صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف سنخفض نسبة الدين العام في عام 2019 وعام 2029 ؟

الكاتب لا يزال غير متحمس للحكمة السائدة لبرامج صندوق النقد القائلة بأولوية التوازن والتقشف المالي بأي ثمن

ضمن النهج الاقتصادي “الجديد” والمُنتظر، يُفترض ان يتم تخفيض نسبة المديونية الحكومية الى الناتج المحلي الاجمالي بطرق ابداعية وغير تقليدية، تجمع بين تحفيز النمو الاقتصادي الذي طال انتظاره، وبين تخفيف عبء خدمة الدين وزيادة الاعتماد على الذات اللذان طال انتظارهما ايضاً رغم الاجراءات المالية المتتابعة. هذه هي مهمة الفريق الاقتصادي ككل، وليست مهمة وزارة المالية فقط. 

سياسات النمو الاقتصادي المراعي للتحدي المالي (مقال سابق للكاتب منتصف عام 2018) هو موضوع استراتيجي على الصعيد المحلي، ويلقى اهتماماً متزايداً من قبل علماء الاقتصاد والمالية العامة في عصر الأزمات المالية العالمية المتكررة، ولابد من ايجاد الصيغة المناسبة والمؤسسية للاردن ضمن هذه التوجه الجديد. هذا يتطلب الابتعاد عن نهج “العمل كالمعتاد” ويتطلب عقليات اقتصادية مبدعة وغير تقليدية وخارج اطار “الصندوق”.

فليس نهجاً ابداعيًا الاستدانة لسداد ديون سابقة مستحقة، وليس نهجاً خلّاقاً الاستمرار في زيادة الأعباء الضريبية والتنظيمية على القطاعين العائلي والأعمال، حيث يتم المغامرة بالبقرة التي تدر الحليب. ونذكّر هنا بنتائج دراسة رسمية أفادت بأن نسبة العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة بلغت 5,26 % خلال عام 2017 شاملة أعباء الضمان الاجتماعي.

وليس المطلوب كذلك الاستمرار في السياسات النقدية والمالية التقشفية وضعف الاطار المؤسسي لتشجيع الصادرات، حيث ينكمش الطلب وتقل القوة الشرائية، ويزداد العسر المالي والحجز على الأشخاص والأموال، واغلاق الشركات المُوظّفة لليد العاملة، وبالتالي تنكمش القاعدة والايرادات الضريبية تباعاً، ويزداد الفقر والبطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية. وهنا لابد من التنويه الى الحاجة الماسة الى اعداد نظام مؤشرات شهرية مبكرة، موثوقة وشاملة، لاغلاق الشركات من مختلف الأحجام والأعمار والجنسيات والمحافظات. هذا جزء من النهج الاقتصادي “الجديد” القائم على البراهين والأدلة بدلاً من الانطباعات والانفعالات وردود الأفعال!. 

فالكاتب لا يزال غير متحمس للحكمة السائدة لبرامج صندوق النقد القائلة بأولوية التوازن والتقشف المالي بأي ثمن. تلك النظرية التي لم تحقق النمو الاقتصادي ولا الاستدامة المالية ولا التوازن الاجتماعي. وتبقى الموازنة العامة وسيلة وقيداً وليست هدفاً تنموياً نهائياً بحد ذاتها. مشكلة المبادلة أو الاختيار Trade-off بين النمو الاقتصادي والتوازن المالي ربما تكون حقيقية في الأجل القصير فقط، في ظل القيود القائمة والمفروضة في الاقتصاد. لكن مع حزمة اصلاحية انعاشية وقوية للنمو الاقتصادي، يُزال هذا القيد والاختيار، ويتحقق الاستقرار والنمو معاً. 

وضمن هذه التوجهات الجديدة، لابد أن يكون لوزارتي التخطيط والصناعة والتجارة دوراً ريادياً في توجيه السياسات الاقتصادية. فالنمو التشاركي والمستدام لا يؤسس فقط على السياسة المالية دون السياسة الاستثمارية واستراتيجية التنافسية الدولية وتشجيع الصادرات، وسياسة المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وسياسة المنافسة وسياسة الطاقة وسياسة ادارة الموارد البشرية وسياسة دعم الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، وغيرها الكثير. 

وبالمناسبة لم يصدر قانون جديد للتخطيط الوطني الاستراتيجي في عام 2018 بدلاً من القانون المؤقت 1971 وبالموازاة مع اصدار قانون ضريبة الدخل؟! هذا هام لمأسسة عملية التوجيه الاقتصادي الاستراتيجي في ظل التقلبات الاقليمية والدولية العاصفة.

التعليقات مغلقة.