صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ثلاثية الصالونات و الأرصفة

كانت العلامات الفارقة لمن سُمّيت بـ” النخبة السياسية ” تقتصر على سماتٍ ثلاث ، مفردات الخطاب ، أماكن تمركزها في الصالونات السياسيّة و كذلك ( الخلفيّات ) إذ ينحدر معظم أعضاء هذا النادي من الفئات المستأثرة بقطاعاتٍ مختلفةٍ في الدولة ، أَمَّا على صعيد ناتج الفكر و الزَّخم و نوعيّة الطروحات فلا فارق يميّزها عن باقي القوى في الشارع .
و يبدو أنّ تآكُل مصداقيّة خطابها – النخبة المزعومة – و ضآلة تأثير أدواتها في المجتمع هو ما دفع بها لتغيير النمطيّة التقليديّة و ترك صالوناتها للإلتحاق بركب قوى الشارع ، و الغريب أنّ أُولى نقاط التلاقي مفقودة بين الطرفين !
فواقع حال اليوم هو نتاجٌ لما زُرِعَ بالأمس ، و الفعلُ الماضي لا يُبنى للمجهول إذا كان الفاعل معلوماً ! و عليه ؛ فإنّ المشكوَّ منه لدى قوى الشّارع هو تمترس قوى الصالونات ذاتها و إستحواذها على مفاصل الدولة لعقودٍ خَلَت ! فعلى أيِّ اساسٍ سيلتقي الفُرقاء – الشّاكي و المشكوّ منه تحت الراية ذاتها ؟!
و بالإضافة للعامل المشترك المفقود و المتنافر أعلاه ، يلتفتُ النّظر إلى نقطتين تغيّرتا في سلوك النخبة و هنّ اللّغة و المواقيت :
فلُغة الصالونات غادرت إتّزانها و إتّجهت لتصعيدٍ ووعيدٍ و خرجَت عن كُلّ أبجديات الخطاب السياسيّ و حتّى الموروثات الإجتماعيّة ، فجاءت منفّرة طاردة لا مستقطبة جاذبة !
أمّا التوقيت ، أو بعبارة أدقّ ( التَّزامن ) فيفتحُ ألف سؤال !
فبعد أن كان توقيت الخطاب موسميّاً ، غلبت عليه صفة ( ردِّ الفعل ) و بات مناهضاً بالمُطلق لكلّ المشاريع الوطنيّة الكبرى كما تزداد حدّته كلّما أوشك النهج على التحرّر من قيوده التقليديّة أو سارت الدولة نحو التّطهير و كسر ظهر الفساد !
لا نُنكر حقَّ مَن أُقصي أو إستُثني من المشاركة في مسيرة العمل العامِّ أن يشكو الوضع الرّاهن ، لكن لا يحقُّ لمن كان عنصراً في تأزيمٍ أن يسعى لإختلاق أزمة ، و لقد أجابت صفحات كتاب جلالة الملك ” فرصتنا الأخيرة ” عن الكثير من المعطّلات و المُكلّسات التي تأبى أيّ تغييرٍ جذريٍّ إمّا طمعاً بمغانم أو خوفاً من مغارم .
” فاقد الشيء لا يعطيه ” ، و على من كان سبباً في تراجعٍ أن يُحاسَبَ لا أن يُحاسِب ! فالعمل العامُّ تراكميٌّ و الدّولة هرميّةٌ لا قمّة فيها دون قاعدةٍ و العكسُ صحيح .
و كما تقول القاعدة الفقهيّة ” من سعى في ردّ ما تمّ من جهته فسعيه مردودٌ عليه ” ! و عليه لا بُدَّ من الإعادة للإفادة ” لا يحقُّ لمن كان عنصر تأزيمٍ أن يسعى لصنعِ أزمةٍ كان عامِلاً و مُسبِّباً لها ” .
كفى ، أتركوا الوطن يعبُر .‎

التعليقات مغلقة.