لكن الأحداثُ السياسيّة والأمنيّة في المنطقة وتحديداً في سّوريّا أدت إلى تَراجع  الميزان التجاريّ بين البلدين لِصالح المملكة وبنسب مُتفاوِتة من عام إلى آخر لاسيما في عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥، حيث بلغ العجز لصالح الاردن  بقيمة ٣٣ و١٢ مليون دينار على التوالي، في هاتين السنتين بَلَغت الصادرات الوطنيّة إلى دِمَشق ما يُقارب ١٤٣ و٨٥ مليون دينار على التوالي، في حين كانت المُستوردات تبلغ ١٠٨ و٧٢ مليون دينار.

إلا أن الغَريب في مشهدِ العلاقات الاقتصاديّة بين البلدين، هو عودة الميزان التجاريّ للميل لصالح سّوريّا في الأعوام  ٢٠١٥ و٢٠١٦ و٢٠١٧، حيثُ بَلَغَ العجز التجاريّ لصالح دِمَشق ما قيمته ١٢ و٣٣ و١٦مليون دينار، بمعنى أن دِمَشق حتى في ظلّ اصعب ظُروفِها السياسيّة والعسكريّة بقيت حركة الميزان التجاري لِصالحها، ولعل ذلك قدّ يكون له أسباب أمنيّة بحتة تَتَعلقُ بِالتشددِ على حركة المعابر الحدوديّة خاصة من قبل المملكة.

الأرقامُ السابقة مؤشرٌ حقيقيّ على عُمقِّ العلاقات الاقتصاديّة بين البلدين حتى في الظروف الصعبة، حتى في حالةِ الحرب التي كانت في سّوريّا لم تمنع تداعياتها من تدفق البضائع والسلع بين الجانبين مع توقف شبه تام تقريباً عن انتقال الأشخاص بالشكل الطبيعيّ وليس القسّريّ كما حدث في قضية اللاجئين مع المملكة.

اليوم، تم إعادةُ تَشغيل المعبر الحدوديّ الاردنيّ السّوريّ، وفعلا بدأت حركة المُسافرين بين الجانبين تتطور مع ازديادها من الجانب الاردنيّ بالدرجة الأولى، وهذا أمرٌ نتوقع في ظلِّ اشتياق الأردنيين إلى دِمَشق التي لا تبعدُ أكثرَ من ساعتين عن عمّان، حيثُ كانَ الأردنيون يقصدونها دوماً في كُلّ الأوقات.

لكن بالنسبة لموضوعِ إعادة انسياب السلع والبضائع إلى سّوريّا بالشكل السابق فهي في الأصل لمّ تنقطع ومن المرجح أن ترتفع من كلا الجانبين خاصة في المواد الاستهلاكيّة السريعة، نظرا لحاجة الجانبين لها.

أما بالنسبة لما يتعلق بجهود إعمار سّوريّا، هذا الأمر مازال مُناطا بتطورات العملية السياسيّة في سّوريّا ودور اللاعبين الرئيسين فيها خاصة الروس، لذلك أيّة تطورات اقتصاديّة في إعمار سّوريّا ستكون مُناطة بالدرجة الأولى بتطورات الموقف السياسيّ وتحديداً من روسيا صاحبة اليد العُليّا هُناك.

الجميعُ يتذكر جيداً كيف كان القطاع الخاص مُتشوقا لفتح الحدود مع العراق على اعتبار انه بوابة ورئة الاردن الاقتصاديّة، ومع فتح معبر طريبيل في شهر نيسان الماضي ما زالت المُعاملات الاقتصادية في ادنى مستوياتها نظرا للعراقيل العراقيّة المُتعددة التي تحدّ من تدفق السلع الاردنيّة إلى السوق العراقيّة، وهو ما فسره البعض من أن القوى الدولية الرئيسيّة وتحديداً إيران هي التي تتحكم في القرار الاقتصاديّ للعراق ولا تسمح بايّ لاعب جديد فيه، وهذا ما قد يحدث فيما يتعلق بالوضع السّوريّ، فلا يوجد ما يمنع من تكرار النموذج العراقيّ على المشهد الاقتصاديّ في دِمَشق .

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.