صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أبطال من بلدي : معالي الفريق أول المتقاعد طارق علاء الدين

ضباط الجهاز يتمنون رؤية صورة هذا الرجل شخصيا ، وكنا عندما ندخل الى الجهاز في عهده نشعر بالخوف والرهبة ونحن ضباط

بداية لا بد من الإشارة الى أن الدول العظيمة هي التي تكرم أبطالها وهم أحياء ، وتخلدهم بعد الممات ، بتسمية شوارع وقاعات جامعات وحدائق بأسمائهم ، وسأبدأ بكتابة سلسلة مقالات عن أبطال من بلدي من نوع أخر ضباط مخابرات سابقون، عملوا في الظل وبصمت ونكران الذات ، وعملوا بأسماء مستعارة لأنهم لا يبغون الشهرة ، وقدموا الكثير للوطن والقيادة الهاشمية وحافظوا على أمن وإستقرار الوطن خلال خدمتهم، وغالبية أبناء الشعب الأردني لا تعرفهم . وسأبدأ في كل مقال بتغطية بطل من هولاء ممن عملت معهم منذ عام 1986 . وأما الأبطال السابقون فهم معروفون وقد لعبوا دورا سياسيا في الدولة وتقلدوا العديد من المناصب، وأكتفي بذكر أسمائهم : معالي المرحوم محمد رسول الكيلاني (مؤسس الجهاز) ، دولة مضر بدران ، معالي نذير رشيد ، دولة أحمد عبيدات ، معالي رجائي الدجاني ، معالي عدنان ابو عودة ، عطوفة نصوح المجالي وأخرون.
واليوم بطلنا هو الفريق أول المتقاعد طارق علاء الدين حسن طوبال / أبو حسن ( مواليد عام 1935 ، ليسانس حقوق / جامعة القاهرة عام 1960 ، ضابط مخابرات من عام 1962 – 1989، مدير مخابرات من عام 1982- 1989 ، عضو مجلس أعيان عام 1989) ، أحد أبطال الجهاز وهو من عائلة شركسية كريمة مخلصة للوطن وتولى إدارة الجهاز فترة طويلة خلفا لدولة أحمد عبيدات ، هذا الرجل القوي والصامت الذي عمل في الظل ، ولم يظهر في الإعلام، رجل من رجالات الراحل الكبير الحسين بن طلال ، وكان الجهاز في عهده مغلق ومهيوب الجانب داخليا وإقليميا.
وكان ضباط الجهاز يتمنون رؤية صورة هذا الرجل شخصيا ، وكنا عندما ندخل الى الجهاز في عهده نشعر بالخوف والرهبة ونحن ضباط. وفي إحدى زيارات جلالة الحسين الراحل الكبير للجهاز ، وكنت ضابطا صغيرا وحضرت اللقاء، كنا نمعن النظر بهذا الرجل أكثر من جلالة الملك لأن جلالته نشاهده كثيرا على التلفاز ، وقد أشاد جلالة الراحل خلال اللقاء بطارق باشا ذاكرا بأنه يثق بأبو حسن كثيرا وأنه عمل معه منذ الستينات ، وأشاد بما قدمه الباشا للأردن .
هذا الرجل المؤسسي والمحترف والمهني في العمل، الذي عمل مع الضباط الأقوياء في الجهاز، والذي لم يعرف الا مصلحة الأردن ولم يدخل في صراع مع زملائه في العمل ، وصنع قيادات في الجهاز ، ولم يقم بتصفية كفاءات الجهاز والضباط الأقوياء وإحالتهم على التقاعد لأسباب شخصية أو جهوية . وكل الضباط في عهده كانوا يشعرون بالعدالة في الجهاز في كل شئ. كما لم يدخل هذا الرجل في صراع وتنافس مع الحكومات والمؤسسات الأخرى . كان الجهاز في عهده عقل الدولة المركزي بإمتياز .
هذا الرجل النظيف والمتقشف ، حيث كان الجهاز في عهده متقشفا من حيث السيارات ونوعيتها وموديلاتها وأثاث المكاتب والمصاريف ، فلم يعرف المواكب والسيارات الفارهة ، فكانت مخصصة له سيارة أمريكية قديمة مكسورة الزجاج ويقوم بقيادتها بنفسه.
وفي عهد هذا الرجل تم التصدي لكل المؤمرات التي إستهدفت الأمن الوطني الأردني ، حيث سعت عدة جهات لزعزعة إستقرار الدولة الأردنية وعلى رأسها إسرائيل وسوريا والتنظيمات الفلسطينية المتطرفة وحركة فتح وليبيا وإيران والتنظيمات الموالية لها . وتم إحباط مئات العمليات التي إستهدفت مصالح الأردن في الداخل والخارج .
في عهد هذا الرجل الصلب والقوي حاول أحد ضباط مخابرات دولة عظمى، كان يعمل تحت غطاء دبلوماسي في سفارة بلاده في عمان ، تجنيد أحد ضباط سلاح الجو الأردنيين ، فإتخذ الباشا قرارا شجاعا بطرد هذا الدبلوماسي من الأراضي الأردنية خلال 72 ساعة وأعتباره شخصا غير مرغوب فيه ، من خلال وزارة الخارجية . رغم ضغوطات هذه الدولة العظمى على القيادة السياسية في الأردن لإلغاء القرار، وهدد الباشا بتقديم إستقالته إذا لم ينفذ هذا القرار ، وفعلا تم طرد هذا الدبلوماسي .

هذا بطل من أبطال الظل في بلدي يستحق التكريم ،عمل بصمت وخرج بصمت ويعيش بصمت ، فكل الإحترام والتقدير لمعالي الباشا أبو حسن وأطال الله في عمره .

التعليقات مغلقة.